تمكن الفلسطینیون، من تحقیق الانتصار  على قناصة دولة الاحتلال الاسرائیلي، باشعال ألاف الاطارات المطاطیة التي شكلت سحابة سوداء حجبت رؤیة القناصة وغطت المستعمرات « المستوطنات» الاسرائیلیة الجنوبیة.. ويؤكد خبراء سياسيون وعسكريون، للغد، أن «الأسلحة الشعبيةۚ» التي ابتكرها الفلسطينيون، انتصرت على رصاص دولة الاحتلال.. وقال خبير الدراسات الدولية والاستراتيجية، السفير محمد جلال، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، للغد، نحن أمام حقيقة فرضت نفسها، وهي أن الفلسطينيين أشعلوا ثورتهم في مواجهة صمت «الجميع» سواء على الصعيد العربي أو الدولي، وفي ظل تحديات راهنة تهدد بتصفية القضية.

وأضاف: إن الفلسطينيين، اثبتوا أن لديهم طاقات لم تنفذ لمواجهة الاختلال الإسرائيلي، وأنهم يتمتعون بفكر نضالي كشف عن «التطور النوعي» في أدوات ووسائل المقاومة السلمية، وهو ما ترصده دولة الاحتلال بقلق متصاعد مع الأسبوع الثاني لفعاليات مسيرة العودة، بينما يواجه الفلسطينيون صمتا عربيا ودوليا، وهم لا يلتفتون إلى تلك المواقف، ومن بينها رفض الولايات المتحدة الليلة الماضية، أن يتبنى مجلس الأمن الدولي، مجرد بيان يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل حول قيام قوات الاحتلال الاسرائيلية بقتل متظاهرين فلسطينيين عمدا ضمن مسيرات العودة الكبرى.

ومن جانبه أوضح الخبير العسكرين اللواء محمود عبد اللطيف، للغد، أن مسيرة العودة الكبرى، تكتب مرحلة جديدة من الثورة الشعبية الفلسطينية، من قطاع  غزة، إلى الضفة الغربية، ويواصلون مسيرات حملت شعارا «مرعبا» لدولة الاحتلال، وهو «العودة الكبرى» وإعادة القضية الفلسطينية إلى  الواجهة، وإلى جذورها منذ سبعة عقود  مع اغتصاب الأرض وتأسيس المشروع الصهيوني.

وقال الخبير العسكري للغد: ما حدث أمس الجمعة، يعبر عن قدرة الفلسطينيين، في «التكتيك والمناورة والمبادرة» في مواجهة جيش الاحتلال، الذي وجد نفسه في مواجهة «سلاح جديد» بسيط ومؤثر، بإحراق «الكاوتشوك»، ولم تكن العملية عشوائية، بل تمت بتخطيط وترتيب بدأ بدراسة «المناخ واتجاه الرياح» ولذلك اشعلوا الإطارات بعد التاسعة صباحا لأن التوقعات كانت تشير إلى أنّ الرياح ستكون شرقية إلى شمالية شرقية وبالتالي سيتجه الدخان نحو قطاع غزة ويتسبب بمشاكل بيئية وصحية كبيرة، وأن الرياح بعد التاسعة صباحا ستكون باتجاه الغرب وبالتالي سيتجه الدخان عندها صوب جنود وقناصة الاحتلال.

وأضاف الخبير العسكري، هذا تخطيط ميداني «جديد» بإحراق عشرات آلاف إطارات السيارات، في وجه الاحتلال وجنوده، ونصب كميات كبيرة من الألواح الزجاجية العاكسة، لارباك جيش الاحتلال، الذي استخدم الطائرات لاطلاق الرصاص الحي والقنابل الغازية، وفي نفس التوقيت وقعت مواجهات شعبية واسعة في عدة مدن وبلدات في الضفة الغربية المحتلة، تصديا لجيش الاحتلال، الذي اعتدى كعادته، بوحشية على المسيرات الشعبية في الضفة.

ويؤكد الخبير الأمني، اللواء محمد زهير، للغد، أن  أحداث مسيرة العودة الفلسطينية، لا تزال على هامش المتابعة والاهتمام العربي سواء على الصعيدين الشعبي والرسمي، رغم أن هناك حالة ثورية جديدة «ترعب إسرائيل».. وقال في تصريحات للغد: نحن بكل أسف بعيدين حتى الآن عن رصد نتائج مسيرة العودة المشتعلة في فلسطين، والتي ترصدها بقلق الدوائر الإسرائيلية، وعلى سبيل المثال خبير إسرائيلي، «يوني بن مناحيم»، وهو ضابط سابق في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، مؤكدا أن النجاح الذي حققه الفلسطينيون يوم الأرض في الثلاثين من الشهر الماصي،مارس / آذار، سيمنحهم حافزا أكبر لتوسيع هذا النجاح، وتعميمه في ذكرى إحياء النكبة في منتصف الشهر المقبل مايو / آيار.

وأضاف اللواء زهير، للغد، إن الخبير الإسرائيلي رصد بموضوعية،  ما حققته مسيرات العودى الفلسطينية، ومنها بحسب نص كلماته «عودة القضية الفلسطينية وحق العودة للفلسطينيين إلى أجندة السياسة الإقليمية والدولية.. والتسبب بإحراج إسرائيل في الساحة الدولية؛ لأن الفلسطينيين نجحوا بتصوير جيشها وهو يطلق النار على المدنيين العزل لييستهد حتى الآن 27 فلسطينيا، ويصيب أكثر من الفين.. وإعادة موضوع حصار غزة والأزمة الإنسانية فيها من جديد إلى صدارة الاهتمام العالمي.. ووضع المزيد من العقبات أمام صفقة القرن للرئيس الأمريكي، دزنالد ترامب، بعد أن تحولت حدود غزة الشرقية والجنوبية والشمالية إلى مراكز احتكاك جديدة بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي..واستعادة الطابع الشعبي للصراع الذي يخوضه الفلسطينيون».

ويقول أستاذ علم الاجتماع السياسي، د. ماهر نصيف، للغد، لقد سطر المنتفضون في قطاع غزة ابداعا جديدا في مقاومتهم الشعبية الحاشدة، وانتصروا بالفعل على نيران جيش الاحتلال، في مقاومة سلمية لدولة الاحتلال، وفي توقيت لم تتوقعه السلطات الإسرائيلية، فقد كانت القضية على هامش الاهتمام الدولي، وثانيا كانت المبادرات التي تم تسريب بعض بنودها تشير إلى مساع لتصفية القضية وفق حلول أمريكية ـ إسرائيلية، وشبه تراضي عربي غير معلن، ليفاجأ الفلسطينيون الجميع بمسيرات العودة الكبرى، والتي تبلغ ذروتها في ذكرى النكبة.

وتابع الدكتور نصيف في تصريحاته للغد، لقد أجبر الفلسطينيون باستخدامهم سلاح شعبي بسيط، وهو احراق الكاوتشوك واستخدام المرايا العاكسة،، بأن يستخدم  جيش الاحتلال مراوح ضخمة لمنع دخان الاطارات من الوصول اليهم، ومحاولة تغيير تجاه الرياح، إلى جانب اطلاق عدة طائرات حربية في الاجواء لإطلاق قنابل الغاز على المدنيين. وما تحقق حتى الآن على صعيد المواجهة هو انجازات لمسيرة العودة.