يبدو واضحا من الأجواء المصاحبة للانتخابات البرلمانية اللبنانية، الشهر المقبل، في السادس من مايو/ آيار، أن المشهد السياسي اللبناني على أبواب مرحلة جديدة فيما بعد الانتخابات، وقد يشهد ـ بحسب تقديرات وزراء وعدد من السياسيين اللبنانيين، خلط الأوراق، لإعادة تشكيل السلطة في لبنان، وعدم التمسك بنصوص أوراق التفاهم بين القوى السياسية، والبحث عن قواعد جديدة وصولا لمناصب قيادية، وأن الاستثناء الوحيد في تغيير «تركيبة» التحالفات هو التحالف الاستراتيجي بين «حركة أمل» و«حزب الله»، وإن كان الأخير يحرص على مراعاة حليفه «التيار الوطني» برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل، صهر الرئيس ميشال عون، ولكن ليس على حساب التفريط بتحالف «الثنائي الشيعي».
ويؤكد سياسيون في بيروت، أن التسوية التي توصل إليها العماد عون قبل انتخابه رئيساً للجمهورية مع الحريري ستبقى صامدة ولن تتأثر بالتداعيات السياسية للانتخابات النيابية، خصوصاً أن «التيار الوطني» و «المستقبل» يطمحان للوصول إلى البرلمان بأكبر كتلتين نيابيتين لا يمكن التفريق بينهما مهما كثرت الإغراءات السياسية، فإن دفعهما إلى الطلاق السياسي يبقى من «سابع المستحيلات».
وأن ثبات التحالف بين «تيارالمستقبل» بزعامة سعد الحريري، و«التيار الوطني الحر» برئاسة جبران باسيل، لا يعني أن الأخير لديه القدرة على التفريط بعلاقته بحزب الله، وسيحاول «جبران باسيل» اتباع سياسة تدوير الزوايا، لأنه في حاجة ماسة إليه لعبور الممر الآمن إلى رئاسة الجمهورية، على رغم أنه يخوض من خلال الانتخابات النيابية أولى معاركه في مواجهة منافسيه رئيس «القوات» سمير جعجع، وزعيم «المردة» سليمان فرنجية.
والواضح أن «باسيل» بدأ يخطط منذ الآن للوصول إلى سدة الرئاسة الأولى، وهذا ما يبرر له من وجهة نظره عدم التقيد بالحد الأدنى من قناعاته السياسية في نسج تحالفاته الانتخابية، وقد نجح إلى حد كبير في أن يتحالف مع «الثنائي الشيعي» و «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» (الأحباش)، مقابل تحالفه في أكثر من دائرة مع خصم الأخيرة، أي «الجماعة الإسلامية»، إضافة إلى تفضيله التحالف مع رئيس الحزب «الديموقراطي اللبناني» الوزير طلال أرسلان، على حساب حليفه الآخر رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب..خاصة و أن المعيار الوحيد الذي يتبعه باسيل في نسج تحالفاته الانتخابية يكمن في أنه لا يبالي في جمعه بين الأضداد تحت سقف واحد بحثاً عن مقعد من هنا وآخر من هناك يؤمّن له الوصول إلى البرلمان على رأس أكبر كتلة نيابية.
والتوقعات في بيروت، تدور حول إمكان قيام كتلة وسطية في البرلمان البرلماني تجمع تحت سقفها «اللقاء الديموقراطي» بزعامة وليد جنبلاط، الذي يحرص حتى الساعة على تحالفه مع تيار «المستقبل» ورئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي، وتيار «المردة» برئاسة سليمان فرنجية.
وعليه، فإن مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية ستكون مفتوحة على احتمالات تتجاوز في معظمها تشكيل الحكومة الجديدة إلى الإعداد للمعركة الرئاسية ولو في وقت مبكر،
ويقال إن رئيس الحكومة سعد الحريري عائد لتشكيل الحكومة اللبنانية، وأن أول مشكلة يمكن أن تواجهه تتعلق بالضغط على جبران باسيل، سواء كان في الحكومة أو على رأس «تكتل التغيير»، من أجل تحسين سلوكه السياسي، والكف عن تقديم نفسه على أنه الإصلاحي الأول والأخير في البلد.