آخرها أفغانستان.. فشل أمريكي في بناء جيوش الحلفاء
يتكرر مسلسل الفشل للولايات المتحدة في حروبها التي خاضتها خارج أراضيها تحت ذرائع مختلفة، ويبرز هذا الفشل أكثر وأكثر بسبب إخفاق المحاولات الأمريكية في بناء جيوش قوية رغم المبالغ الطائلة والتضحيات الجمة.
تاريخ الإخفاقات
أول هذه الإخفاقات كان في حرب فيتنام التي استمرت 18 عاما بين الأعوام 1955 و1973 بين فيتنام الشمالية المدعومة من الشيوعيين، والجنوبية المدعومة من واشنطن، حيث دفعت الولايات المتحدة بأكثر من 500 ألف مقاتل، ودعمت حكومة فيتنام الجنوبية وعملت على تدريب جيشها.
وخسرت واشنطن أكثر من 58 ألف قتيل أمريكي خلال هذه الحرب، وأنفقت حوالي 168 مليار دولار في التجهيزات العسكرية والمساعدات الاقتصادية، وفي النهاية انسحبت من فيتنام دون تحقيق أي نصر على الشيوعيين.
وتم ضم فيتنام الجنوبية إلى الشمالية بعد عامين فقط من الانسحاب الأمريكي، في انهيار تام وكامل للمشروع الأمريكي هناك.
أما التجربة الأمريكية في العراق فبدأت بحرب الخليج الثانية عام 1991 لتحرير الكويت من الغزو العراقي، وتلا ذلك احتلال العراق عام 2003 بحثا عن أسلحة دمار شامل وبهدف تغيير نظام الحكم فيه إلى نظام ديمقراطي.
وبعد ثماني سنوات أعلنت واشنطن سحب قواتها المقاتلة من العراق دون أن تعثر على أسلحة الدمار الشامل بعدما شكلت نظاما سياسيا عراقيا يتهم دائما بالبنية الطائفية.
وتكبدت واشنطن هناك فاتورة ضخمة تقدر بنحو تريليون و900 مليار دولار أنفقت في تكاليف الحرب والتنمية وإعادة الإعمار والتدريب، أما الخسائر البشرية فتمثلت في مقتل 4487 قتيلا أمريكيا.
ويشمل التمويل للبنتاجون والتكاليف الخاصة بالإنفاق من قبل وزارة الخارجية ورعاية المحاربين القدامى في حرب العراق، إضافة إلى 59 مليار دولار أنفقتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية على العراق وسوريا لتعزيز الديمقراطية وإعادة الإعمار والتدريب
وأخيرًا التجربة الأمريكية في أفغانستان، التي استغرقت 20 عاما بين 2001 و2021 بهدف القضاء على الإرهاب وإسقاط حكم طالبان، إلا أن التجربة لم تصمد حتى قبل إتمام الانسحاب الأمريكي من البلاد الذي أقره الرئيس جو بايدن في الـ31 من أغسطس الماضي.
واقتربت الخسائر الأمريكية في أفغانستان من 978 مليار دولار أنفقت على الحرب، إضافة إلى 143 مليارا لإعادة الإعمار وبناء القوات المسلحة والشرطة، أما الخسائر البشرية الأمركية في أفغانستان فتمثلت في مقتل نحو 2300 جندي أمريكي.
هزيمة ثقافية
في السياق، أكد الكاتب والباحث السياسي من كابول نصير أحمد طاهري، أن الولايات المتحدة انهزمت ثقافيا في أفغانستان لا عسكريا.
وأوضح أن الولايات المتحدة احتلت أفغانستان بسبب أغراض سياسية واقتصادية ومواجهة نفوذ الصين.
وأضاف أن ادعاء الولايات المتحدة بأنها احتلت أفغانستان لمحاربة الإرهاب أمر غير حقيقي.
غياب الرؤية
أكد رئيس مجموعة المورد للدراسات من بغداد نجم القصاب، أن إخفاق الولايات المتحدة في بغداد وكابول وفيتنام هو عدم وجود رؤية أمريكية واضحة تجاه طبيعة تلك الدول.
وأوضح أن هناك مخاوف لدى كثير من القوى الإقليمية من استقرار العراق لذلك سعت تلك القوى إلى إفشال العراق.
وأضاف أن واشنطن لم تكن تمتلك أي رؤية لمستقبل أو طريقة التعامل مع تلك الدول.
أخطاء واشنطن
أكد ريتشارد وايتز مدير مركز التحليل السياسي والعسكري في معهد هدسون، أن العسكرية الأفغانية لم تكن قادرة على مواجهة حركة طالبان.
وأوضح أن واشنطن فشلت في تكوين جيش أفغاني بسبب انتشار الفساد بين قيادات القوات الأفغانية.
وأضاف أن واشنطن ارتكبت بعض الأخطاء أبرزها محاولتها جعل العسكرية الأفغانية مشابهة للأمريكية دون مراعاة طبيعة العسكريين الأفغان.
وشدد على أن العسكرية الأفغانية كانت تحتاج إلى تقوية سلاح الجو لمواجهة تحركات طالبان.
