أكرم عطاالله يكتب : قمة الميت لاحياء الميت….!!

 

قمة الميت لاحياء الميت….!!

 

قبل سبع سنوات عقدت قمة عربية في ليبيا بمدينة سرت الساحلية ولأن بيانات القمم العربية متشابهة اخترت يومها عنواناً لمقالي “القمة العربية مكانك سرت” دوماً أختار عناوين ساخرة عندما يتعلق الأمر بلفاءات الزعماء العرب ليس فقط لأنني أعتبر القمة العربية أصبحت في السنوات الأخيرة مدعاة للحزن لما وصل اليه العرب بل ولأن الحس الشعبي الأكثر صدقاً بات يتعامل مع القمم بكثير من التندر والسخرية ممزوجة بالألم وخصوصاً لدى المواطن الفلسطيني الذي يتم التنكيل به يومياً على مسمع ومرأى من العرب جميعاً.

بقلم ـ أكرم عطاالله

علينا الاعتراف أن مؤسسة القمة العربية هي خلاصة الأمة العربية التي تشهد تراجعاً على كل المستويات وأنها تمثل الدول العربية التي يتناقص وزنها مع مرور السنوات ومع التغيرات في اعادة توزيع القوة على مستوى العالم،  يشهد العالم العربي تآكلاً خطيراً لممكنات قوته دول تصعد ونحن نهبط،  دول تزداد قوة ونحن نزداد  ضعفاً دول تتقدم ونحن يتحرك التاريخ أمامنا دون أن نحاول اللحاق به،  دول تبني ونحن نهدم أجمل المدن،  دول تبني مجدها ونحن نهدم كل أمجادنا القديمة.

القمة هي تجسيد لهذا الواقع الضعيف وهي تمثل مجموعة الضعفاء الذين يمثلون دولاً مطعونة في خاصرتها وأخرى أصيبت بانحناءة في عمودها الفقري وثالثة تقطعت شرايينها فأصيبت بنزيف مزمن وغيرها تاهت بوصلتها وأصيبت بعمى ولم تعد تميز بين أصدقائها و أعدائها،  خصوم لم يتوقفوا عن طعن بعضهم يأتون محملين بالكراهية في هذا المناخ الدامي يبحثون في نهضة العرب والتعاون العربي…!

القمم متشابهة والخطابات متشابهة ومع الزمن أصبح الحاضرون يشبهون بعضهم كما رسومات ناجي العلي لكن الذي يتغير هو الزمان والمكان ولم تعد كل الأماكن تتسع لقد اعتذر اليمن هذه المرة لأن أرضه مفروشة بالدم فلم يعد يليق بأبهات تنام على الحرير فيما الشعوب تفترش الأشواك وفوارغ الرصاص ولم يعد الأمن العربي آمناً وبات مكشوفاً يبحث له عن أغطية في عواصم تسببت مبكراً في عريه.

بدأت القمة العربية الأولى باتفاق الدفاع المشترك كلها ضد أي عدوان على أية دولة وضاعت فلسطين ثم تبعها ما تبقى وصولاً لقمة الخرطوم وما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة مروراً بحل الدولتين هبوطاً للمبادرة العربية ونزولاً عند تبادلية الأراضي ولازال الخط البياني الهابط يسير بشكل مستقيم دون تعرجات حتى وفي كل مرة كان السقف العربي ينحدر حد الاستجداء متوسلاً أو متسولاً.

لن تبحث القمة العربية سوقاً مشتركاً ولا عملة واحدة ولا مروراً حراً للعرب بين دولها لأن بلاد العرب  لم تعد أوطان أصحابها فالعربي يتم التنكيل به في المطارات والمعابر وتجربة الفلسطيني هي الأشد مضاضة أما أهل غزة فتلك الرواية الأكثر بؤساً لهؤلاء المعذبين والمطرودين من رحمة اخوانهم الذين سيجتمعون على مرمى حجر من قدس تهودت قال فيها وفيهم الشاعر العراقي مظفر النواب كلاماً لا يقال.

ماذا ستبحث القمة ومن أين تبدأ وأين تنتهي وسط هذا الدمار والحقد الموزع بين العواصم؟ كيف سيواجه أحدهم زميلاً سخر ما يملك من قوة وعتاد لتدميره؟  كيف سيقف عرباً دفعوا للسلاح والدمار ضعاف ما دفعوه من مساعدات؟  كيف سيقابل حاكماً زعيماً آخر تضرب طائرات الأول وطن لثاني؟  أي مشهد ساخر سيكون لهذه القمة كان القذافي ممثل مسرحها الوحيد فيها تحولوا كلهم الى ممثلين وأقنعة وبأدوار رديئة؟

الجسد العربي مثخن بالجراح حد الموت وقد يليق بهذه القمة أن تعقد في البحر الميت ليكتمل المشهد الساخر هل سيحاولون احياء الجسد الميت في البحر الميت؟ للأماكن نصيب من التاريخ وللأشخاص نصيب من تلك الأماكن والمصادفات ،والقدر عندما يخرج لسانه ساخراً من واقع مدعاة للسخرية،  عام 1980 اتخذت القمة العربية قراراً بالاجماع بقطع العلاقات الدبلوماسية مع أية دولة تقوم بنقل سفارتها الى القدس،  بيان القمة التي تعقد اليوم سيقتصر على دعوة الدول لعدم نقل سفاراتها، الأمر يتعلق بالولايات المتحدة هذه المرة.

ماذا لو توقفت هذه القمم؟  ولماذا ظلت تعقد؟ أتذكرون القمة التي شرعنت تدمير العراق وكيف اتخذ القرار؟  وكيف حوصرت دول أعضاء فيها دون أن يستطيع أي من الزعماء كسر الحصار؟  الشعوب العربية من حقها أن تسأل عن  جدوى هذه القمم ولكن هذه الاجتماعات هي انعكاس حقيقي لواقع أخذ بالانحدار أكثر،  قمة الميت ولكن ليس البحر وحده هذه المرة بل زائره الكبير..!!

 

 

Atallah.akram@hotmail.com

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]