بسام درويش يكتب: الضربات الغربية على سوريا.. ضبط لقواعد اللعبة

بعد فترة طويلة من التردد والإرباك في الموقف الغربي تجاه سوريا.. وفشل مجلس الأمن والمجموعة الدولية في تحقيق أي انجاز ملموس يمكن أن يوحي أن الغرب لاعب وازن في المعادلة السورية.. فمجلس الأمن لم يتمكن حتى من الاتفاق على هدنات إنسانية بسبب الفيتو الروسي المتكرر.. قام الغرب يوم السبت 14 نيسان “ابريل” بتوجيه ضربة موحدة لبعض مواقع النظام السوري كرد على استخدامه المفترض لأسلحة كيمائية محرمة دوليا في مدينة دوما.

وكان لافتا من حجم الضربة وطبيعة أهدافها أنها لم تأت لإحداث تغييرات جوهرية على موازين القوى. كما أنها لم تكن من أجل عيون أطفال دوما أو خان شيخون وغيرها من المناطق التي شهدت مجازر وحشية من قبل النظام. بقدر ما كانت للفت أنظار اللاعبين الاقليمين والدوليين الى ضرورة اخذ مصالح الغرب في سوريا بعين الاعتبار.

ففي كل المعارك التي دارت على الساحة السورية منذ بدء الأزمة السورية التي دخلت عامها الثامن كان للغربيين دور المراقب الأساسي فيها. وقد أدى ذلك الى تراجع دورهم كطرف فاعل في الأزمة السورية، وبدأت محاولات استبعادهم عن التقرير بمستقبل سوريا.

لقد لاحظنا من خلال سير المعارك على الأرض، سواء من معركة “غصن الزيتون” التي شنها الجيش التركي على قوات سوريا الديمقراطية في عفرين وتلويح الأتراك باستمرار المعركة حتى الوصول الى منبج وبالتوازي مع ذلك اطلاق يد روسيا والنظام لحسم معركة الغوطة الشرقية، لاحظنا أن ثمة تفاهما تركيا روسيا على حسم المسألتين، فروسيا كبحت يد النظام عن التدخل في عفرين، وفي المقابل أغمضت تركيا عينيها عما يحدث في الغوطة.

وعلى الصعيد السياسي بدأ مسار جنيف يتراجع، حتى أن اجتماعاته لم تعد تحمل أي جديد ولم تستطع هيئة الأمم المتحدة من خلال منسقها الخاص إحداث أي اختراق جدي في الملفات المطروحة في جنيف. وفي المقابل نجحت روسيا بإيجاد مسار مواز لجنيف رغم نفيها لوجود تعارض بين المسارين، وهو مسار استانة، حيث بدأ يلوح في الأفق تكتل ثلاثي بشأن سوريا يضم بالإضافة الى روسيا كلا من إيران وتركيا.

لقد عقد تكتل استانة الثلاثي لقاء قمة في أنقرة بداية شهر ابريل، وهي القمة الثانية له خلال ستة شهور، حيث عقدت الأولى في سوتشي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. لقد رأى الغرب في قمة أنقرة التي جمعت الرؤساء رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين وحسن روحاني , تحالف وازن لاستبعاد الغرب  عن العملية السياسية في سوريا . لهذا السبب وصف الاعلام الغربي القمة بأنها “التحالف المخيف” و “ثالوث الحرب” و “يدا بيد ضد الغرب”. وقد جاءت تصريحات ترامب حول قرب الانسحاب من سوريا لتزيد المخاوف الغربية من خروجهم من المعادلة السورية صفر اليدين.

أما بالنسبة لترامب والذي جعل إيران عدوه الأول لا يمكن أن يقبل أن تحمل ايران في المنطقة على العكازتين الروسية والتركية، سيما وأن بيان قمة انقرة الثلاثية أعلن عن تمهيد لقمة جديدة في طهران قد تفتح الطريق أمام تحول التفاهم الثلاثي الى حلف شرق أوسطي جديد، وقد يتحول الى رباعي بضم الصين إليه. فكان عليه أن يدخل الى الملعب ويبعثر أوراق القمة، وهنا تقاطعت مصالح كل من فرنسا وبريطانيا وأمريكا وترجم ذلك بتوجيه الضربة لبعض مواقع النظام.

وقد نجحت الضربة في دق إسفين بين أطراف القمة، اذ رحبت أنقرة فيها بينما أدانتها كل من إيران وروسيا مع توعد إيراني بالرد عليها. وكرد فهل على الترحيب التركي بالضربة، سارع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى الطلب من تركيا بتسليم عفرين للنظام السوري، فردت أنقرة على ذلك بأنها لن تتلقى تعليماتها من السيد لافروف، وأضافت أنها ستعيدها الى أهلها عندما يعم السلام في سوريا.

ولعل غياب الموقف العربي الموحد من المسألة السورية سهل للأطراف الخارجية الاستفراد في معالجة الملف السوري وفق مصالحا ورؤاها، وهو أحد الأسباب الرئيسية لإطاله أمد الأزمة السورية وسفك المزيد من دماء السوريين وتعميق معاناتهم الإنسانية. وقد تجلى غياب الموقف العربي الموحد تباين ردود الفعل العربية من الضربة الغربية لسوريا، حيث تراوحت بين الترحيب والترقب والأسف والتنديد، بل ذكرت بعض التقارير الصحفية أن الطائرات الأمريكية التي نفذت الضربة انطلقت من قاعدة العيديد في قطر.

إن ترحيب بعض العرب بهذه الضربة التي كانت لأهداف ومصالح غربية بحتة هو شكل من أشكال الإفلاس السياسي ويشير الى تبعية عمياء للغرب، كما أن التعامل مع الضربة الغربية على أنها عدوان سافر على سيادة سوريا وإغفال النظر عن اعتداءات تكتل استانة هو كمن ينظر الى المشهد بعين واحدة فلا يراه كاملا.

إن الغرب من خلال ضربته العسكرية يحاول أن يضبط قواعد اللعبة من خلال تأمين دور له في رسم مستقبل سوريا، بينما يكتفي العرب بدور المصفق والمندد لما يجري مع دفع أثمان باهظة لهذا الدور الذي في المحصلة النهائية هو وصفة أكيدة لتغييب الفعل العربي.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]