لم تمر ساعات على إعلان المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الليبي، اتخاذ خطوات تصعيدية لمواجهة ما وصفه بـ«الغزو التركي» للأراضي الليبية، بسبب دعمها الميليشيات المسلحة في طرابلس ومصراتة، فضلا دعم حكومة الوفاق في السيطرة على مدينة غريان، حتى بدأت المؤسسات والأجهزة الليبية، في تنفيذ تعليمات القيادة العامة للجيش.
وأصدر مطار بنينا الدولي، بيانًا، السبت، أعلن فيه إيقاف جميع الرحلات المتوجهة إلى إسطنبول، على أن تكون هناك رحلات للعودة فقط (إسطنبول – بنغازي) للمواطنين الموجودين بتركيا.
وتأتي على رأس الإجراءات التي اتخذها الجيش الليبي، القبض الفوري على جميع الأتراك في ليبيا، فضلا عن استهداف السفن التركية في المياه الإقليمية الليبية، وحظر أي رحلات جوية تجارية إلى أنقرة، والتعامل الفوري مع أي طائرات وافدة تحاول الهبوط في طرابلس على أنها معادية.
ولم يتوقف الدعم التركي على الأسلحة والجنود والطائرات المسيرة فقط، إذ كشفت صحيفة المرصد الليبية عن هويات فريق خبراء عسكريين أتراك يعملون في غرفة عمليات بالعاصمة طرابلس لصالح حكومة الوفاق ويبلغ عددهم 16 شخصا.
وقالت الصحيفة، إنه وفقا لمستندات تحصلت عليها إن من بين هؤلاء العسكريين جنرالا رفيع المستوى هو الفريق “عرفان أوزسيرت” الذي شغل منصب قائد فوج الأكاديمية العسكرية التركية ، كما شغل منصب المسؤول عن القطاع العسكري لمنطقة غازي عنتاب التركية.
غريان السبب
هذا التصعيد الليبي القوي لمواجهة ما وصفه العميد أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الليبي، بـ«الغزو التركي»، لم يكن مفاجئا، إذ سبق أن اتهم الجيش تركيا بدعم حكومة الوفاق برًا وبحرًا وجوًا بالمال والسلاح والجنود، ولكن جاءت معركة غريان التي تعتبر القاعدة الخلفية الرئيسية للمشير في معاركه جنوب طرابلس، لتعصف بأي آمال للتهدئة، وتدخل مرحلة جديدة من العداء العلني بين قوات الجيش وتركيا.
وسبق أن ضبطت السلطات الليبية، سفنا تركية، محملة بالأسلحة قادمة إلى ليبيا، وطالبت لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي لجنة العقوبات الدولية بمجلس الأمن بالتحرك السريع لتطبيق القانون الدولى على تركيا.
وفي مؤتمر صحفي، عقده المسماري، الجمعة، قال إن « الأهداف التركية في ليبيا تعتبر معادية. سنسقط مشروع تنظيم الإخوان الإرهابي في ليبيا. لقد وفرت غطاء جويا بطائرات مسيرة خلال اقتحام الميليشيات مدينة غريان».
وتابع: “أصدرنا أوامر باستهداف السفن التركية في المياه الإقليمية الليبية، سنستهدف أي نقطة على الأرض تتعامل مع تركيا».
من جهته أدان مجلس النواب الليبي قيام الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق الوطني تصفية جرحى الجيش بمستشفى غريان.
تركيا ترد
وفي مؤتمر صحفي، في أوساكا اليابانية، السبت، رد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على قرارات الجيش الليبي، بأن بلاده ستتخذ التدابير اللازمة، مؤكدا أنه ليس لديه علم حول توجيه حفتر أمرا بضرب الطائرات التركية.
وأضاف أردوغان «قد نتخذ التدابير اللازمة في حال كان صدور قرار كهذا من حفتر».
وكان أردوغان قد قال في أبريل/ نيسان إن حكومته ستدعم حكومة طرابلس في تصديها لهجوم قوات حفتر.
ليس دعما عسكريا فقط
ولم يتوقف الدعم التركي لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، على الدعم العسكري بالمال والأسلحة والطائرات فقط، بل وصل الأمر إلى فتح تركيا مستشفياتها لعلاج جرحى قوات الوفاق في أحداث طرابلس، حيث استقبلت إسطنبول عشرات الحالات الطارئة، لتلقي العلاج اللازم، وفقا لما أعلنه جهاز الإسعاف الطائر.
عملية عسكرية مركزة
ويرى مستشار المنظمة الليبية للدراسات الاستراتيجية، رمزي الرميح أن أردوغان يسعى لمحو أي أمة تقف أمام أطماعه ومصالحه، ما دفعه لدعم الوفاق في غريان للسيطرة عليها، وقتل قوات الجيش المتواجدة فيها وتصفيتهم جميعا.
وأضاف رميح، عبر قناة الغد، أن رد حفتر على الغزو التركي، سيكون حاسما وحازما، من خلال خطط أمنية مركزة للقضاء على أوكار الإرهاب في طرابلس بأكملها، خاصة أن قوات الجيش لها شرعية دولية وتحارب الإرهاب والفساد والجريمة، مشيرا إلى أن الجيش رفع شعار، لا للتفاوض أو للتهدئة.
وأرجع رميح الانتشار التركي في ليبيا، من خلال الجنود والخبراء العسكريين، إلى عدم وجود سلطة سياسية حقيقية أو قوات أمنية شرطية لضبط الأمن في الشارع، فضلا عن انتشار الميلشيليات في ربوع ليبيا كافة، ما يصعب السيطرة عليها.
أردوغان يعلن الحرب
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي الليبي رضوان الفيتوري، إن ما تفعله تركيا، لا يمثل تدخلا في شؤون ليبيا، ولكنه يمثل حالة حرب أعلنتها تركيا، من خلال غرف العمليات التي تديرها بعدة أماكن في طرابلس وغريان، والطائرات بدون طيار، والطائرات التي تقصف المدينة قبل دخول الميليشيات بها، وجرحى الجيش الذين تمت تصفيتهم بشكل كامل.
وأضاف الفيتوري، أن الساعات المقبلة، ستكون مليئة بالمفاجآت وسيبدأ الجيش في تنفيذ عمليات مركزة لتطهير طرابلس من الإرهاب، مشيرا إلى أن المفاوضات لا جدوى لها مع الإرهابيين، وأن الرد لا بد أن يكون عسكريا.
