شاهد| مدينة جزائرية تكتسي بالثلوج

صفحة خلاف طويت، بعد اتصال هاتفي جمع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بنظيره الفرنسي إيموانويل ماكرون، تطرقا خلاله، إلى قضية تهريب وإخراج مواطنة تحمل جنسية مزدوجة، جزائرية – فرنسية، من قبل المصالح القنصلية الفرنسية، بتونس.

هذا الحوار بين قائدي البلدين، ساهم في إزالة اللبس الحاصل، والاتفاق على عودة السفير الجزائري إلى باريس خلال الأيام المقبلة، بعد أكثر من شهر على استدعائه للتشاور، بقرار من الرئيس عبد المجيد تبون.

وخلال الأيام الماضية، أرسل ماكرون رسائل تهدئة، اعتبرها متابعون اعتذارا مبطنا، معلنا بأنه لم يكن وراء تهريب الناشطة السياسية أميرة بوراوي، ومتهما لوبيهات داخل فرنسا بإعاقة مسار المصالحة بين البلدين.

واتفق الرئيسان خلال المكالمة الهاتفية على تعزيز العلاقات الثنائية، وتجسيد إعلان الجزائر، الذي أُبرم خلال زيارة الرئيس ماكرون إلى الجزائر، شهر أغسطس الماضي، وتقوية وتعزيز التعاون، بين البلدين بما في ذلك زيارة الدولة المقبلة، التي سيؤديها الرئيس تبون إلى فرنسا.

والعلاقة بين الجزائر وفرنسا لطالما عرفت مراحل فتور وأزمات، آخرها قضية الناشطة أميرة بوراوي، غير أن الثابت هذه المرة، هي رغبة رئيسي البلدين في تجاوز الخلافات، والنظر إلى المستقبل بالتصالح مع الماضي الذاكرة.

من الجزائر د. محمد سي بشير أستاذ العلوم السياسية، أن الأزمات بين فرنسا والجزائر معقدة ومتشابكة للغاية.

وأضاف بشير، خلال تصريحات له مع برنامج حصة مغاربية، أنه يجب حلحلة الأزمات بين فرنسا والجزائر من خلال اللقاءات الدبلوماسية بين الزعمين.

وأوضح أن اللقاءات بين الزعمين يجب أن تعمل على حل الملفات العالقة بين البلدين خاصة أن الرئيس الجزائري يزور باريس مايو المقبل.

من باريس كريستيان لوكسين رئيس مركز الدراسات الأبحاث الدولية، أن ماكرون حينما ترشح لم يعلن أنه سوف يعتذر للجزائر لكن أكد أن الاحتلال يعتبر جريمة.

وأوضح لوكسين، خلال تصريحات له مع برنامج حصة مغاربية، أن ماكرون لا يرغب أن تكون الدول رهان للماضي ويجب معالجة رواسب التاريخ.

طوى الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون، والجزائري عبد المجيد تبّون، صفحة الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين البلدين.

وأزال الرئيسان، خلال مكالمة هاتفية، ما اعتبراه سوء تفاهم بشأن الخلاف حول المواطنة الفرنسية-الجزائرية أميرة بوراوي، وذلك في إشارة إلى إقدام الجزائر في فبراير/ شباط الماضي على استدعاء سفيرها في باريس، متهمة فرنسا بتهريب أميرة بوراوي، المحكوم عليها بالسجن في الجزائر.

واعتبرت الجزائر أن وصولها إلى فرنسا يشكل “عملية إجلاء سرية وغير قانونية” تمّت بمساعدة دبلوماسيين وأمنيين فرنسيين، واستدعت سفيرها في باريس سعيد موسي للتشاور.

من هي أميرة بورواي؟
أميرة بوراوي، طبيبة تبلغ من العمر 46 عاما، عُرفت عام 2014 بمشاركتها في حركة “بركات” ضد ترشح الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة.

وسُجنت في العام 2020 بتهم عديدة ثم أطلق سراحها في الثاني من تموز/يوليو 2020. وهي تواجه حكما بالسجن لمدة عامين بتهمة “الإساءة” للإسلام بسبب تعليقات أدلت بها على صفحتها بفيس بوك.

وبعد تدهور مفاجئ في العلاقات في خريف 2021، عملت فرنسا والجزائر على تحسين علاقاتهما خلال زيارة ماكرون في آب/أغسطس الماضي للجزائر حيث وقّع مع تبون إعلانا مشتركا لدفع التعاون الثنائي.

مكالمة إزابة الجليد

وفي السياق، قال الدكتور توفيق بوقاعدة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، إن مكالمة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ونظيره لجزائري عبد المجيد تبون، أنهت هذه الأزمة التي دامت لأكثر من شهر.

وأضاف بوقاعدة في برنامج (وراء الحدث) أن البيان الأول للجزائر أكد أن هناك انتهاك فرنسي للسيادة الجزائرية فيما يخص أزمة أميرة بوراوي، لكن تبين بعد ذلك أنه لا توجد للعاملين بالقنصلية الجزائرية أي علاقة بالتهريب.

كما أوضح بوقاعدة أن الطرفين أماطا اللثام عن سوء تفاهم، وسيعملان على توطيد العلاقات في المرحلة المقبلة، من خلال تكثيف الاتصالات.

وأشار إلى أن هناك محاولات لتحاوز الأزمة، والذهاب نحو تفاهمات اغسطس/ آب 2022 الرامية إلى الاحترام المتبادل.

الماضي الاستعماري

ومن باريس، قال حسان القبي، الباحث في العلاقات الدولية، إن هناك حساسية في العلاقات الجزائرية الفرنسية، بحكم الماضي الاستعماري، وملف الذاكرة، وتصريحات ماكرون في هذا الشأن.

وأوضح القبي أن الرئيس الفرنسي أكد لنظيره الجزائري أن بلاده ليس لديها أي علم بأزمة أميرة بوراوي، لتأتي هذه الأزمة لتعكير الأجواء من جديد.

كما أكد القبي أن العلاقات الفرنسية الجزائرية رغم ما يشوبها من توتر إلا أن البلدين بينهما شراكات وتعاون على المستوى الاقتصادي.

قال قصر الإليزيه في بيان، اليوم الجمعة، إن سفير الجزائر لدى فرنسا سيعود إلى باريس خلال الأيام المقبلة.

وقال الإليزيه إن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال محادثة هاتفية أن السفير سيعود.

وكانت الجزائر قد استدعت في فبراير/ شباط سفيرها في باريس، متهمة فرنسا بتدبير فرار ناشطة تريد اعتقالها، مما أثار أزمة جديدة بين البلدين بعد شهور من زيادة الدفء في العلاقات.

واستعرض الرئيسان العلاقات الثنائية وتنفيذ إعلان الجزائر الموقع خلال زيارة رئيس الجمهورية للجزائر في أغسطس/آب الماضي.

وشدد الرئيسان على ضرورة تعزيز التعاون بين البلدين في كافة المجالات في ضوء زيارة الدولة التي قام بها تبون لفرنسا.

كما تناول الرئيسان قضايا الاستقرار الإقليمي، لا سيما مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل.