عقب إعلان زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي، دولة الخلافة الإسلامية، المزعومة، بالعراق في الـ 29 من يونيو /حزيران عام 2014، سارعت بعض الجماعات المتشددة لإعلان مبايعتها له واعتبار نفسها ولايات تابعة للتنظيم.
وقد صحب إعلان الخلافة زخم إعلامي كبير، لا سيما مع ما أحرزه “داعش” من تقدم عسكري ملحوظ في البداية، في كل من سوريا والعراق، ومع ما ظهر به من هالة إعلامية كبيرة تمثلت في شراسته في التعامل مع مخالفيه، دفع الكثير من هذه الجماعات حول العالم، لإعلان مبايعتها للخليفة المزعوم، ولعل الظهور الأبرز والمبايعات الأكثر حضوراً تلك التي وقعت في قارة آسيا، وتحديداً في دول الجنوب الشرقي، ما أهّل هذه الدول لأن تصبح كل منها، لاحقا، دولة بديلة لإعلان الخلافة.
لماذا آسيا؟
في الوقت الذي يتمدد فيه تنظيم القاعدة في دول أفريقيا، نظرًا للفترة التي قضاها الزعيم السابق أسامة بن لادن في السودان، حيث وضع بذور العديد من المعسكرات في الصومال وكينيا وتنزانيا وغيرها، وفي ظل الخسائر المتتالية التي لحقت بـ”داعش” في العراق وسوريا وتراجع نفوذه والمناطق التي كان يحكم سيطرته عليها، ولم يتبقى أمامه إلا بعض المناطق الصغيرة، خصوصا بعد تراجعه في سوريا واقتراب قوات النظام من معقل التنظيم في الرقة، بات البحث عن أماكن بديلة وآمنة، مطلبا حتميا، إضافة إلى السعي لإيجاد مكان بديل لإقامة خلافته المزعومة بعد فشله في إقامتها على أرض العراق والشام.
وبحسب رؤية التنظيم، فإن أنسب المناطق لإقامة دولة الخلافة البديلة يتمثل في دول شرق آسيا؛ ماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة، كون مقاتلين كثر من هذه الدول انضموا لـ”داعش” وبايعوا البغدادي أميرًا للمؤمنين، وكذلك وجود جماعات ذات طابع متشدد في هذه الدول، لديها القابلية للاندماج والعمل المشترك مع داعش، فمن الوارد أن تستضيف هذه الجماعات الفلول الهاربة من تنظيم داعش في العراق وسوريا على أراضيها.
ومن ثم تسعى الولايات المتحدة، لمنع انتشار داعش في القارة الآسيوية لذا فإنها تقدم المساعدات لهذه الدول وتتبادل معها المعلومات الاستخباراتية للحد من انتشار التنظيم الإرهابي .
وقد مثل المقاتلون الآسيويون في صفوف داعش، عددا لا يستهان به، حيث قدّر ممثل مكتب الأمم المتحدة لمعالجة المخدرات والجريمة في جنوب شرق آسيا جيريمي دوجلاس، أن قرابة 516 إندونيسيا و100 فلبيني و100 ماليزي يقاتلون الآن في سوريا والعراق، وقد تشكل هذه الأعداد خطرا كبيراً إذا عادت إلى بلادها قياسا على ما حدث في وقت سابق بعد انتهاء الحرب الأفغانية مع السوفيت وعاد المقاتلون إلى بلادهم ليشكلوا بعد ذلك نواة لتنظيمات مسلحة مدربة على القيام بعمليات عسكرية بالغة الدقة والمهارة، مع القدرة على تصنيع المتفجرات والألغام وخوض حرب الشوارع.
بدأ عدد من التنظيمات المسلحة إعلان البيعة لتنظيم داعش الإرهابي عقب إعلان البغدادي الخلافة الإسلامية، منها، جماعة أبو سياف في الفلبين، التي أعلنت مبايعتها للتنظيم في 25 يوليو/تموز 2014، وفي 30 سبتمبر/أيلول من نفس العام أعلنت جماعة أبطال الجسر الإسلامي بخراسان، مبايعة البغدادي وفي 25 من الشهر نفسه أعلنت الحركة الإسلامية بأوزباكستان البيعة، وفي 1 يوليو/تموز أعلن جيش الصحابة بشرق سوريا المبايعة.
وفي 29 أكتوبر/تشرين الأول أعلنت كتيبة الإمام البخاري في سوريا البيعة للبغدادي، في الوقت الذي أعلنت فيه جماعة أنصار دولة الخلافة باليمن البيعة في سبتمبر/أيلول.
جماعة أبو سياف
موطن هذه الجماعة في جنوب دولة الفلبين وأعلنت مبايعة للبغدادي في 25 يوليو/تموز 2014، عندما ظهر زعيم هذه الجماعة أسنيلون هابيلو، في تسجيل فيديو وأعلن مبايعته لزعيم داعش بهدف إقامة ولاية إسلامية غرب جزيرة ميندانا.
وتعد هذه الجماعة من أكثر التنظيمات الإرهابية دموية وشراسة، على الرغم من صغر حجمها، خصوصًا بعد انشقاقها عن جبهة التحرير الوطنية بالفلبين “مورو” عام 1991، بعد توقيع الجبهة اتفاقية مع الحكومة الفلبينية وقت كان يتزعمها عبد الرزاق أبو بكر جنجلاني، الذي قتل خلال صدام مع الشرطة الفلبينية في 18 ديسمبر/كانون الأول عام 1998.
وبدأ عمل هذه الجماعة من خلال الاحتكاك بالمقاتلين العرب إبان الحرب الأفغانية ضد الاتحاد السوفيتي، والذين يتمركزون في جزر باسيلان، وسولو، وتاوي تاوي في أقصى الجزء الجنوبي للفلبين، ويمتد نشاطهم أحيانا إلى مانيلا.
أنصار الخلافة
تتمركز هذه الجماعة أيضا في جنوب الفلبين وأعلنت البيعة لـ”داعش” في 14 أغسطس/آب 2014، وقتل زعيمها جعفر مجيد، مطلع العام الجاري، بعد اشتباك مع الشرطة، وتشير تقارير إلى أن الحركة نشأت في 4 يوليو/تموز 2014، على يد محمد علي تامباكو، وعثمان باسط عثمان المتخصص في صنع القنابل بالحركة.
أنصار التوحيد
تتمركز هذه الحركة في الهند وأعلنت مبايعتها للبغدادي في 3 أكتوبر/تشرين الأول عام 2014، وتحمل أفكارًا ذات طابع متشدد، دعت إلى شن هجمات علي غير المسلمين، عقب الغارات التي شنها التحالف الدولي ضد داعش في العراق.
وظهر زعيم الحركة والملقب بـ”مولانا عبد الرحمن الندوي” في تسجيل فيديو يقول فيه “إذا كنت في موضع يسمح لك بقتل أمريكي أو أوروبي، سواءً كان فرنسياً أو أسترالياً أو كندياً أو غيرهم من الكافرين الذين أعلنوا الحرب على داعش فافعل”، بحسب قوله .
شبكة مجاهدي شرق
ويطلق عليها أيضا “مجاهدي تيمور”، وهي من الجماعات المتشددة فكرياً وموطنها في جبال جزيرة سولويزي بشرق إندونيسيا، أعلنت مبايعتها للبغدادي في 1 يوليو/تموز 2014، بعد أن ظهر زعيم الحركة سانتوسو وأعلن أن البغدادي هو خليفة المسلمين، وأن حركته تدين له بالولاء والطاعة .
جماعة تحريك الخلافة
في 9 يوليو/تموز 2014 أعلنت جماعة تحريك الخلافة في باكستان مبايعة داعش، وقالت، في بيان، “نحن ندعو الله أن يعطينا الفرصة في حياتنا لرؤية توسيع حدود الدولة الإسلامية نحو شبه القارة ومنطقة خراسان، من أجل رفع راية الدولة الإسلامية هنا”، وأعلنت بعد ذلك تبنيها لعدد من العمليات والتفجيرات في مدينة كراتشي الباكستانية.
جماعة أنصار الإسلام
علي الرغم من وجود هذه الجماعة بالعراق موطن دولة البغدادي، إلا أن مبايعتها للتنظيم جاءت متأخرة بعض الشيء عن مثيلاتها من الدول الآسيوية، ففي 8 يناير/كانون الثاني 2015، قررت جماعة أنصار الإسلام في شمال العراق، مبايعة البغدادي بعد فترة طويلة من الصراع المسلح بينهما حول النفوذ والموارد والتبعية حتة أذعنت مؤخرا وبايعت البغدادي .
جماعة مجاهدي ماليزيا
في يونيو/حزيران 2016 أعلن محمد رفيع الدين القيادي بجماعة مجاهدي ماليزيا، تأسيس ولاية ماليزيا ومبايعة داعش، ودعا المسلمين هناك إلى الانضمام إليه، ودعاهم إلى قتل غير المسلمين بكل الوسائل المتاحة.
وقد استطاع رفيع الدين، خلال مكوثه في العراق، تجنيد عدد من الماليزيين للانضمام لصفوف ولايته، والقيام ببعض العمليات الإرهابية ولعل أشهرها ما قام به أحد أبرز أعضائها محمد واندي بتفجير كافتيريا موقادا في بوشونج أواخر يونيو/حزيران 2016، وفي 15 يوليو/تموز من نفس العام تم اعتقال 15 عضوا بالتنظيم بتهمة تدبير عملية لاغتيال سري نجيب عبد الرازق .
تنظيم ولاية صبّاح
مع مطلع العام الجاري، أعلنت الشرطة الماليزية، اعتقال خلية أخرى جديدة تابعة لداعش، كانت تخطط لجعل ولاية “صباح” مركزا لنقل الإرهابيين إلى الفلبين للانضمام إلى مجموعة أخرى، ونقلت وكالة أنباء “برناما” الماليزية، عن المفتش العام للشرطة الماليزية خالد أبو بكر، قوله، إن “الشرطة الماليزية تمكنت خلال عملية خاصة استغرقت أسبوعًا في العاصمة كوالالمبور ومدينة كوتا كينابالو مركز ولاية صباح في الشمال الشرقي من ماليزيا، من اعتقال أربعة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 13 و19 عامًا بتهمة انتمائهم لتنظيم داعش والتجهيز للقيام بعمليات إرهابية جماعية وأخرى بشكل فردي .
لواء أحرار السنة
في 30 يونيو/حزيران 2014، أعلن لواء أحرار السنة في بعلبك بلبنان عبر “تويتر” مبايعته لتنظيم داعش، محذرا في ذات الوقت جبهة النصرة التي كانت تدين بالولاء للقاعدة من نقل الخلافة إلى لبنان وإيجاد موضع قدم لها هناك، وهدد اللواء في رسالته، حزب الله في الجنوب اللبناني بشن عمليات مسلحة ضده، أعلن بعدها تبنيه لاغتيال القيادي في حزب الله حسان اللقيس، أمام منزله في منطقة السان تيريز، إلا أن جبهة النصرة في لبنان، عادت وتبنت هي العملية .
جند الله
في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 أعلنت جماعة “جند الله” الباكستانية المنشقة عن حركة طالبان، مبايعة “داعش”، وذلك عقب لقاء القيادي بالجماعة فهاد مروات، ثلاثة من داعش على رأسهم الزبير الكويتي، وسبق اللقاء بث مقطع فيديو لـ5 من قادة طالبان باكستان تعهدوا فيه بالولاء لداعش .
جماعة مجاهدي اليمن
في 10 نوفمبر/ 2014 أعلنت جماعة مجاهدي اليمن، مبايعتها لتنظيم داعش، عبر تسجيل صوتي بعنوان “البيعة اليمانية للدولة الإسلامية”، وأعلن المتحدث في التسجيل الصوتي، أنه طاعة لأمر الله ورسوله بعدم التفرق ولزوم الجماعة، نعلن مبايعة الخليفة إبراهيم بن عواد بن إبراهيم القرشي الحسيني “أبوبكر البغدادي” على السمع والطاعة في العسر واليسر وفي المنشط والمكره، وألا ننازع الأمر أهله إلا أن نرى كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان، داعياً المسلمين في كل مكان لمبايعة البغدادي، مضيفًا “أؤمرنا يا خليفة المسلمين بما شئت، فإننا أهل المدد والنصرة، وإنا لجيشك في اليمن ولعل الله يسمعك عنا ما تقر به عينك”.
أنصار داعش في أرض الحرمين
في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، ظهرت مجموعة من أنصار داعش في مقطع فيديو، أثناء تنفيذ عملية إطلاق نار على وافد دنماركي في السعودية، وتضمن التسجيل كلمات للبغدادي وأبو محمد العدناني المتحدث السابق باسم داعش، يحثان مواطني المملكة على قتل رعايا الدول الأجنبية المشاركة في الحرب ضد داعش .
