مع توجه الناخبون الفرنسيون إلى صناديق الاقتراع ، صباح اليوم الأحد، في الجولة الاولى من انتخابات رئاسية، من الممكن أن تغير وجه أوروبا، كشفت الدوائر السياسية الغربية عن مخاوف من “زلزال سياسي” قد يحدث في فرنسا.. ويخيم على القارة العجوز ترقب حذر لنتائج الجولة الأولى ، مع تقارب أربعة من المرشحين البارزين، يمثلون الطيف السياسي، ابتداء من اليمين المتطرف إلى اليسار المتطرف، مما يجعل التنبؤ بنتائج التصويت مهمة في غاية الصعوبة.
توجهات المرشحين الأوفر حظا
ومن بين المرشحين الاربعة: زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان، التي تعهدت، حال فوزها، بانسحاب فرنسا من منطقة اليورو واجراء استفتاء حول الخروج من الاتحاد الأوروبي، ووقف جميع أشكال الهجرة.. واليساري الراديكالي، جان لوك ميلينشون، والذي تعهد بإعادة التفاوض على معاهدات الاتحاد الأوروبي التي ترسخ سياسات السوق الحرة، أو التوقف عن تطبيقها من جانب واحد، في حال فشله في إعادة التفاوض.. والمرشح الوسطي، إيمانويل ماكرون، الليبرالي الاجتماعي والاقتصادي، وهو الأوفر حظاً في استطلاعات الرأي، وتعهد بتعزيز الروابط مع منطقة اليورو.. والمرشح المحافظ، فرانسوا فيون، المؤيد للاتحاد الأوروبي، وتعهد بخفض عدد العاملين في القطاع العام بمقدار نصف مليون وظيفة وخفض ضرائب أصحاب العمل.
هل يسقط الفرنسيون في “فخ الإرهاب”
والمؤكد أن الاعتداء الذي وقع عند جادة الشانزيليزيه، الأسبوع الماضي، سيكون له أثر على صعيد نتائج الدورة الأولى التي يتنافس فيها 11 مرشحاً، وسط مخاوف من أن يسقط الفرنسيون في «فخ» الإرهاب وتختلط عليهم مصالحهم في ظل المخاوف الأمنية.. وهو ما كشفت عنه صحيفة«لوفيغارو» الفرنسية في عنوانها الرئيس أمس: “ظل الإرهاب يخيم على الدورة الأولى” .. بينما ترى صحيفة «ليبراسيون» أن المرشحين اللذين يمكن أن يستفيدا من الاعتداء، مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن، والمرشح الديغولي فرانسوا فيون.
وكانت لوبن أول من سعى إلى قطف نتائج الاعتداء من خلال كلمة وجهتها إلى الناخبين اعتبرت في إطارها أنها الأكفأ والأكثر إرادة في تطبيق إجراءات جذرية في مواجهة الإرهاب..وكذلك فعل فيون محاولاً بدوره حصد ما أمكن من أصوات المترددين الذين يشكلون ثلث الناخبين، متعهداً بمواجهة “التوتاليتارية الإسلامية بيد من حديد”.
القلق الأوروبي
ولم تخف الأوساط السياسية والإعلامية الأوروبية، خوفها مما تصفه بـ «زلزال» سياسي يحمل أحد النقيضين: زعيمة «الجبهة الوطنية» مارين لوبن، أو مرشح «فرنسا التي لا تخضع» جان لوك ميلانشون الذي يتزعم اليسار الراديكالي.. وكانت الاستطلاعات المختلفة التي سبقت اعتداء الشانزيليزيه تشير إلى أن ماكرون ولوبن هما الأوفر حظاً بالتنافس في الدورة الثانية في 7 مايو / أيار المقبل، من دون إغلاق الباب أمام إمكان تحقيق اختراق يعدل هذه النتيجة من فيون أو ميلانشون. غير أن بعض المراقبين لم يخف إمكان تصدّر لوبن النتيجة بعد الاعتداء.
كل الاحتمالات وارد في انتخابات فرنسا
ويرى سياسيون ومراقبون، إذا صدقت استطلاعات الرأي العام، فستتنافس على الرئاسة في السابع من الشهر المقبل، كل من مارين لوبن، زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية، وإيمانويل ماكرون، مرشح يمين الوسط.. بينما هناك مرشحون كثيرون آخرون أبرزهم فرنسوا فيّون، ممثل الحزب الجمهوري، وجان لوك ميلانشون، وهو مرشح يساري زاد تأييده كثيراً في الأسايبع الأخيرة.. وكانت استطلاعات الرأي، أعطت كلاً من لوبن وماكرون 23 في المئة من الأصوات، وفيون 20 في المئة، وميلانشون 19 في المئة. هذا يعني أن الجولة الأولى قد تسفر عن مفاجأة مساء اليوم.
احتمال قائم لـ “مفاجأة الموسم”
وربما يصبح ميلانشون «مفاجأة الموسم» فأسهمه في صعود مستمر، وهو معجب بفيدل كاسترو ويكره حلف الناتو، ويريد «فرنسا حرة» ويؤيده اليسار السياسين بحسب تعبير الكاتب والمحلل السياسيي ، حهاد الخاز، و”ميلانشون” من الداعمين للمهاجرين، وأبدى تعاطفه الكامل مع المهاجرين الذين يأتون إلى أوروبا قائلا:” يجب أن نعامل هؤلاء المهاجرين،عندما يصلون إلى اراضينا كما نحب أن يعاملونا في حال كنا نحن من يذهب إلى بلادهم إذا كنا نعاني نفس الظروف الصعبة التي يعيشونها هم”
ويرى الكاتب والمحلل السياسي التونسي، عبد الجليل المسعودي، أن من يعرف الشعب الفرنسي يدرك دون شك سمته المميّزة وفي نفس الوقت إحدى أغرب مفارقات شخصيته الثقافية، وهي أنه بمقدار ما هو ثوري يحبّ التغيير، فهو محافظ يفضل الإبقاء على الوضع الذي هو فيه.. وقال المسعودي: السؤال هو: أي ثنائي من الأربعة الأوائل سيصل إلى الجولة الثانية؟ إذا غلب الجانب الثوري الكامن في الشخصية الفرنسية، فسيكون الثنائي ميلونشون ـ لوبان، أما إذا غلب الجانب المحافظ فسيكون الثنائي فيون ـ ماكارون.. والأقرب عندنا أن جانب المحافظة سيكون الغالب.
