ماجد كيالي يكتب: حق الفلسطينيين في المقاومة وفي تحديد أشكالها وخياراتها

ماجد كيالي

منذ مطلع هذا العام قتلت إسرائيل بالرصاص الحي أكثر من 40 فلسطينيا، ضمنهم خمسة فلسطينيين في الـ24 ساعة الماضية، معظم الضحايا الشهداء نساء وأطفال وشيوخ، قتلوا بتعمد، وإضافة إلى الشهداء ثمة عشرات الجرحى، وأكثر من ألف معتقل، يأتي ضمن الشهداء امرأة هي أم لستة أطفال (غادة سباتين 48 سنة)، قتلت على الشبهة، أو لمجرد خوف جنود مذعورين، كما بين المعتقلين فتى اسمه أحمد مناصرة اعتقل قبل سبعة أعوام، وهو طفل عمره 13 عاما، بدعوى محاولة طعن مستوطن (2015).
في ذات السياق، وبحسب تقارير منظمة “بتسيليم” الإسرائيلية، فمنذ اندلاع الانتفاضة الثانية (سبتمبر 2000)، لقي 10248 فلسطينيا مصرعهم بالرصاص (ضمنهم شهداء الانتفاضة الثانية والحروب الأربعة على غزة)، من بينهم ثمة 82 فلسطينيا قتلوا على يد مستوطنين، وفي المقابل قتل 1279 إسرائيليا (ضمنهم 1060 خلال الانتفاضة الثانية 2000ـ 2004)، حيث كانت النسبة وقتها إسرائيلي مقابل أربعة فلسطينيين في حين هي اعلى كثيرا، أي بين 10 ـ 15 ضعفا، في باقي الفترات.
في كل الأحوال، فإن ذلك يفيد بأن إسرائيل، التي أقيمت قبل 74 سنة، هي الطرف الذي يتحمل مسؤولية كل ما يجري في فلسطين التاريخية، وضمن ذلك في الضفة والقطاع المحتلين منذ 55 سنة، بإصرارها على استمرار الاحتلال والاستيطان والتمييز العنصري، وتعريفها لذاتها كدولة يهودية، وبإطاحتها عملية التسوية جملة وتفصيلا، وتجاهلها حقوق الفلسطينيين السياسية والإنسانية، وسعيها السيطرة عليهم بكل وسائل القسر والإخضاع، السياسية والعسكرية والاقتصادية والإدارية.
مثلا، فقد خرجت إسرائيل من غزة (2005) لكنها حولته إلى منطقة محاصرة، أي إلى سجن عام كبير، وهي لم تخرج من الضفة، بل حولتها إلى معازل متفرقة، مع جدار فاصل، ومستوطنات كبيرة، ونقاط استيطانية كثيرة، ومع حواجز، وطرق التفافية وجسور وأنفاق، خاصة بالإسرائيليين، على حساب أراضي الفلسطينيين وعلى حساب التواصل بين بلداتهم. أيضا، ثمة 357 فلسطينياً قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي خلال 2021، ضمنهم ضحايا الحرب على غزة في مايو (أيار) الماضي، في حين بلغ عدد الأسرى والمعتقلين في تلك السنة حوالي 8 آلاف، بينهم 1300 قاصر، كما ثمة 950 بيتاً هدمت، حوالي نصفها أُجبر أصحابها على هدمها بأيديهم.
اللافت أن إسرائيل تصر على اعتبار ذاتها كضحية للفلسطينيين، كأن هؤلاء هم من يحتلوا أراضيها، ويصادروا مواردها، ويمعنوا في التشريد والاعتقال والقتل في شعبها، بل إن إسرائيل تلك تطالب الفلسطينيين بتأمين الحماية والأمن لها ولمستوطنيها، وهي حالة فريدة في التجارب الاستعمارية.
ولعل أهم ما يفترض إدراكه هنا أن العنف الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين، بمختلف الوسائل، السياسية والعسكرية والاقتصادية والإدارية، هو عنف ممأسس أي إنه جزء من بنيتها، ومن طبيعتها، بمعنى أنه ليس مجرد عنف طارئ، أو ثانوي، أو طبيعي، أو مجرد ردة فعل.
مع كل ذلك، فإن ما يجري يفترض تقديم وجهة نظر موضوعية إزاء ما يجري، يأتي فيها، أولا، أن ردة فعل الفلسطينيين، ولو غير المحسوبة، أو غير المدروسة، هي مع عديد من العوامل، بمثابة نتاج لتلك السياسات، منذ بداية المشروع الصهيوني، وهي ردة فعل على السياسات الاستعمارية والاستيطانية والعنصرية التي تنتهجها إسرائيل.
ثانيا، لا ينسينا ما تقدم أن المقاومة المسلحة لها تجربة 57 عاما، ويفترض أن نستفيد من دروسها، وأن الفلسطينيين لديهم تجربة رائدة في الكفاح الشعبي، كما تمثلت في الانتفاضة الشعبية الأولى (1987ـ 1993)، وهي تجربة بينت أنها الأنسب والأكثر جدوى.
ثالثا،ما يجري، مع الاحترام للتضحيات والبطولات، عمليات ذات طابع فردي، وعفوي، وليس ضمن خطة، أو جهد منظم لشعب، بمعنى أن ترحيب الفصائل بهكذا عمليات مجرد محاولة لتغطية عجزها، ولتغطية عدم قدرتها على بلورة أشكال كفاحية مناسبة في إدراكات الفلسطينيين، وفقا لكل مرحلة وكل ظرف.
رابعا، يفترض بعد كل تلك التجارب ألا يستدرج الفلسطينيون إلى المربع الذي تتفوق فيه إسرائيل، ويسهل عليها البطش بهم وهو ما حصل في مرات عديدة سابقة، سيما في المعطيات الفلسطينية والعربية والدولية الراهنة غير المواتية.
خامسا، الأساس أن المقاومة تستنزف مجتمع العدو، لا أن تسهل للعدو استنزاف مجتمع الفلسطينيين، وإضعافه، ما يضعف صموده في أرضه. هكذا، يفترض الابتعاد عن ثنائيات مثل: مع أو ضد، مؤيد أو معارض، فذلك لا يفيد، ولا يجدي، المهم نقاش الموضوع، ودراسة دوافعه، وتأثيراته لاستنباط العبر منه، بعيدا عن العواطف والنزعات الرغبوية…
على ذلك ثمة معايير عديدة، غير عاطفية أو رغبوية أو أيدلوجية، لحساب جدوى المقاومة، بينها اثنان أساسيان، الأول، يتمثل بانتهاج أشكال كفاحية تحيد آلة العدو العسكرية، أي أهم نقطة تفق لديه، ما أمكن ذلك. والثانية، أن تلك الأشكال يفترض أن تمكن من استنزاف العدو، لا تمكين العدو، أو التسهيل عليه، تجريد قوته، لاستنزاف المجتمع الفلسطيني؛ وبديهي أن الإمكانيات، والمعطيات العربية والدولية، تساهم في تحديد الأشكال الأنسب والأجدى.
قصارى القول، ثمة هنا مسألتين، أولاهما، تأكيد أن مقاومة الفلسطينيين لإسرائيل الاستعمارية والاستيطانية العنصرية، وليس الخنوع، هو السلوك الطبيعي المعبّر عن رفضهم لواقع التشرد والظلم والقهر والحرمان من الحقوق والوطن والهوية ودفاعهم عن حقهم في الوجود والعيش بحرية وكرامة. وثانيتهما، أن المقاومة ليست عملاً فردياً، ولو أنها تتضمن نوعاً من ذلك، وليست مجرد رد فعل عفوي، مع أن فيها شيئاً من ذلك أيضاً، وهي لا تقتصر على العنف وإن تضمنت بعضاً منه. وهكذا فمع التفهم والتقدير لأعمال المقاومة الفردية بكل أشكالها، والتي لا يمكن ضبطها، مع ما تنطوي عليه من شجاعة وتضحية وتوق للتحرر، إلا أنها ليست الحل المرتجى ولا الشكل الأنسب والأجدى، بل إنها تعبير آخر عن أزمة حركة التحرّر الفلسطينية، بكل مكوناتها، أي عجزها وفواتها وأفولها، والفجوة بينها وبين مجتمعها.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]