ماجد كيالي يكتب: عن الفراغ القيادي الكبير لدى الفلسطينيين!

ماجد كيالي

مازالت القيادة الفلسطينية تفاجئ شعبها كل يوم بجديد، بسياسات تبعث على الإحباط واليأس والقلق والغضب، إذ الوضع لم يعد يتوقف على تهمش منظمة التحرير الفلسطينية، لصالح السلطة، ولا التحول من حركة تحرر وطني إلى سلطة تحت الاحتلال، ولا فيما يتعلق بتفشي الفساد والعلاقات القائمة على المحسوبية والزبائنية.

هكذا، وإضافة إلى كل ما تقدم، فقد بات ثمة مصادرة للحريات، وقمع للرأي الآخر، وتعاط بقسوة مع الحراكات الشعبية المشروعة، سواء المتعلقة باحتجاجات لأغراض مطلبية/ معيشية، أو المتعلقة باحتجاجات أو اعتراضات على التوجهات السياسية، إذ باتت السلطة ذات صدر ضيق، وبات كل همها ليس إرضاء شعبها، أو الإصغاء إلى مطالبه، بقدر ما هو همها تكريس ذاتها كسلطة، مثل أي سلطة في بلدان العالم الثالث.

وفي الحقيقة فإن كل ما يجري في الساحة الفلسطينية يؤكد بأن ثمة فراغ قيادي فلسطيني كبير، لم تعرف مثله الساحة الفلسطينية من قبل، وهذا يشمل الفلسطينيين في جميع أماكن وجودهم سواء في مناطق السلطة (الضفة وغزة) أو في 48، أو في بلدان اللجوء والشتات، سيما بعد تهميش منظمة التحرير الفلسطينية، وبعد أن لم يعد ثمة كيان فلسطيني يشكل مرجعية أو كيانية واضحة للفلسطينيين أينما كانوا.

القصد بالقيادة، في هذا السياق، ليس وجود، أو عدم وجود، شخصيات قيادية، أو نوع من سلطة، إذ ثمة لدى الفلسطينيين فائض من كل ذلك (ما شاء الله)، في شخصيات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.. وهي صورية أو شكلية، كما في شخصيات المجلسين المركزي والوطني، فهي شخصيات (مع الاحترام) لا تقدم ولا تؤخر، في ظل احتكار القيادة من قبل الرئيس، أو الرئيس ومجموعة من حوله. أيضا ثمة، مثل ذلك، في شخصيات اللجان المركزية والمكاتب السياسية للفصائل (وهي تعد بأكثر من 20 فصيلا!)، يضاف إلى ذلك رؤساء الاتحادات أو المنظمات الشعبية المشلولة منذ زمن، وبالطبع فهذا يشمل الوزراء والسفراء في كيان السلطة الفلسطينية، وهم كثر!

الفراغ القيادي الذي نتحدث عنه هنا، والذي نحن فيه، يتمثل في غياب الرؤية السياسية الجامعة، بدل التشبث بالأوهام، من أي نوع، لا أوهام التسوية الناجمة عن مفاوضات عبثية، ولا أوهام تهدئة ناجمة عن الصواريخ الدعائية، لا أوهام متأتية من إمكان إقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع لجزء من شعب في جزء من أرض مع جزء من حقوق، ولا أوهام متأتية من إمكان تحرير شبر في هذه الظروف والمعطيات العربية والدولية البائسة وغير المواتية.

أيضا، الفراغ القيادي يتمثل بغياب القيادة الملهمة، التي تسهر على تغذية الأمل لدى شعبها، وتبث روح التضحية والكرامة، لا تغذية الإحباط والقنوط والخنوع، ولنلاحظ أن الفلسطينيين قبل إقامة السلطة، أو قبل تحول حركتهم الوطنية من حركة تحرر إلى سلطة، كانوا أكثر تشبثا بالأمل، وأكثر وحدة وتصميما وإقبالا على مواصلة الكفاح من أجل حقوقهم الوطنية، منهم بعد إقامة تلك السلطة.

والفكرة، أو المشكلة، هنا أن القيادة الفلسطينية السائدة، وهي قيادة المنظمة والسلطة وفتح، لم تعد تتحرك من واقع أنها قيادة للشعب الفلسطيني كله، بقدر ما تتحرك وفقا للمكانة التي تموضعت فيها كسلطة، وهي أضحت سلطة في الضفة، بعد أن خرجت غزة من تحت عباءتها، وبات ثمة سلطة أخرى فيها (هي سلطة حركة حماس)، وأن تلك القيادة لا تتحرك من كونها صاحبة القضية، أي قضية فلسطين، بعد أن تزحزحت عن الرواية التاريخية المؤسسة لهوية الشعب الفلسطيني، القائمة على النكبة (1948)، وإقامة إسرائيل، وولادة قضية اللاجئين، إلى الرواية المتأسسة على احتلال الضفة والقطاع (1967)، وبالتالي فهي لا تتحرك من كونها حركة تحرر وطني، وإنما من كونها سلطة معنية بإدارة هذا الجزء من الأرض والشعب الفلسطينيين، وهذا ما يفسر مواقفها وسلوكياتها، وطريقة عملها، بما في ذلك عودتها لعلاقات التنسيق الأمني، والإداري مع إسرائيل، وحلها المجلس التشريعي، وقفها عملية الانتخابات، ورفضها، كما قمعها، لأي رأي آخر، ولأي حراكات شعبية، لأنها ترى في كل ذلك تقويضا لمكانتها، وهزا لسلطتها، ونيلا من التفويض الذي تفترضه لذاتها.

لا حل لهذا الفراغ القيادي الفلسطيني في المدى المنظور، فثمة سلطة تتمتع بكل مقومات الاستمرار، ولو بالإكراه، وفوق كل ذلك فهي سلطة تستمد جزءا كبيرا من مشروعيتها من المعطيات العربية والدولية المواتية، أو المساندة لها، بغض النظر عن الخيارات التي تتخذها.

على المدى البعيد لا مناص للفلسطينيين، أو لقواهم الحية، من العمل للخروج من هذا المأزق، عبر توليد حركة وطنية جديدة، على أسس جديدة، ووفق رؤية سياسية جديدة، تتأسس على استعادة التطابق بين الشعب والأرض والقضية والرواية التاريخية، أما أية خيارات أخرى، غير ذلك، فمن شأنها إعادة إنتاج القديم، أو إعادة إنتاج التجربة ذاتها التي أوصلتنا إلى هنا.

والخلاصة، فإن ما يجري، وضمنه الاعتقال، والتعذيب، وقمع الحراكات الشعبية الفلسطينية، هو دليل على أفول الكيانات السياسية السائدة، وأفول تجربة ماضية، رغم ما فيها من تضحيات وبطولات، بل إن ما يجري هو دلالة على التنكر لتلك التجربة.

 

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]