بعد فترة من الكمون و خفوت الضوء عن التنظيم الأبرز في العالم، عاد القاعدة من جديد للظهور في محاولة لرد الاعتبار لنفسه و تسليط الأضواء عليه بعد أن أخذها استولى عليها خلال الفترة الخيرة تنظيم “داعش”، لا سيما بعد أن حظي التنظيم الأشرس باهتمام الرأي العام العالمي نتيجة ظهوره بصورة شرسة.
القاعدة بعد رحيل زعيمه الروحي أسامة بن لادن، حدثت له هزة عنيفة أثرت على بقاء وتماسك التنظيم، فلم يكن الزعيم الجديد للتنظيم أيمن الظواهري، يحظى بنفس النفوذ والكاريزما التي تمتع بها بن لادن بين أعضاء تنظيمه، الأمر الذي جعل التنظيم يتراجع للوراء في ظل تقدم وبروز ملحوظ لغريمة داعش، وهو ما جعل القادة تسعى للعودة مرة أخرى للأضواء ومحاولة إثبات الذات من جديد.
القاعدة اتخذ عددا من الخطوات للعودة إلى الساحة من جديد، لمواجهة داعش ومحاولة لسحب البساط من تحت أقدامه، فأصر على أن يصدّر دوما أنه أقل تشددا من داعش وأكثر تمسكا بالشرع الحنيف منه وحفظا للدماء وعدم التوسع فيإسالة الدماء، مع التركيز على نقد أساليب داعش المتوحشة والتي يراها العالم، وبدأ القاعدة يخرج عددا من التسجيلات للظواهري بعد فترة غياب طويلة، وفي محاولة للعب على وتر الترابط النفسي والروحي بين التنظيم وبين زعيمه بن لادن، بدأ يخرج نجل بن لادن ليؤكد تمسكه بمسيرة والده واقتفاء أثره والتوعد بالثأر له ليدغدغ مشاعر محبي والده ويدفعهم إلى التمسك بالتنظيم من جديد.
ثم بدأ القاعدة خطوة أخرى في إعلانه فك ارتباط جبهة النصرة به، ورفع الحرج عن الجولاني ليعطيه مساحة من التحرك المنفرد وعقد التحالفات الجديدة مع الفصائل المقاتلة في سوريا ليكتسب بذلك تقدير الجبهة، وهو ربما ما سعى إليه التنظيم لمواجهة داعش في سوريا بتكتل أكبر من جبهة النصرة التي لم تكن قادرة بمفردها على مواجة داعش.
ولمواجهة داعش في أفريقيا سعى التنظيم إلى توحيد عدد من الفصائل المسلحة، تحت كيان واحد بمسمي”جماعة نصرة الاسلام والمسلمين”، والتي تدين بالولاء والطاعة لزعيم القاعدة أيمن الظواهري، وما صدر من قبل القيادي بمجلس شورى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي المكنى بأبي هشام عبد الودود، حيث وصف داعش بأنه “انتهى في الجزائر ولم يعد له وجود” ومن ثم تسعى القاعدة إلى زحزحزة التواجد الداعشي في أفريقيا تماما.
ليس هذا فحسب، بل سعى تنظيم القاعدة إلى فتح ذراعية لكل من يخرج من داعش وينشق عنه، فمؤخرا أعلن تنظيم القاعدة عن قبوله عدد من قيادات داعش الذين أعلنوا انشقاقهم عن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي ونقضوا بيعته، وبايعوا زعيم القاعدة أيمن الظواهري، وقالت مصادر جهادية إن قيادات داعشية من جنسيات عربية انشقت عن البغدادي متهمين إياه بخذلانهم.
وأعلنت القيادات المنشقة بيعتها لزعيم تنظيم القاعدة الظواهري معتبرة أنه أمير المومنين، وأن البغدادي نقض بيعته للقاعدة وانقلب عليه ومن ثم توجب العودة إلى مبايعة القاعدة، وهو ما اعتبره القاعدة انتصارا جديدا له ومحاولة كسب أرض جديدة على حساب داعش.
