في الوقت الذي أعلن فيه الجيش السوري اقترابه من السيطرة الكاملة على شرق حلب، مع تقدمه نحو المعارضة المتحصنة في بضعة أحياء، متوقعا أن تسقط تلك الأحياء اليوم الثلاثاء أو غدا الأربعاء، حظيت حلب باهتمام عالمي وعربي كبير.
وذكر متحدث عسكري، خلال جولة في المناطق التي استعادها الجيش في حلب، أن الجيش يواصل التقدم صوب حي السكري وما تبقى من حي سيف الدولة وجزء من حي العامرية وحي تل الزرازير، مضيفا أنه عندما يستعيد الجيش السيطرة على هذه المناطق فستنتهي عمليته في المناطق الشرقية من المدينة، لافتا إلى أن المعارضة المسلحة ما زالت ترفض الانسحاب من المدينة.
مذبحة ضد المدنيين
من جانبها، قالت الأمم المتحدة اليوم، الثلاثاء، إن لديها تقارير تفيد بأن قوات الحكومة السورية وجماعات عراقية مسلحة متحالفة معها قتلت عمدا بالرصاص عشرات الرجال والنساء والأطفال في شرق حلب، وحذرت من احتمال وقوع نفس “المذبحة” في مكان آخر.
ونقل مكتب حقوق الإنسان، التابع للمنظمة، عن تقارير، أن 82 شخصا، على الأقل، قتلوا في الشوارع خلال فرارهم أو في منازلهم في أربعة أحياء خلال الأيام القليلة الماضية.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الأمير زيد بن رعد الحسين، في بيان، “سحق حلب والأثر المروع البالغ على شعبها وسفك الدماء والمذابح الوحشية للرجال والنساء والأطفال والدمار، ونحن لم نقترب بأي حال من نهاية لهذا الصراع الوحشي”، مضيفا “يجب على سوريا أن تسمح بمراقبة معاملتها للفارين من شرق حلب بمن فيهم المعتقلون”.
أما روبرت كولفيل، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فعبر عن قلق بالغ من وقوع عمليات انتقام بحق آلاف المدنيين، الذين يعتقد أنهم ما زالوا يتحصنون في “زاوية من الجحيم” تقل مساحتها عن كيلومتر مربع وتسيطر عليها المعارضة، لافتا إلى أن “سقوطها بات وشيكا”.
أطفال محاصرون
نقلت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) اليوم، الثلاثاء، عن طبيب في مدينة حلب السورية، قوله إن عددا كبيرا من الأطفال ربما يزيد عن المئة محاصرون بمفردهم في مبنى يتعرض لقصف عنيف في شرق المدينة.
وقال جيرت كابيلير، المدير الإقليمي ليونيسف، في بيان، “وفقا لتقارير مقلقة من طبيب في المدينة هناك كثير من الأطفال، ربما أكثر من 100 -افترقوا عن عائلاتهم أو تركوا دون من يرعاهم- محاصرون داخل مبنى يتعرض لهجوم عنيف في شرق حلب”.
فرنسا تدعو مجلس الأمن لـ”اجتماع فوري”
وردا على ارتكاب مجازر في حلب، دعت فرنسا اليوم، الثلاثاء، إلى اجتماع فوري لمجلس الأمن لبحث الفظائع المزعومة، التي تُرتكب في شرق حلب، وفقا لوزير الخارجية الفرنسي، جان مارك أيرو.
وندد رئيس الوزراء الفرنسي الجديد، برنار كازنوف، “بفظاعات لا تحصى وبالمجازر”، على حد قوله، اتهم القوات الحكومية بارتكابها في حلب، ويمكن أن تشكل “جرائم حرب أو حتى جرائم ضد الإنسانية”.
تركيا تتفاوض
تتفاوض تركيا مع روسيا على فتح ممر لإجلاء المقاتلين والمدنيين السوريين من الأحياء الباقية تحت سيطرة المعارضة في حلب، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق بعد.
وقال مسؤول تركي كبير لرويترز، إن “الجهود ما زالت مستمرة لفتح ممر للمقاتلين والمدنيين في حلب وإجلائهم من المنطقة، لم يتم التوصل إلى اتفاق على هذا الأمر بعد.”
وأضاف “من المتوقع أن يجتمع مسؤولون أتراك وروس في تركيا غدا، الأربعاء، لتقييم الوضع، وستطرح على الطاولة في الاجتماع مسألة فتح ممر، وكذلك مسألة وقف إطلاق النار”.
وأشار إلى أن تركيا تواصل جهودها مع الولايات المتحدة وإيران والاتحاد الأوروبي ودول خليجية للمساعدة في إخراج مقاتلي المعارضة من حلب.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، إن وقف إطلاق النار مطلوب للسماح بإجلاء المدنيين، وإن أنقرة ستكثف محادثاتها مع روسيا ودول أخرى في الأيام المقبلة، مشيرا إلى أن هناك اتصالات مستمرة بالفعل.
وقالت تركيا اليوم، الثلاثاء, إنها تشعر “بالغضب والفزع” جراء ما وصفتها بالمذابح التي يرتكبها النظام السوري وحلفاؤه بحق المدنيين في شرق حلب، وأضافت أن تصرفاتهم انتهاك كبير للقوانين الإنسانية الدولية.
روسيا: لا لوقف إطلاق النار
أما روسيا فجددت رفضها لدعوات لوقف فوري لإطلاق النار في حلب، وقال وزير خارجيتها، سيرجي لافروف، “إنه ينبغي فتح ممرات للخروج من المدينة أولا قبل وقف القتال”.
وأضاف لافروف، خلال مؤتمر صحفي بعد اجتماع لمنظمة التعاون الاقتصادي لدول البحر الأسود في بلجراد اليوم الثلاثاء، “نسمع دعوات لوقف فوري للأعمال القتالية، وسيرغب الجانب الروسي في فعل ذلك فور إنشاء الممرات.”
وبسؤاله عن إمكانية نجاح المحادثات المتوازية مع تركيا والولايات المتحدة، رد قائلا “نعمل مع كل من يمكنه التأثير على الوضع”.
قطر تدعو الجامعة العربية لـ«اجتماع طارئ»
قالت قناة الجزيرة التليفزيونية القطرية، إن قطر دعت اليوم، الثلاثاء، إلى اجتماع طارئ للجامعة العربية لبحث الوضع في حلب، حيث تشن الحكومة السورية وقوات متحالفة معها هجوما أخيرا للسيطرة على شرق المدينة من المعارضة.
وقطر داعم رئيسي للمعارضة، التي تسعى للإطاحة بالرئيس بشار الأسد، المدعوم من روسيا وإيران.
وقالت قناة الجزيرة، التي مقرها قطر، إن الطلب قدم للجامعة، التي مقرها القاهرة، لعقد اجتماع على مستوى الممثلين، ولم تذكر مزيدا من التفاصيل.
وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية في مصر أيضا أن الوفد القطري قدم طلبا إلى الجامعة من أجل بحث الوضع المأساوي في حلب.
هدنة غامضة
قال المبعوث الروسي في الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، مساء اليوم الثلاثاء، إنه جرى التوصل إلى اتفاق يسمح لمقاتلي المعارضة السورية بمغادرة حلب.
وقال تشوركين للصحفيين، «أحدث ما لدي من معلومات أنهم توصلوا حقا إلى ترتيب على الأرض يتيح مغادرة المقاتلين للمدينة»، مضيفا أن ذلك قد يحدث «ربما خلال ساعات».
المعارضة: لن نقدم تنازلات
وعلى صعيد المعارضة، قال منسق المعارضة السورية، رياض حجاب، أمس الإثنين، إن الهزيمة في حلب لن تضعف عزم المعارضين للرئيس بشار الأسد على الإطاحة به من السلطة.
وأضاف حجاب، للصحفيين بعد الاجتماع مع الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند، “إذا كان يظن النظام وحلفاؤه إذا حققوا بعض التقدم في بعض أحياء حلب أننا سنقدم تنازلا أو نساوم على أهداف الثورة وثوابت الثورة هذا لن يكون إطلاقا، لن نقدم ولن نساوم، لن نقدم أي تنازل أو نساوم على حقوق الشعب السوري وعلى ثوابت الثورة السورية.
