د. أيمن سمير يكتب: حروب الحدائق الخلفية

د.أيمن سمير

رداً على نشر الولايات المتحدة صواريخ “جوبيتر” في تركيا قرب الحدود السوفيتية، حاول الزعيم السوفيتي خروشوف الاقتراب كثيراً من الحدود الأمريكية عندما أرسل صواريخ تستطيع حمل رؤوس نووية إلى كوبا التي تبعد عن ولاية فلوريدا الأمريكية بــ90 ميلا فقط.

وكان ذلك في أكتوبر 1962 عقب فشل عملية “خليج الخنازير” التي أمر بها الرئيس جون كيندي عام 1961 ورغم نجاح القيادتين السوفيتية والأمريكية في وقف اندلاع حرب نووية فإن موسكو وواشنطن أدركا أهمية العمل في “الحدائق الخلفية” للطرف الآخر، وزاد هذا السلوك بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، لكن تولي الرئيس بوتين مقاليد الحكم واستعادة روسيا روحها القومية، والصعود الاقتصادي والعسكري الهائل للصين جعل من “الحرب في المناطق الخلفية” لكل دولة من الدول الثلاث إستراتيجية تبدو كأنها الخيار الأفضل “لعدم المواجهة المباشرة” بين هذه الأقطاب الثلاثة..

فإلى أي مدى يمكن أن تصل حرب “الحدائق الخلفية” بين واشنطن وموسكو وبكين؟ وما الأدوات التي يعتمد عليها كل طرف؟ وهل يمكن أن تتكرر أزمة الصواريخ الكوبية وخليج الخنازير مرة أخرى؟

 الزحف شرقاً

تقوم إستراتيجية الولايات المتحدة وحلفائها في حلف الناتو على الزحف شرقاً والاقتراب من الحدود الروسية، والعمل على تقويض أي نفوذ لروسيا في الدول المحيطة بها، بل تحويل دول الجوار الروسي لعبء سياسي وعسكري للكرملين، وتحقق لوشنطن الكثير من هذا الهدف، فمنذ انهيار الاتحاد السوفيتي تحولت دول كثيرة من العداء للغرب والولايات المتحدة إلى دول تشكل الجبهة الأمامية لدعم الولايات المتحدة في صراعها مع روسيا، وخير دليل على هذا في الوقت الحالي أن حكومات مثل أوكرانيا وبولندا ولاتفيا وإستونيا وليتوانيا هي التي تقود الصراع ضد روسيا رغم أن هذه الدول كانت شيوعية حتى وقت قريب، ومن يتأمل الأزمة التشيكية الروسية يتأكد له كيف نجحت الولايات المتحدة في خلق “بيئة جوار معادية” لروسيا رغم بقاء التشيك لأكثر من 50 عاماً ضمن الحظيرة الروسية.

لكن ربما أكثر ما يقلق روسيا من زحف الولايات المتحدة قرب حدودها هو ما يحدث في جورجيا وأوكرانيا وبيلا روسيا، فمنذ 2003 تعمل واشنطن على بناء سلسلة من القواعد العسكرية في هذه الدول، وأدى هذا الأمر إلى كوارث سياسية في جورجيا التي خاضت حروبا ضد مناطق انفصالية مثل أفخازيا وأوسيتيا الجنوبية، كما خسرت أوكرانيا شبة جزيرة القرم، ويمكن أن تخسر دونباس أيضاً.

ومحاولة تغيير النظام السياسي في بيلاروسيا لصالح الغرب هي أحدث محاولات ما تسمى بالثورات البرتقالية شرق أوروبا، كما أن المناورات العسكرية التي سيجريها حلف الناتو بالقرب من الحدود الروسية في يونيو المقبل تأتي دعماً لدول المنطقة الخلفية لروسيا خاصة لرومانيا وبلغاريا ودول بحر البلطيق وأوكرانيا في خلافاتهم مع روسيا، ناهيك عن أن الولايات المتحدة وضعت خطة لخلق سلسلة من المشاكل الجيو-سياسية بين الصين من ناحية، ودول جنوب شرق آسيا وأستراليا والهند وكوريا الجنوبية واليابان من ناحية، وذلك بهدف واحد وهو أن تستنزف قدرات الصين في الصراع مع دول الجوار، ولا تكون لها أي فرصة لتحدي الولايات المتحدة على الساحة الدولية.

 الخاصرة الرخوة

ورغم مرور ما يقرب من 60 عاماً على أزمة خليج الخنازير والصواريخ الكوبية فإن روسيا ومعها الصين يعملان بقوة من أجل إضعاف نفوذ الولايات المتحدة في الحديقة الخلفية لواشنطن وهي دول أمريكا اللاتينية، ويظهر هذا الصراع الحاد في فنزويلا حيث تدعم الولايات المتحدة خوان جوايدو زعيم المعارضة بينما تعتبر بكين وموسكو الرئيس نيكولاس مادورو هو الرئيس الشرعي، وتعاني دول كثيرة في أمريكا اللاتينية من الصراع بين الموالين لروسيا والصين من جانب، والمواليين للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين من جانب آخر، فحتى عام 2004 كان النفوذ الروسي في كوبا فقط، لكن اليوم هناك علاقات قوية تجمع الدب الروسي والتنين الصيني مع دول كثيرة في أمريكا اللاتينية.

فالصين وروسيا تنظران لدول أمريكا اللاتينية باعتبارها “الخاصرة الرخوة ” للولايات المتحدة، فمعدلات التجارة بين هذه الدول مع الصين تفوق معدلاتها مع الولايات المتحدة، كما أن دول أمريكا الجنوبية أكثر قبولاً للقاحات الصينية والروسية منها للقاحات الغربية، ويستوردون السلاح والذخيرة من روسيا، كما تعمل موسكو على بناء علاقات طويلة مع دول أمريكا اللاتينية من خلال السعي لبناء محطات طاقة نووية، وهو ما يؤكد أن خيار الحرب في الحدائق الخلفية سيظل فترة طويلة في المستقبل من أجل تجنب المواجهات والحروب المباشرة.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]