بروكسل- لخضر فراط
عجت شوارع بروكسل القريبة المحاذية لمنطقة تواجد المؤسسات الأوروبية بآلاف المتظاهرين، للتنديد بالمطالبة بوقف المفاوضات التي تجريها المفوضية الأوروبية حاليا مع الولايات المتحدة الأمريكية من أجل التوصل إلى إبرام اتفاق شراكة أطلسية للتجارة والاستثمار مع نهاية السنة الحالية، فبعد تصريحات كل من ألمانيا وفرنسا لرفضهما الاتحاد، يتحرك الشارع الأوروبي اليوم للتنديد بالاستمرار في المفاوضات، واعتبار الاتفاق خطرا على الاقتصاد الأوروبي، لما يتضمنه من عدم تكافؤ بين مصالح الطرفين، وخطورة ميل الكفة في تفضيل المصالح الامريكية على الأوروبية.
ألمانيا تعتبر أنه ليس من حق المفوضية الأوروبية بمفردها إبرام الاتفاق دون الرجوع للدول وبرمتها لمناقشة والتصديق عليه، بينما فرنسا ترى في الاتفاق تهديدا صريحا لمصالحها الاقتصادية وترفضه، لترد المفوضية الأوروبية أنها تواصل المفاوضات لأن معارضته أقلية في داخل الاتحاد الأوروبي.
الرأي العام الأوروبي المعلن عنه عبر المنظمات المهنية والنقابات يعتبر أن المفاوضات غير شفافة ولا تأخذ بعين الاعتبار مصالح الاقتصاد الأوروبي وتقدم مثلا على تخصيص الولايات المتحدة الأمريكية ميناء واحدا فقط لكل السلع التي تتدفق من أوروبا، بينما السلع الأمريكية المصدرة لأوروبا يمكنها أن تستعمل أي ميناء أوروبي دون حرج.
الوصول إلى الصفقات الحكومية بين الطرفين يعتبره المعارضون للاتفاق بأنه يمثل حجر عثرة في المفاوضات، لأن القوانين الأمريكية المطبقة حاليا في هذا المجال حمائية ولا تؤمن وصول الشركات الأوروبية بكل حرية للاستفادة من الصفقات العمومية الحكومية، بينما لا توجد مثيل لها في أوروبا وكذلك المحاكم التي يتم اللجوء إليها لحماية الاستثمار في حالة تعرضه لتجاوزات ليست بنفس المستوى على طرفي الأطلسي.
المواد الزراعية المعدل جينيا ممنوعة في القانون الأوروبي، بينما الأمر يختلف في الولايات المتحدة الأمريكية والقانون لا يمنع إنتاجها ولا تسويقها وهذا ما يخشاه الأوروبيون بأن تتحول أسواقهم إلى بيع هذه المواد المحظورة بالقانون لديهم كما يخشى مربو الماشية في دول الاتحاد أن تغزو اللحوم الأمريكية التي تستعمل الهورمونات أسواقهم على حساب منتجهم المحلي والحالة يمكن تطبيقها على عدد من المواد الأخرى صناعية زراعية إلخ.
خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أضاف تعقيدات أخرى على المفاوضات الأوروبية الأمريكية للتوصل إلى اتفاق شراكة اطلسية للتجارة و الاستثمار في الموعد الذي يتمناه المفاوضون والتصعيد ضد الاتفاق إذا وصل إلى تعطيل أو رفض أبرامه قبل نهاية السنة الحالية سيحرم ريس الولايات المتحدة باراك أوباما من تحقيق احد التزاماته قبل مغادرة البيت الأبيض.
