نفت دمشق اليوم الأربعاء، مضمون تقرير منظمة العفو الدولية، والذي يتهم السلطات السورية بارتكاب عمليات شنق جماعية لـ13 ألف معتقل داخل سجن صيدنايا خلال خمس سنوات، مؤكدة أن مضمونه «عار عن الصحة».
على جبهة أخرى، تشهد أطراف مدينة الباب، آخر معقل للإرهابيين في محافظة حلب (شمال)، معارك عنيفة الأربعاء بين تنظيم «داعش» من جهة، والقوات التركية والفصائل السورية المعارضة المدعومة منها من جهة ثانية، بعدما تمكنت الأخيرة من إحراز تقدم، وفق ما أكدت أنقرة والمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وغداة اتهام منظمة العفو، السلطات السورية بارتكاب عمليات شنق «خارج نطاق القضاء»، أكدت وزارة العدل السورية في بيان نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» الأربعاء، أن «هذا الخبر عار من الصحة جملة وتفصيلا».
وشددت على أن «أحكام الإعدام في سوريا لا تصدر إلا بعد محاكمة قضائية تمر في عدة درجات من التقاضي»، معتبرة أن «هذا الخبر ليس القصد منه إلا الإساءة لسمعة سوريا في المحافل الدولية».
وأضافت، «وزارة العدل تنفي صحة ما ورد وتستنكره أشد الاستنكار لعدم قيامه على أدلة صحيحة، وهو مبني على عواطف شخصية تستهدف تحقيق غايات سياسية معروفة».
واستند تقرير المنظمة الذي صدر الثلاثاء وحمل عنوان «المسلخ البشري: عمليات الشنق الجماعية والإبادة الممنهجة في سجن صيدنايا»، على تحقيقات ومقابلات مع 84 شاهدا بينهم «حراس وموظفون ومحتجزون» سابقون في السجن، فضلا عن قضاة ومحامين.
وتحدثت المنظمة عن «حملة مدروسة نفذتها السلطات السورية على شكل إعدامات خارج نطاق القضاء» بين العامين 2011 و2015، تم خلالها شنق 13 ألف شخص «سرا.. غالبيتهم من المدنيين الذين يعتقد أنهم معارضون للحكومة».
وتصل تلك الإعدامات وفق تقرير المنظمة، إلى «مصاف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بتفويض من الحكومة السورية على أعلى المستويات».
- اتهامات سابقة ..
هذه ليست أول مرة تُتهم فيها دمشق بارتكاب «جرائم حرب» منذ بدء النزاع منتصف مارس/ أذار 2011. واتهمت الأمم المتحدة في فبراير/ شباط 2016، دمشق بـ«إبادة» معتقلين «على نطاق واسع».
وكان الرئيس السوري بشار الأسد، وردا على سؤال لوسائل إعلام بلجيكية قبل صدور التقرير حول إمكانية ملاحقة مسؤولين سوريين بارتكاب جرائم حرب، أجاب، «علينا أن ندافع عن بلدنا بكل الوسائل».
وأضاف، «عندما يكون علينا أن ندافع بكل الوسائل الممكنة، فإننا لا نكترث لهذه المحكمة أو أية مؤسسة دولية أخرى».
وطالب الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ومقره اسطنبول، الثلاثاء، «المجموعة الدولية لدعم سوريا بالعمل على وقف الإعدامات والسماح الفوري بدخول المراقبين الدوليين إلى اماكن الاحتجاز دون أية عوائق»، مؤكدا، «ضرورة تحويل ملف التقرير إلى المحكمة الجنائية الدولية».
وبحسب المرصد السوري، يوجد أكثر من مئتي ألف شخص بين معتقل ومفقود في سجون النظام منذ اندلاع النزاع.
وكانت منظمة العفو، وثقت في تقرير في أغسطس/ آب الماضي، ظروف وفاة أكثر من 17 ألف معتقل في السجون السورية، متحدثة عن «روايات مرعبة» حول التعذيب الذي يتنوع بين السلق بالمياه الساخنة وصولا إلى الضرب حتى الموت.
ولا يشمل هذا الرقم قتلى الإعدامات الـ13 ألفا في سجن صيدنايا.
- تقدم في الباب ..
ميدانيا، تدور معارك عنيفة على أطراف مدينة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي، بين الإرهابيين الذين يسيطرون على المدينة ومحيطها وقوات تركية وفصائل معارضة تدعمها في إطار عملية «درع الفرات»، وفق المرصد السوري.
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، الأربعاء في أنقرة، «في الأيام الأخيرة، حققت قواتنا الخاصة، وجنود وأفراد الجيش السوري الحر تقدما واضحاً» في الباب.
وأفاد المرصد بإحراز هذه القوات تقدما في الأطراف الغربية للمدينة التي تحاصرها من ثلاث جهات فيما تحاصرها قوات النظام من جهة الجنوب بعد تمكنها مطلع الأسبوع من قطع طريق إمداد رئيسي إلى المدينة.
كما أحرزت قوات النظام، بحسب المرصد، تقدما جنوب المدينة أيضا، وباتت على بعد أقل من ثلاثة كيلومترات من المدينة.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين خلال مقابلة تلفزيونية، «نقوم بالتنسيق مع روسيا تجنباً» لأي حادث.
وتترافق المعارك وفق المرصد، مع قصف وغارات تركية على المدينة، تسببت بمقتل ستة مدنيين على الأقل الأربعاء. كما قتل ستة مدنيين آخرين هم رجل وزوجته وأطفالهما الأربعة، جراء قصف لقوات النظام على محيط بلدة قرب الباب.
وفي اتصال هاتفي هو الأول بين الرجلين في وقت متأخر الثلاثاء، بحث الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان، والأمريكي دونالد ترامب، التعاون في معركة تركيا للسيطرة على مدينة الباب ومعقل الإرهابيين في الرقة (شمال)، وفق ما أوضح مصدر في الرئاسة التركية.
في وسط سوريا، قتل تسعة مدنيين على الأقل بينهم ثلاثة أطفال، وأصيب 25 آخرين بجروح جراء غارات نفذتها طائرات لم يعرف إذا كانت سورية أم روسية على حي الوعر في مدينة حمص، وفق حصيلة للمرصد.
ويعد حي الوعر آخر نقطة يتواجد فيها مقاتلون معارضون في مدينة حمص التي استعادت قوات النظام السيطرة عليها بالكامل في العام 2014.
وتشهد سوريا منذ مارس/ أذار 2011، نزاعا داميا تسبب بمقتل أكثر من 310 آلاف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
