في ذكرى النكبة: حقيقة موازين القوى في حرب 1948

أهمية التجارب في حياة الأمم، أن تعرف عند كل موضع من مواضع تاريخها، كيف وصلت إليه؟ ولماذا؟ وأن تعرف من أين هي قادمة، وإلى أين هي قاصدة ؟ وكيف وصلت بها الأحداث والحوادث إلى هذه الحال؟! والتساؤلات تناولها مؤرخون واكاديميون  إسرائيليون، قاموا بمراجعة الإدعاءات الصهيونية عن حرب عام 1948، وهذه المراجعات نجحت في فضح زيف الإدعاء الإسرائيلي بأن الفلسطينيين تركوا بلادهم بمحض إرادتهم، وقد استطاع هؤلاء المؤرخون تأكيد وقوع عدة عمليات طرد جماعي للسكان من القرى والمدن، وفضح ارتكاب القوات اليهودية لعدد كبير من الجرائم والمذابح الوحشية.

 

 

 

ويسجل الأكاديمي والمؤرخ الإسرائيلي «إيلان بابيه»، وهو يعد من أهم المؤرخين الإسرائيليين، وكبيرالمحاضرين في علم السياسة بجامعة حيفا، والمدير الأكاديمي لمعهد أبحاث السلام، ورئيس معهد «إميل توما» للدراسات الفلسطينية في مدينة حيفا، وهو ينتمي إلى جماعة صغيرة حققت اختراقا سياسيا ناجحا فيما يسميه المؤرخ «المعركة حول الذاكرة في فلسطين»، وهي جماعة «التاريخ الجديد»، أن مجموعة من أحد عشر عسكريا، من القادة والضباط  الشبان، عقدوا إجتماعا مساء الأربعاء 10 مارس/ آذار 1948 في تل أبيب، وصدرت الأوامر العسكرية إلى الوحدات في الميدان للاستعداد للقيام بعمليات ترحيل منهجية ومنتظمة للفلسطينيين من مناطق واسعة من البلاد، وقد تضمنت تلك الأوامر وصفا مفصلا للأساليب التي يجب استخدامها لإجلاء السكان الفلسطينيين بالقوة ، ومن بين هذه الأساليب : بث الرعب والإرهاب على نطاق واسع، وفرض الحصار على القرى ومراكز التجمع السكاني ثم قصفها، وإشعال الحرائق في البيوت والممتلكات والبضائع، والطرد، وعمليات النسف، وأخيرا زرع الألغام بين الأنقاض لمنع السكان المطرودين من العودة ، وقد وزعت على كل وحدة عسكرية، قائمة بالقرى والضواحي المستهدفة في الخطة الأصلية .

 

 

 

هذا ما حدث قبل 15 مايو/ آيار 48 واشتعال نيران المواجهة على ربى فلسطين، بينما يزعم اليهود أن أقلية منهم غلبت الأكثرية من العرب.. وبخلاف مؤرخين عسكريين إسرائيليين كثر، يدحض المؤرخ «بار أون» الذي  خدم عام 1948 في الجيش الإسرائيلي برتبة ضابط قبل أن يصبح رئيس قسم التاريخ فيه وعضو كنيست، هذه الأسطورة في دراسة بعنوان «داوود مقابل جوليات»، ويقول إن عدد اليهود بلغ عام 1948 نحو 650 ألف نسمة، أما الفلسطينيون فبلغ عددهم 1.25 مليون نسمة، لافتا إلى أن عدد سكان الدول العربية التي أرسلت جنودا لفلسطين بلغ وقتها نحو 40 مليون نسمة فيما كان في الجليل ينشط جيش الإنقاذ المكون من متطوعين عرب. مؤكدا أن عدد الجنود اليهود، فاق عدد الجنود العرب بثلاثة أضعاف لأن دولا عربية اكتفت بإرسال عدد هامشي من الجنود، فيما امتنعت أخرى عن التدخل في الحرب.

 

 

 

 

وينصف «بار أون» المقاتلين العرب ويقر بأن عددا كبيرا منهم ضحى بروحه بشجاعة فائقة وشكلوا تحديا كبيرا للمقاتلين في الجانب الصهيوني رغم أنهم كانوا أحيانا أقل عددا.. مؤكدا أن «الزعم الجارف بأن الجيش الإسرائيلي انتصر على العرب : أقلية مقابل أكثرية، فهذا ادعاء خاطئ من ناحية الحقائق وينقصه فهم عوامل الانتصار واستخلاص الدروس المطلوبة».. ويقول إنه لا بأس من رواج الأسطورة لدى عامة الإسرائيليين لكنها تصبح مضرة جدا عندما تدخل رؤوس الجنرالات!!

 

 

 

 

ويضيف المؤرخ الإسرائيلي، إن وزارة التعليم ربت الإسرائيليين جيلا بعد جيل على أن أقلية يهودية شجاعة تفوقت على أكثرية عربية في 1948 لافتا إلى تكريس هذه الأسطورة من فوق إلى تحت برعاية وتوجيه رئيس حكومة الاحتلال الأول دافيد بن غوريون، لكن حينما نعود لفحص الحقائق يمكن ملاحظة أن بن غوريون نفسه اعترف بما هو خلاف الأسطورة التي شجع على تنميتها وتكريسها. ففي اجتماع لجنة الخارجية والأمن في فبراير/ شباط 1960 اعترف بن غوريون بوضوح بأنه في أغلب مراحل حرب 1948 تمتع الجيش الإسرائيلي بأغلبية عددية لا كيفية فحسب، «فقد امتلكنا وقتها جيشا أكبر من جيشهم».

 

 

ويوضح «بار أون» الذي يشير لرقم الوثيقة التي يستند لها في أرشيف المؤسسة العسكرية، أن الحاجة للسؤال اليوم بعد 70 عاما على النكبة وقيام إسرائيل: ماذا كانت حقيقة موازين القوى في 1948 وأين تختبىء الحقيقة خلف الأسطورة المذكورة؟

 

 

 

 

ويرى «بار أون» أن إحدى خلاصات حرب 1948 هي عدم الاستخفاف بالعرب، وإن الانتصار في الميدان هو من نصيب من يمتلك القوات والطاقات وليس «لأننا أقلية مقابل أغلبية».. وإذا كانت غولدا مئير جندت 50 مليون دولار، فإن العرب جندوا 25 ألف ليرة..ويضيف «لم ينجح هذا العالم العربي الكبير بتجنيد ما يكفي من جنود لمنع النكبة، أما ضعف الفلسطينيين في البلاد فمرده قمع الانتداب البريطاني  لقواتهم خلال الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936. كما ينبغي الأخذ بالحسبان تجنيد المال والموارد.. ولم تفلح اللجنة العربية العليا في جمع أكثر من 25 ألف ليرة في مستهل القتال، أما جيش الهغاناه وحده فقد بلغت ميزانيته وقتها ثلاثة ملايين ليرة. أم غولدا مئير وحدها فقد جمعت حتى مارس/ آذار 1948 أكثر من 50 مليون دولار في الولايات المتحدة وكندا».

 

 

ولم تعد هذه الرؤية تقتصر على المؤرخين الإسرائيليين الجدد، فقد أدركت أيضا جهات عربية تفوق الجانب اليهودي كما وكيفا وقتها. في تقاريرها الأولى التي قدمها للجامعة العربية قبيل قرار التقسيم عام 1947، حيث  أكد الجنرال العراقي إسماعيل صفوت( رئيس اللجنة العسكرية في الجامعة العربية) أن بحوزة المستوطنين اليهود قوى عسكرية وقدرات تنظيمية ومالية قادرة على حسم المعركة بسهولة.. ورغم التقييمات العربية ورغم تفوق الجانب اليهودي كما وكيفا فقد منيت العصابات الصهيونية بهزائم موجعة، وهناك من رجح كارثة يهودية تبلغ حد تدمير الاستيطان اليهودي.

 

 

ويقول بار أون إن القوات الصهيونية تعرضت لخسائر فادحة في «معارك الطرق» أبرزها قافلة بن عامي من عكا إلى الجليل الأعلى في مارس / آذار 1948 وغيرها. ويقول إن الأفضلية كانت في البداية للعرب

 

 

 

 

ويتابع «بدأ الجانب اليهودي بتحريك قواته النظامية بينما كان الجانب العربي يعتمد بالأساس على متطوعين قرويين أصحاب ولاءات محلية. إذا أخذنا على سبيل المثال قرية القسطل أو النبي دانييل في ضاحية القدس فقد جند الفلسطينيون مئات المقاتلين لكن ذخائرهم كانت تكفي ليوم او يومين، ولذا لم ينجحوا باحتلال مستوطنة واحدة».

 

ويشير إلى أن الكثير من النجاحات الفلسطينية الميدانية وقتها نسبت للشهيد عبد القادر الحسيني قائد الجهاد المقدس في منطقة القدس، والذي استشهد قبل 70 سنة تماما في معركة القسطل.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]