فيما وصف بأنه «انتكاسة للمساعي التركية باتجاه المصالحة مع إسرائيل»، ربما تغلق الأبواب إلى أجل غير مسمى أمام التحرك التركي لعودة العلاقات الاستراتيجية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، أكد مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية، أن تركيا تدعم «داعش» ماديا وبشريا، من خلال بوابة بيع النفط المهرب من سوريا والعراق، وتسهيل مرور العناصر الإرهابية الأجنبية إلى قواعد التنظيم.
وكشفت إسرائيل صراحة، على لسان وزير دفاعها، موشي يعلون، أن تركيا أغدقت على تنظيم داعش بالأموال، مقابل الحصول على النفط الذي يتم تهريبه بمساعدة تركية، نقلا وشراء وتصديرا.
وقال يعلون، وفقا لنص باللغة اليونانية وزعته وزارة الدفاع الإسرائيلية، إن تركيا سمحت للجهاديين بالسفر من أوروبا إلى سوريا والعراق والعودة ضمن شبكة داعش الإرهابية، وآمل أن يتوقف هذا.
وأضاف يعلون، عقب اجتماع مع نظيره اليوناني بانوس كامينوس في أثينا أمس، الثلاثاء، «كما تعلمون فإن داعش نعمت بالأموال التركية مقابل النفط لفترة طويلة جدا، آمل أن ينتهي هذا أيضا».
وتزامنت تصريحات يعلون مع تقرير المركز الإسرائيلي للدراسات الأمنية، وتضمن معلومات نسبت إلى مصادر أمنية، وصفها التقرير بأنها «مصادر عليمة»، تناولت خط سير شاحنات النفط المهرب إلى تركيا، والكميات التقريبية شهريا، والمبالغ التي حصل عليها تنظيم داعش عبر وسائط تركية «سرية».
وشكك الوزير الإسرائيلي في التحرك التركي لمواجهة الإرهاب، قائلا: يرجع إلى تركيا ولحكومتها وقيادتها مسألة اتخاذ قرار بالانضمام إلى أي تعاون لمحاربة الإرهاب، و«لكن الأمر ليس كذلك حتى الآن».
وبينما تنفي تركيا السماح لتنظيم داعش بتهريب النفط عبر أراضيها، اتهمت روسيا الحكومة التركية وأسرة الرئيس رجب طيب أردوغان بالتواطؤ مع داعش لتهريب النفط، وجزء من الثمن مقابل تهريب مسلحين جهاديين عبر تركيا إلى سوريا للحاق بتنظيم داعش، وبجوازت سفر مزورة.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مارك تونر، أن التنظيم يبيع الخام إلى وسطاء ضالعين بدورهم في عمليات تهريب للنفط عبر الحدود إلى تركيا.
ويؤكد المحلل السياسي الفلسطيني، محمد كعوش، أن تصريحات يعلون ستعترض التقارب المحتمل بين أنقرة وتل أبيب، حيث تكابد حكومة العدالة والتنمية في تركيا لإثبات عدم وجود أي صلات مع تنظيم داعش.
وقال كعوش، في تصريح للموقع الإلكتروني لقناة «الغد»، حينما تأتي الاتهامات من مسؤول عسكري إسرائيلي، بوزن وزير الدفاع يعلون، فإن التصريحات تحمل إشارات عديدة تتجاهل تماما المساعي التركية الحثيثة للمصالحة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وأشار إلى أن أخطر ما ورد على لسان يعلون هو ما تعلق بسماح الأتراك للجهاديين بالسفر من أوروبا إلى سوريا والعراق والعودة ضمن شبكة تنظيم داعش، بينما تسعى أنقرة لتقارب أكبر مع الاتحاد الأوروبي ضمن جهود إحياء مفاوضات الانضمام إليه، ومن المتوقع أن يدرس الاتحاد الأوروبي جيدا تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، بعد أن طالب في أكثر من مناسبة تركيا ببذل المزيد من الجهود في إطار مكافحة الإرهاب.
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، في تصريحاته للغد، أن الاتهامات الإسرائيلية تمثل صدمة قاسية للرئيس التركي، أولا لأنها صدرت من يعلون في اليونان، وهي العدو اللدود لتركيا، وثانيا لأنها توصد الباب أمام ما كان متوقعا من الجانب التركي ببدء «مصالحة إيجابية» مع إسرائيل، وثالثا: أنه من المتوقع تعترض هذه الاتهامات أيضا المساعي التركية للانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي، الذي تعاني دوله من تهديدات تنظيم داعش الإرهابي.
