تحالف براد بيت وماريون كوتيار.. علاقات لا تدوم

في أوقات كهذه يشعر المرء بأنه على وشك الانتحار. فيبحث عن الموت قبل أن يجده الموت. لم يكن خيارها بين حياة أوموت، أكثر من كونه خيار بين موت يتحكم به المرء وبين موت مفاجئ. الفرنسيون لديهم مقولة «مصير الزجاج هو الكسر» وهذا ما واجهته النجمة الفرنسية ماريون كوتيار، التي ظهرت كجاسوسة في فيلم Allied. إذ تواجه حياة قاسية أصبتها بالسأم، فتركت نفسها لمصيرها الذي طال انتظاره، بعدما بدأ الماضي يتسرب إلى الحاضر، ولم تجد من يعفو عنها أو يقول: عفا الله عما سلف.

allied

إننا في الأربعينيات، أي للتفاصيل خيوط تنسجها: الصورة، الحب، الملابس، حتى اللانجيرى. وقلة هي التي تهتم بجمالية المشهد، المتفرج ما عاد يحتمل أحوالا ضاغطة من دون كياسة ولين فني. لم أكن من أشد المعجبين بالمخرج روبرت زيميكس، والآن صرت، لفرط تأثره بـ Italian Neorealism أو الواقعية الجديدة للسينما الإيطالية والفرنسية في الأربعينيات، أعانه على مزجهما طبيعة الدار البيضاء لتميزها بجمال الجنوب الفرنسي والإيطالي.

ماريان بوسجور (ماريون كوتيار) محاربة من المقاومة الفرنسية وجاسوسة نازية أرسلت لقتل مسؤول ألماني مهم، وماكس فاتان (براد بيت) ضابط استخبارات كندي يهوى من السماء في الصحراء المغربية ببراشوت، تم إرساله لمساعدتها، ويتفقان أن يتظاهرا بالحب، في مهمة صعبة خلف خطوط العدو بالدار البيضاء عام 1942 في ظل اشتعال الحرب العالمية الثانية.

161136709_16f985

كأته يتعين على المرء أحيانا الاحتفاظ ببعض الأسرار، ليتمتع بالوقت المتبقي لديه، ولدى بوسجور الكثير منها، فلم تخبر زوجها بأنها جاسوسة، أحبت وتزوجت وأنجبت، ثم انتحرت. حبهما الصوري لا يخشى النضوج، ولا يكتفي بمغامراته، فتحول حقيقة وتزوجا، ليثبتا بطلان مقولة أن علاقات الميادين لا تدوم والجنس فيها هو المحرك الأساسي. سيناريو بسط مفهوم الحب وأبعد تابوهات أخلاقية محرمة متعلقة ببُعده، وكله بفضل فصل اقتران الفعل الخاطئ وانعدام الحيلة؛ كجاسوسية كانت أو حتى في ممارسة الحب الذي يصل بعضها إلى الفجور.

بأدائها المتملك، أضافت ماريون كوتيار «إيروسية» على الفيلم بإتاحة مجال لمشاهد جنسية، وقدمت صورة أعمق عن التحول من الجبروت للهشاشة، وبراد بيت بالعبوس على وجهه، شروده يوجه أفكاره في أي مكان آخر، يبحث عن أجوبة أو حتى باب الخروج، وكأن المرء معاقب بالذات والآخر والسياسة، ومرارة أسى رحيل يحسمه الوجودفي لمحة بصر. ورسالة الفيلم وحدها تجعله منطقي التفكير رغم دمويتها.

allied-teaser-trailer

صوّر زيميكس فيلماً ذا إيقاع ديناميكي بالاتيان بصورة سينمائية جذابة عن فاجعة إنسانية، ينطوي على مواقف هزلية رغم مأسوية الوضع. حلفاء العالم يعيشون في خضم حرب، والناس لا يخشون الموت ولا ممارسة الأدب المكشوف والخطيئة والعشق حتى نقس الحرب الأخير، ظهر للعيان منتوج بصري سائغا، فاتحاً للشهية ويضمن الحد الأدنى سينمائيا.

زيميكس يريدنا أن نعتقد أن الألمان أغبياء جدا ليقبلوا بـبراد بيت كباريسي بلكنة مونتريال (وهي كبرى مدن العالم المتحدثة بالفرنسية بعد باريس)، وأنه لا يمكنهم العثور على فرنسي حقيقي يجندوه من المقاومة الفرنسية للقيام بهذه المهمة؟. سردية مفتعلة لتوظيف الفن في خدمة الخلاف السياسي.

ورغم خطورة موضوع يعتمد على الجاسوسية يتأرجح بين سياسي وإنساني، إلا أن للفيلم إيقاع يلائم تواتر ماريان؛ مشاكلها تحدث دفعة واحدة وكلها تتساوى من حيث ضرورة الإلحاح في حلها، مهيجا أسئلة حول تحقيق العدالة من خلال العنف، هل سيعيش ماكس هو إلى الأبد بهاجس الشك وهي تعيش بالخوف من خسارته؟. مثل وقوع البلاء ولا انتظاره؟. جاسوسة رائحتها فاحت وقريبا سينجذب الذباب، فالموت مؤجل لا فكاك منه، فما الذي يجعله يُنتظر. واستخبارات تأمر زوجها بقتلها، وإن خشى التنفيذ فيكتب عند الاستخبارات متهاون، فتصفّيهما الاستخبارات على حد سواء.

يشعر المشاهد وكأن ماريان لم تمثل الأمومة بل أم، تماما كما لم تمثل عذاب فراق الأحبة، فودعت طفلتهما ومالت إلي زوجها لتستودعه بـأحبك وتوصيه برضيعتهما، وحملت المسدس، والظن هنا أنها ستعلنها (عليِّ وعلى أعدائي)، فراح الجنود يرمقونها باستغراب تجاهلت نظراتهم، ورفعت ذقنها في وضعية أسير حرب آبى. اضطر لتسليم سلاحه لكنه بالتأكيد لم يسلم كرامته، ووجهت المسدس نحو ذقنها المرفوع وحلقت بعيار في حلقها.

brad-e-marion

لم يكتف الفيلم بالتلميح عن ارتباط الدراما بالسياسة، فلحظة دخولها المستشفى لوضع طفلتهما، كان هنا طرح درامي مباشر يعبر عن أوجاع الإنسانية على الأرض وقت الاجتياح، أطفال على الأسرة وأرواح تحلق في السماء، وأمام تلك الأهوال الآدمية، لا يليق المحاسبة على النيات.

أتت النهاية وفق سذاجات درامية، استسهال صنع النهاية (الانتحار) غير محبب. العظمة في النشوز والجموح. نهاية تنطوي على ظلم لبطلة متمردة تتحدى عرف زمانها طائشة كالعيارالذي أطلقته نحوها، وكأنها حتما بداية سريعة لنهايتها.

علم الجميع تقريبا أن المخرج لن يكون قادرا على ابتداع نهاية مختلفة، ومن الواضح بشكل سافر أنه لا يوجد سوى اثنين من النهايات الممكنة، اختار الباب رقم 1 أو الباب 2. لا يوجد في هذا دراما حقيقية، فهذا أشبه بالفضول الخفيف. نهاية عادية لم تحمل لحظة إبهار.

allied_teaser_trailer_2016_paramount_pictures_screen_shot_0

ثمة فكرة هنا في Allied تجعل الفيلم جديرا بالمشاهدة رغم كون فكرته مستهلكة. لسنين، شاهدنا أفلاما تتخذ من الوقائع التاريخية للحرب العالمية الثانية خطوطا عريضة تدور في قلبها الأحداث وتتصاعد ضمنها الحبكة الدرامية، فبيئة الأحداث الدار البيضاء يقصدها الجميع فرارا من رحى الحرب وتهديدات النازية، وبين سطورها ثنائيات في علاقة غرامية في الوقت الذي كان الألمان يغزون البلاد. فإذا بلغت من العمر ما يكفي لرؤية الثنائيات غاري كوبر وباربارا ستانويك في فيلم  Meet John Doe الصادر عام 1941. همفري بوجارت وإنجريد بيرجمان، في كازبلانكا (Casablanca) 1942. جاري كوبر وإنجريد برجمان في «لمن تقرع له الأجراس (For Whom the Bell Tolls)» 1943. همفري بوجارت ولورين باكال في To Have and Have Not عام 1944.. فأنت قد كنت في وجود عظمة، وأيام العز الخوالي.

في الدقائق الأولى بطلته ماريان عادة ما تبدو مرحة ومبتهجة، تجلس في قبو الفندق، بينما يلوح في عينيها بريق رعب. لنتساءل هنا بدورنا أي رعب ينتظرها في هذا القبو؟ كشعور المقبل على انتحار، تفكك في الإدراك. ولم يمض وقت طويل قبل أن يدخل ماكس، ذاك الذي يكسو وجهه بطابع متجهم على الدوام. على أية حال فهذه التركيبة التي نشاهدها في الدقائق الأولى ليست إلا مؤشرا وهميا خادعا إلى حد ما. فينفذا عملية اغتيال. فينشأ بينهما حب حقيقي بعد الزائف، ثم زواج فسفر إلى لندن. ماكس هادئ ومتحفظ، وماريان تعشق الحفلات لكنهما زوجين مثاليين كانا سعداء لا يترقبون أقدار مباغتة غاضبة. فبينما يمضيا قدما في حياتهما وكل شيء على ما يرام حتى ذات يوم فإنها ليست كذلك. السلطات الفرنسية تشك في كون ماريان جاسوسة ألمانية، ليعيش زوجها أصعب اللحظات بين الشك وعدم التصديق، وماريان مثل منطاد استنفدت انتظارا لتلك اللحظات، تكافح من أجل البقاء محمولة جوا. وماكس في مهمة جديدة لإثبات براءة زوجته، لينقذها من حتمية رثائها.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]