كشفت الجزائر، خلال فاعليات «الملتقى الدولي حول التنمية والهجرة»، بالعاصمة الإيطالية، روما، أمس الأحد، التحول من بلد مصدر وعبور إلى بلد استقبال واستقرار للمهاجرين غير الشرعيين من منطقة الساحل والصحراء الإفريقية، ومن بعض الدول العربية التي تشهد نزاعا، وقد تحملت الجزائر تكلفة هذا التحول.
- وأكدت الحكومة الجزائرية، الوضع الاستثنائي الذي سجلته الجزائر كسابقة عالمية، بتحول البلاد، وبحكم موقعها الجغرافي الإستراتيجي، والتنمية الاقتصادية التي حققتها في الفترة الأخيرة، وكذا بفضل الاستقرار الذي يميزها، من بلد «مَصْدَرٍ وَعُبورٍ إِلَى بَلَدِ اسْتِقْبالٍ واسْتِقْرارٍ لِلْمُهَاجِرِينَ»، وهو وضع ازداد حدة بفعل التدابير والترتيبات الأمنية لحماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي وتشديد إجراءات منح التأشيرات.
وأوضح رئيس الحكومة الجزائرية، أيمن بن عبد الرحمان، أن الجزائر تبنت لعدة سنوات، وبحكم تضامنها الدائم مع دول الجوار، سياسة متساهلة لحد ما، تجاه هذه التدفقات من المهاجرين غير الشرعيين، وهو ما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في أعداد المهاجرين غير الشرعيين الذين استقروا على أرضها، رغم تداعيات ذلك على مختلف الأصعدة.
تفاصيل الرؤية الجزائرية
وبات واضحا أن هناك رؤية جزائرية للتعامل مع ظاهرة تدفقات المهاجرين غير الشرعيين.. وتستند هذه الرؤية إلى:
- بذل جهودا حثيثة لدعم السلم والاستقرار في المنطقة، ومجابهة التحديات الأمنية.
- مواصلة دعمها لمساعي التنمية في المنطقة وإفريقيا، حيث قرر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، تخصيص مبلغ مليار دولار لدعم التنمية والاندماج في الدول الإفريقية
وقد تجسدت أولى خطوات تنفيذ هذا القرار من خلال تصور مشاريع تنموية لفائدة الدول الإفريقية لاسيما النيجر ومالي، وهو ما يعد مساهمة حقيقية في مساعي التنمية التي تعتبر أنجع السبل لمحاربة الهجرة غير الشرعية.
وتدرك الجزائر أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية ترجع إلى الاختلالات الهيكلية في المسار التنموي للعديد من الدول. بالإضافة إلى الحروب والنزاعات، واتساع بؤر الاستقرار وانعدام الأمن. وتنامي ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود. والتغيرات المناخية وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعيةـ فضلا عن ظاهرة النزوح الجماعي من الدول الي تعاني الفقر والمجاعة إلى شمال إفريقيا وأوروبا.
«الملتقى الدولي حول التنمية والهجرة»، رصد باهتمام تحذيرات الجزائر:
- أن الهجرة غير الشرعية أصبحت تطرح تحديات امنية خطيرة، بفعل ما يصاحبها من تنام للجريمة المنظمة، والاختراقات التي تعرفها شبكات التهريب والاتجار بالبشر من قبل منظمات تخريبية، لتسهيل حركة الإرهابيين بهويات مزيفة ، مما يهدد الأمن الداخلي للدول.
- وأن الفترة المقبلة قد تشهد استفحال هذه الظاهرة ـ بحسب تعبير رئبس الوزراء الجزائري ـ إذا لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة وتنفيذها في الوقت المناسب.
- وأن المعالجة الأمنية لملف الهجرة، وإن كانت تستجيب للضرورة الملحة للحفاظ على النظام العام، فهي لا تساهم بشكل مستدام في معالجة هذه الظاهرة، ولذا من الضروري تصور حلول شاملة تضمن تحقيق الاستقرار والتنمية، وخلق فرص عمل للشباب من أجل تطويق ظاهرة الهجرة غير الشرعية.
ولذلك يتعين أن يولي التعاون بين الشمال والجنوب مكانة هامة لتقديم المساعدة والدعم لدول الجنوب لاسيما من خلال رفع مستوى المساهمات المقدمة إلى هذه الدول في محالات التنمية.