هل زرعت إسرائيل بذور التدمير الذاتي بقانون القومية اليهودية؟

تناول ماكس فيشر، في مقال نشرته صحيفة النيويورك تايمز، إقرار الكنيست الإسرائيلية قانون القومية اليهودية، فقال إنه في خضم لحظة من النشوة الوطنية، خرج أول رئيس وزراء لإسرائيل ديفيد بن جوريون مؤسس دولة إسرائيل، من التقاعد في يوليو 1967 كي يحذر الإسرائيليين من أنهم زرعوا بذور التدمير الذاتي.

وكانت إسرائيل قد حققت للتو انتصارا عسكريا على جيرانها وانتشى الإسرائيليون بشعور مفاده أن التجربة العظمى لدولة يهودية يمكن أن ينجح فعلا.

ولاحظ أن بن جوريون على عكس هذا المناخ ألح على أن تتخلى إسرائيل عن الأراضي التي احتلتها، وفي حال أنها لم تفعل، فإن الاحتلال سيشوه الدولة الناشئة، التي تأسست لحماية ليس فقط الشعب اليهودي وإنما قيم الديمقراطية والتعددية بحسب ما ادعاه. الآن، وبعد نصف قرنٍ وعام واحد، أعلنت إسرائيل رسمياً حق تقرير المصير القومي، الذي كان من المفترض أن يتضمن كل من هو داخل حدودها، كمثال “فريد للشعب اليهودي”.

وأشار إلى أنه بالنسبة إلى البعض، فإن القانون الجديد يُعتبر ثمرة طبيعية لانتصار إسرائيل عام 1967 على جيران كانوا يعارضون حقها في الوجود، وحماية الشعب اليهودي داخل الحدود والقوانين التي تضعهم أولا، لكن بالنسبة للآخرين، فهي خطوة على طريق تحقق نبوءة بن جوريون، من الاحتلال إلى صراع لا نهاية له من شأنه أن يفسد الديمقراطية من الداخل، مما يهدد الشخصية القومية التي يُعتقد أنها تأتي من القيم ومن الديموغرافيا على حد سواء.

وقال إنه علاوة على ذلك، فإن القانون قد يكون خيارا بين رؤيتين يتزايد التوتر في شأنهما حول إسرائيل، وقد أصدر ديبلوماسيون أمريكيون منذ فترة طويلة نسخة من تحذير بن جوريون: إذا لم تعمد إسرائيل إلى إحلال السلام مع الفلسطينيين، فسيتعين عليها الاختيار بين هوياتها المزدوجة كدولة قومية ودولة ديموقراطية. وتظهر استطلاعات الرأي أن الإسرائيليين قد توصلوا إلى اتفاق: فالأعداد المتزايدة ترى أن بلادهم تواجه خياراً بين أن تكون يهودية أولاً أو ديمقراطية أولا، وبالنسبة إلى الكثيرين في اليمين السياسي، فإن الهوية تأتي أولا.

ورأى أنه على رغم أن ظروف إسرائيل قد تكون فريدة من نوعها، إلا أن إحساسها بمواجهة قرار وشيك حول هويتها القومية ليس كذلك، هناك ردة فعل متعاظمة على فكرة أن الدول يجب أن تعطي أفضلية للديمقراطية على كل شيء آخر، وتصر تلك الحركة، مدفوعة بمفاهيم انعدام الأمن المادي والديموغرافي، على أن الهوية تأتي أولا.

وذكّر أن العصر الحديث منح الدول حقيّن، من المفترض أنهما متعايشين، لكن تبين أنهما في حال توتر. حق تقرير المصير القومي الذي يصوّر الدول على أنها تجمعات موحدة، أمة واحدة لشعب واحد. وحق الديموقراطية الذي يفترض مشاركة متساوية للجميع، بما في ذلك تعريف شخصية الأمة. لقد تصور زعماء العالم المثاليون الذين حددوا تلك الحقوق قبل قرنٍ من الزمن بلداناً متجانسة داخلياً وثابتة. لكن الواقع أثبت أنه أكثر فوضوية. فالحدود لا تتماشى تماماً مع السكان. الناس يتحركون. والهويات تتحوّل أو تتطور. ماذا بعد؟

ولفت إلى أنه في أوروبا، أدى تدفق المهاجرين واللاجئين، إلى جانب الهجمات الإرهابية، إلى تغيير المواقف العامة، لقد أصبح الأوروبيون أكثر قومية، وأكثر تطرفاً من الناحية السياسية، وأقل ترحيباً بالأجانب، وكما هو الحال في إسرائيل، استمرت المواقف المتشددة في النمو حتى مع تضاؤل التهديدات، وتراجع الإرهاب والهجرة.

ذكرت “يسرائيل هيوم”، أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيجتمع، اليوم، في نيويورك لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط – وعليه دخل الوفد الإسرائيلي في حالة تأهب.

وأضافت الصحيفة “قد جرت المقدمة لما سيحدث اليوم، يوم أمس، في جلسة أخرى عقدتها لجنة فلسطين في مقر الأمم المتحدة، والتي طرح العرب وأنصارهم خلالها مسألة قانون القومية. وقال المندوب الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور: “الحكومةاليمينية المتطرفة سنت قانونا ينص على أن إسرائيل ليست دولة لجميع مواطنيها من خلال تفضيل ديانة معينة. هذا هو تشريع عنصري وخطوة أخرى نحو الأبرتهايد. وأعتزم مناقشة الأمر بإسهاب في مجلس الأمن”.

وقال مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، الأمير زياد رائد الحسين، في المناقشة:” إن القانون يميز بوضوح ضد المجتمعات غير اليهودية ويمكن أن يؤدي إلى تفاقم التوتر القائم”.

وقال سفير الاحتلال في الأمم المتحدة داني دانون: “لا يوجد حد للنفاق، إن القيادة الفلسطينية ومفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان هما آخر من يعظان الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط. نشر الأكاذيب لن يغيرا حقيقة أن إسرائيل ديمقراطية قوية”، على حد زعمه.

ونشر موقع “ميديابار” الفرنسي تقريرا تحدث فيه عن القانون الإسرائيلي الجديد المتعلق بإقامة الدولة القومية، وما يسببه من تمييز وظلم وإذلال للفلسطينيين المقيمين داخل الأراضي المحتلة، الخاضعة تحت السيطرة الإسرائيلية.

وقال، إن “تبني القانون الجديد يكشف بشكل رسمي حقيقة النظام الإسرائيلي، الذي فضل الإقرار بيهودية الدولة على حساب مبادئ الديمقراطية”.

يشار إلى أن الكنيست الإسرائيلي تبنى هذا القانون بعد أن صوت 62 نائبا لصالحه، في حين اعترض عليه 55 نائبا، مع امتناع نائبين عن المشاركة في التصويت.

ونقل الموقع عن الكاتب الإسرائيلي، جدعون ليفي، أنه “عندما تصبح الدولة يهودية، فلن تكون هناك مساواة بين المواطنين اليهود وغير اليهود، في المقابل، إن الإقرار بديمقراطية الدولة، يلغي التمييز على أساس العرق أو الطائفة”.

وأضاف جدعون ليفي أن “إسرائيل، أضحت بعد التصويت على القانون الجديد دولة قومية للشعب اليهودي، وفقدت صفة الدولة التي تخدم كل مواطنيها”، مؤكدا أن “هذا القانون يعني أن إسرائيل لم تعد دولة ذات ديمقراطية مرتكزة على المساواة من الناحية التطبيقية فحسب، بل من الناحية النظرية أيضا”.

ورأى أن “هذا القانون الجديد يكتسي أهمية كبرى، لأنه يكشف حقيقة إسرائيل، لذلك أطلق عليه اسم قانون الحقيقة”، مشيرا إلى أن “الناشطين الحقوقيين نددوا بقانون الحقيقة، الذي يهدف إلى إقامة مجتمعات منفصلة على أسس العرق أو الدين، ويوفر الظروف الملائمة لتركيز نظام مقنن للفصل العنصري”.

وأشار الموقع إلى تعليق النائب العربي الإسرائيلي أحمد الطيبي في موقع “تويتر” قائلا إن “هذه نهاية الديمقراطية، وبداية رسمية للفاشية والفصل العنصري”.

في سياق متصل، أفادت النائبة عن الحزب المعارض “هناك مستقبل”، يائيل جيرمان، بأن “هذا القانون الجديد هو عبارة عن جرعة من الحبوب السامة للقضاء على الديمقراطية”، كما حذر الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين من أن يكون هذا القانون بمثابة “سلاح بين أيدي أعداء إسرائيل”.

ونوه الموقع إلى أن إقرار هذا القانون جاء بعد حادثة سقوط المئات من المتظاهرين الفلسطينيين العزل على طول الحدود الفاصلة بين قطاع غزة وإسرائيل، كما تزامن مع تعزيز نتنياهو، المدعوم من اليمين المتشدد، من الحصار المسلط على قطاع غزة وتوجيه ضربات جوية استهدفت مواقع تابعة لحماس.

وتساءل الموقع عما يمكن للقانون الجديد أن يغيره في القضية الفلسطينية، منوهة إلى أن المبدأ الدستوري لإسرائيلي يقر بضم القدس الشرقية، ويبدد نهائيا فكرة دولة تطبق المساواة بين سكانها، ويشرع هذا القانون لسياسة الفصل العنصري واستراتيجية الاستيطان.

وقال الموقع إن “نتنياهو وفيّ لنظرية القيادي في الحركة الصهيونية زئيف جابوتينسكي، القائمة على أنه يمكن للكلمات أن تشكل الواقع، لذلك فإن طبيعة المشروع الذي ينوي رئيس الوزراء الإسرائيلي إقراره قد أصبحت واضحة، ويتمتع مشروعه بتأييد الأغلبية، خاصة أن المقصود بالكلمات هو أغلبية الأصوات”.

وذكر الموقع أن “هذا القانون لن يغير من واقع القضية الفلسطينية شيئا، نظرا لأن كل بنود النص الجديد التي تبناها الكنيست مؤخرا مطبقة مسبقا على أرض الواقع، فمنذ سنوات، يعاني الفلسطينيون من سياسة اللا مساواة، حيث يتم تفضيل المواطنين اليهود على حساب المواطنين العرب”.

كما تساءل الموقع عن سبب عدم تطرق  القانون الجديد لمسألة رسم حدود الدولة العبرية، على الرغم من أنه ركز على رموز الدولة بما في ذلك الراية الوطنية والتقويم الرسمي والرموز الدينية والنشيد الوطني، ويبدو أن هذا “التفصيل” سيبقى في طور التنفيذ دون تحديد الطرف الذي سيتم التشاور معه بشأنه، بحسب تقدير الموقع.

وأشار إلى أن المبدأ العميق الذي يهدف إلى ترسيخه القانون الجديد يتمثل في تحقيق تقارب بين نظام بنيامين نتنياهو والأنظمة القومية الأصولية في أوروبا الشرقية، المعروفة باسم بلدان “الديمقراطية المكبّلة”، وتشمل هذه البلدان كلا من المجر، وبولندا، وجمهورية تشيكيا، وسلوفاكيا، وهي دول منضوية كلها تحت ما يطلق عليها اسم “مجموعة فيزغراد”.

وفي الختام، لفت الموقع إلى أنه على الرغم من الانتقادات الدولية الموجهة لأنظمة بلدان “مجموعة فيزغراد”، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي مُصر على التقرب منها، واقترح نتنياهو على رؤساء دول هذه المجموعة أن يعقدوا قمتهم القادمة في إسرائيل، الأمر الذي يكشف لنا حقيقة “الديمقراطية الإسرائيلية” المزعومة.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]