لا تزال تداعيات العاصفة دانيال التي اجتاحت مدن الشرق الليبي مستمرة، وسط تحذيرات لخبراء وعلماء من حدوث سلسلة من الأحداث المناخية والظواهر الطبيعية المدمرة على العديد من دول العالم خلال الفترة المقبلة.
إعصار هونغ كونغ
كانت البداية في أوائل سبتمبر الجاري، عندما إجتاح إعصار هونغ كونغ، واقتلع الأشجار وأغرق المدينة بالكامل.
وتوالت بعد ذلك الأحداث المناخية، حيث ضربت العواصف 10 بلدان وأقاليم في 12 يوما فقط.
وطالب خبراء، بحسب تقرير نشرته شبكة «سي أن أن» الحكومات بالاستعداد جيدا، خاصة في ظل ما تعانيه الدول الفقيرة من ضعف الإمكانيات أمام هذه الكوارث المناخية، خاصة أن هذه التغييرات المناخية لم تكن موجودة من قبل.
«حجم الكارثة قد يتضخم الفترة المقبلة، ولن تنتهي مع السيطرة على العاصفة دانيال في ليبيا»، هكذا تحدث العلماء عن الظاهرة المناخية.

ظاهرة الاحتباس الحراري
وقالت جونغ إيون تشو، عالمة الغلاف الجوي والمناخ في جامعة سيتي في هونغ كونغ إن «ظاهرة الاحتباس الحراري تغيّر في الواقع خصائص هطول الأمطار من حيث التكرار والشدة والمدة».
وأضافت أن الدمار الذي حدث هذا الصيف كان بسبب عوامل مختلفة بما في ذلك التقلبات المناخية الطبيعية.
وأشارت إلى أن درجات حرارة المحيط الدافئة القياسية قد غذت موسم الأعاصير المفرط النشاط في المحيط الأطلسي والذي لا تظهر عليه أي علامات على التباطؤ.
ووفقا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، فإن أكثر من 90% من ارتفاع درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم على مدار الخمسين عاما الماضية حدث في المحيطات.

من أسوأ العواصف في أوروبا
وضربت العاصفة دانيال، التي تشكّلت في 5 من سبتمبر، مساحات واسعة من منطقة البحر الأبيض المتوسط، وأثّرت على اليونان أولا، مما أدى إلى هطول أمطار أكثر مما تشهده عادة خلال عام كامل.
وتحوّلت الشوارع إلى أنهار قاتلة، وأغرقت قرى بأكملها وأجبرت رجال الإنقاذ على ركوب قوارب مطاطية لإنقاذ عائلات من منازلهم التي غمرتها المياه.
ولقي ما لا يقل عن 15 شخصا حتفهم، وفقا لرئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، الذي وصفه بأنه “أحد أقوى العواصف التي ضربت أوروبا على الإطلاق”.
وقال وزير البيئة اليوناني، ثيودوروس سكيلاكاكيس، الثلاثاء الماضي، إن الفيضانات، التي أعقبت حرائق الغابات المدمرة في البلاد، “تحمل بصمات تغير المناخ”.
وأضاف: «لقد شهدنا الصيف الأكثر دفئا على الإطلاق. وقال إن البحر كان دافئا للغاية، مما أدى إلى هذا الحدث الجوي الفريد».

فيضانات مفاجئة في تركيا
وشعرت تركيا المجاورة بالتأثير أيضا، حيث سجلت 7 وفيات على الأقل.
واضطر سكان عدة مناطق للمشي في المياه التي يصل ارتفاعها إلى الركبة، وكانت تحيط ببعضهم أشجار متساقطة، في حين شهدت أجزاء من إسطنبول، أكبر مدينة في البلاد، فيضانات مفاجئة مميتة أدت إلى مقتل شخصين على الأقل.
كما ضربت فيضانات شديدة بلغاريا شمال اليونان، مما أسفر عن مقتل أربعة على الأقل.
عاصفة دانا
وفي أماكن أخرى من أوروبا، شهدت عاصفة منفصلة (دانا) هطول أمطار غزيرة في جميع أنحاء إسبانيا، مما أدى إلى إتلاف منازل ومقتل 3 أشخاص على الأقل.
درنة المنكوبة
وكان التأثير الأكثر تدميرا على الإطلاق في ليبيا، حيث تحركت العاصفة دانيال عبر البحر الأبيض المتوسط، واكتسبت قوتها من مياه البحر الدافئة بشكل غير عادي، قبل أن تتسبب في هطول أمطار غزيرة على شمال شرق البلاد.
وتسببت الأمطار الغزيرة في انهيار سدين، مما أدى إلى موجة ارتفاعها 7 أمتار، وفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر. واندفعت المياه نحو مدينة درنة الساحلية، فدمرت أحياء بأكملها وجرفت المنازل إلى المحيط.
وقال سياران دونيلي، نائب الرئيس الأول لشؤون الاستجابة للأزمات والتعافي والتنمية في لجنة الإنقاذ الدولية: «إن الوضع في ليبيا يتدهور بشكل مطرد بسبب سنوات من الصراع وعدم الاستقرار، بالإضافة إلى آثار تغير المناخ».
وأضاف: «على الصعيد العالمي، أدى تغير المناخ إلى جعل هذه الظواهر الجوية المتطرفة أكثر تواترا وشدة، مما يزيد من صعوبة قدرة المجتمعات على التأقلم وإعادة البناء، خاصة في المناطق المتضررة من النزاع».
الفيضانات تغمر محطات مترو
ورغم أن حجم الدمار والخسائر في الأرواح البشرية كان أصغر في آسيا، إلا أنها شهدت أيضاً عواصف مميتة وغير مسبوقة.
مر إعصارا ساولا وهايكوي، عبر المنطقة في غضون أيام من بعضهما البعض خلال الأسبوع الأول من سبتمبر، مما تسبب في أضرار واسعة النطاق في جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي، ومدينة هونغ كونغ وأجزاء أخرى من جنوب الصين بما في ذلك شنتشن.
وعلى الرغم من أن إعصار ساولا أغلق المدارس والشركات في هونغ كونغ لمدة يومين، إلا أن الضرر الحقيقي جاء بعد أسبوع عندما تعرضت المدينة لعاصفة مفاجئة، حيث غمرت الفيضانات محطات مترو وطرق.
وتسببت العاصفة في أعلى معدل لهطول الأمطار في الساعة منذ بدء التسجيل في عام 1884، وفقا لسلطات هونغ كونغ.
عشرات المنازل بدون كهرباء في تايوان
وفي تايوان، ترك إعصار هايكوي عشرات الآلاف من المنازل بدون كهرباء، وتم إجلاء أكثر من 7000 ساكن.
وقالت تشو إن الأعاصير المزدوجة كانت “حالة استثنائية” خلقت الظروف لعاصفة شديدة بشكل غير عادي في الأسبوع التالي.
جلبت الأعاصير كتلتين هوائيتين بطيئتين الحركة، مثقلتين بالرطوبة وتتحركان في اتجاهات مختلفة – مما أدى إلى اصطدامهما وإلقاء تلك المياه فوق هونغ كونغ.
أمطار غزيرة في الأميركيتين
وقد غمرت المياه أجزاء من الأميركيتين أيضا، وسجلت البرازيل أكثر من 30 حالة وفاة الأسبوع الماضي بعد هطول أمطار غزيرة وفيضانات في ولاية ريو غراندي دو سول، وهي أسوأ كارثة طبيعية تضرب الولاية منذ 40 عاما.
وقالت عالمة الأرصاد الجوية البرازيلية، ماريا كلارا ساساكي، إنه في غضون أسبوع، تلقت الولاية متوسط كمية الأمطار المتوقعة طوال شهر سبتمبر بأكمله.
وفي الوقت نفسه، في الولايات المتحدة، تصدر مهرجان «الرجل المحترق» عناوين الأخبار بعد أن ضربت عاصفة ممطرة غزيرة المنطقة، حيث طلب من عشرات الآلاف من الحاضرين الحفاظ على الطعام والماء بينما تقطعت بهم السبل في صحراء نيفادا.