لو لم يكتشفها القبطان جيمس كوك في مثل هذا اليوم من عام 1777، لما وجد اللاجئون إلى أستراليا مأوى لهم ونحن في القرن الواحد والعشرين، فقد تحولت جزيرة كريسماس أو “عيد الميلاد” إلى مراكز إيواء للاجئين من شتى أنحاء العالم حيث تضم مئات المراكز وسط المحيط الهندي على بعد نحو 2600 كيلومتر من السواحل الأسترالية وساعة واحدة تقريبا من إندونيسيا.
في الوقت الذي يبحر فيه الهاربون من نيران الحرب والسياسة والفقر حالمين بتحقيق أحلامهم على الأراضي الأسترالية تتخذ الحكومات المتعاقبة هناك عدة إجراءات لتقليل أعداد المهاجرين وطالبي اللجوء، وإذا ما شارفت قواربهم على الوصول إلى شواطئ القارة الأسترالية يعترض سلاح البحرية والسلطات بتهجيرهم قسرا إلى جزيرة كريسماس.
وواجهت أستراليا بسبب إجراءاتها تلك انتقادات شديدة من منظمات وجهات دولية بسبب سياسات احتجازها للاجئين في جزيرة كريسماس باعتبارها منطقة نائية ولاإنسانية، وكانت أوضاع اللاجئين على الجزيرة أو هؤلاء الذين يقتلون غرقا في الطريق إليها بسبب منع السلطات وصول سفنهم محط أنظار العالم مع تفاقم الأزمة السورية، إلا أنها تظل مشاهد مكررة من أزمات سابقة راح ضحيتها مهاجرون بورميون وعراقيون وآسيويون وغيرهم.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قال مندوبو نحو 100 دولة في المراجعة الدورية التي يجريها مجلس حقوق الإنسان إن أستراليا تعد البلد الوحيد الذي يحتجز طالبي اللجوء خارج أراضيه، إلا أنها لاتزال دولة غير عضو في المجلس، وحتى الآن تتبع سياسة “إعادة قوارب اللجوء” إلى حيث أتت.
اقرأ أيضا: الأمم المتحدة توجه انتقادات لأستراليا بسبب “اللاجئين”
ووصلت أولى أفواج اللاجئين إلى شواطئ أستراليا منذ عام 1976 بحسب مركز دراسات الهجرة واللاجئين التابع لجامعة أكسفورد، أعرق وأقدم الجامعات البريطانية والغربية بشكل عام، ومع بدء تزايد أعداد المهاجرين بسبب كوارث الشرق الأوسط وأفغانستان في تسعينيات القرن الماضي بدأ الرأي العام يتغير وبدأ سياسيون في الحكومة والمعارضة على حد سواء يصفونهم بأنهم “تهديد للسيادة”.
وتعد إندونيسيا أكبر مصدر للهجرة غير الشرعية التي تحمل أناسا من كافة الجنسيات باتجاه أستراليا، وتفاقمت مع بدء غزة أفغانستان ثم العراق حتى باتت “كريسماس” بمثابة كابوس بالنسبة للمهاجرين فقد وصف أحد المهاجرين العراقيين مراكز الإيواء فيها بأنها “أسوار خرسانية شاهقة وأسلاك شائكة وعنابر متكدسة باللاجئين من كافة أنحاء العالم”.
اقرأ أيضا: إندونيسيا: أستراليا أجبرت طالبي لجوء على العودة بعد تدمير زورقهم
بحسب ملفات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA فإن 14.8% من اللاجئين على الجزيرة مسلمون بينما 17% بوذيون، واحتلتها بريطانيا عام 1888، ويبدو أن الجزيرة منقسمة إلى إقليمين، أحدهما يأوي اللاجئين، بينما الآخر يضم مناجم فوسفات وهو النشاط الاقتصادي الوحيد والذي يشارك فيه شركات عالمية إلا أن الحكومة بدأت مؤخرا تنفيذ مشروعات صحية وتعليمية وخدمية لاستقبال المهاجرين.
وشهدت أستراليا عدة احتجاجات للتنديد بسياسات حكومتي رئيس الوزراء مالكوم تورونبل الذي خلف توني أبوت في سبتمبر/أيلول الماضي، بسبب تعنتهما ضد اللاجئين بعد تكرار مقتل مهاجرين في البحر وفي مراكز إيواء الجزيرة، بينما تشهد كريسماس احتجاجات غاضبة من قبل المهاجرين المحتجزين بين الحين والآخر، كان أحدها الشهر الماضي حيث قام المحتجزون بأعمال شغب وهدموا أسوار مركز إيواء إثر مقتل زميلهم فيه.
