إطار جديد تتبناه المؤسسات الدينية، في سبيل إحكام السيطرة على مجال الدعوة، والعمل علي تمركزه داخل المؤسسات الدينية الرسمية فقط، وبعد تقنين وضع خطباء المنابرمن قبل وزارة الأوقاف، بدأ العمل في زاوية أخرى تتمثل في النساء ودعوتهن.
فبعد النجاح الذي حققته بعض الداعيات الإسلاميات، غير المنتميات للمؤسسات الدينية الرسمية، وانتماء البعض منهن لعدد من الجماعات والتنظيمات، الأمر الذي اعتبرته المؤسسات الدينية الرسمية المتمثلة في الأزهر ووزارة الأوقاف، وسيلة لنشر بعض الأفكار ذات الطابع المتشدد.
وبدأت المؤسستان الدينيتان بإعداد بعض الداعيات والواعظات من خريجات الأزهر للعمل في مجال الدعوة بعد تدريبهن وتوزيعهن علي المساجد وقطاع مصلحة السجون بين السجينات وفي دور الأيتام والمسنين والمدارس والجمعيات الخيرية، والنوادي، والواحدات الصحية، وبعد صلاة الجمعة للنساء وذلك بعد خروج الإمام من المسجد وغيرها من الأماكن التي تجتمع فيها النساء.
لم تكن تجربة الواعظات وليدة اللحظة فقد سبق وقام وزير الأوقاف الأسبق الدكتور محمود حمدى زقزوق بتعيين 49 واعظة والدفع بهن في المساجد للقيام بدورهن الدعوي، بغرض رفع الحرج عن النساء في السؤال عن الأمور التي تخصهن ويتحرجن من سؤال الرجال عليها.
الأزهر قام بتعيين 165 واعظة للعمل في المجال الدعوي، كما قام بجلب 140 واعظة من مختلف المحافظات، في دورة تدريبية تناولت موضوعات، زي المرأة المسلمة وفتاوي النساء، تأويل النصوص بين السلف والخلف، ضوابط فهم النصوص القرآنية، المعاملات المالية المعاصرة ، المنهج الأزهري، صفات الخبيرة، قضايا المرأة ، مهارات دعوية ، العطاء الحضاري، لغة الداعية، مهارات لغوية، التكفير والغلو والتطرف.
مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف نظم دورة تدريبية مكثفة لـ “واعظات الأزهر” في مختلف التخصصات الشرعية بمدينة البعوث الإسلامية مع توفير المجمع لهن المكتبات الإسلامية التي تساعدهم علي أداء مهامهم ومنها على سبيل المثال تفسير الدكتورمحمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق، وصحيح البخاري وبعض الكتب المتنوعه لعلماء في الأزهر الشريف.
الدكتور محيي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية أوضح في تصريحات له أن تأهيل وتدريب واعظات الأزهر الشريف اللائي تم تعيينهن مؤخراً؛ يستهدف مناقشة قضايا المرأة ونظرة المجتمع إليها، وبيان مكانتها وأنها شريك أساسي في بناء الأسرة والمجتمع، وإعداد الأجيال الصالحة، وبيان معالم المنهج الأزهري في الوسطية والاعتدال وأهمية احترام المرأة والاعتراف بقدرتها على العطاء والتميز في شتى المجالات.
أوضح عفيفي أن الدورة أيضاً يحاضر فيها كبار علماء الأزهر الشريف وشباب العلماء كل في تخصصه وتناقش العديد من القضايا المعاصرة التي تلامس حياة الناس وواقعهم، حيث أن الواعظات يمثلن عنصراً دعوياً مهمًا خاصة في هذا التوقيت الذي يعاني فيه المجتمع بمختلف أفراده ومكوناته من تحديات تحتاج إلى إعداد الكوادر النسائية من الواعظات اللاتي يتسمن بسعة الأفق والبعد عن التعصب، وذلك لتبصير الناس بحقيقة هذا الدين.
وزارة الأوقاف بدورها أعدت 400 واعظة للعمل الدعوي، قامت بتعيين 200 منهم مؤخراً، وأكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، في بيان صادر عنه، أن الوزارة سوف توقف من خلال عمل الواعظات محاولات التسلل لمصليات النساء بالمساجد، والوقوف بقوة لعدم اختراقها العمل الدعوى النسائى وأن الواعظات سيتضاعف عددهن خلال الشهور المقبلة.
وشهدت الأيام الماضية لقاء عقد بمسجد النور بالعباسية بين وزير الأوقاف والداعيات والواعظات الجدد، وتم خلاله تسليمهن “كارنيهات الوعظ “عقب صدورها من قبل المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وناقش معهن آلية العمل وأولوياته، فى المرحلة الراهنة.
وقام الوزير بتكليف الشيخ أحمد تركى مديرعام التدريب بالوزارة بإعداد برنامج مكثف لهن حول أهم القضايا المعاصرة وتصحيح المفاهيم الخاطئة للواعظات، وكيفية تناول قضايا النساء وأشهر المسائل الخاصة بهن، وكيفية إدارة الأنشطة الدعوية النسائية فى المساجد.
لكن وزارة الأوقاف أحكمت السيطرة على من تم تعيينهن بداية من هذا العام، ومنعتهن من التواصل مع الإعلام أو الظهور في أي وسيلة إعلامية إلا بموافقة مدير مكتب الوزير نفسه.
الأمر الذي بدوره أغضب بعض الواعظات و أعتبرنه يقلل منهن، فكيف يؤتمن على تعليم الناس دينهن في ذات الوقت الذي ترى فيه الوزارة أنهن لا يستطعن التعامل مع وسائل الإعلام المختلفة معتبرين أن في الأمر تناقض شديد وواضح كون الوزارة تعتبرهن ناقصات الأهلية وغير جديرات بالظهور والتحدث للإعلام.
ثمة أمر أخر ترى الداعيات يعيق عمل الداعيات الرسميات ليقمن بدورهن المنشود في مواجهة الداعيات التابعات للتيارات الإسلامية، بعد التضييق عليهن في التواصل مع الإعلام ومع الناس وهو جعل كل ما يخصهن بدلاً من التعامل مع رئيس القطاع الديني بالوزارة يتم التعامل مع مدير مكتب الوزير، وهو ما أعتبرنه، مخالف لكل المتعارف عليه، كما أن الدرجات المالية المقررة لهن تكاد لا تكفي لضروريات الحياة حتى يتفرغن لعملهن الدعوي.
مشكلة أخرى تقابل الواعظات وتتمثل في الأفكار المتشددة التي اعتنقتها بعض السيدات في التيار السلفي والإخوان وبدأوا يهاجمون الواعظات، ويردون عليهن، كما تقبال الواعظات عقبة تتمثل فيما كان يقوله بعض شيوخ الفضائيات خلال أعوام كثيرة مضت، ولصقت في عقول الكثير من النساء لاسيما وأنهن يستمعن إلي القنوات الفضائية في بيوتهن.
وأكدت بعض الداعيات أن عدد الواعظات لا يكفي على أرض الواقع لكن قد يكفي إذا وفرت الدولة مساحات لهن في القنوات الفضائية بحيث يصل صوت الواعظة إلى كل بيت في الدولة.
