«أبو عمار» .. الرمز في تاريخ فلسطين

رغم ارتباط تاريخ فلسطين، برموز من رجالات السياسة والنضال، على امتداد سنوات سبقت عهد بلفور، تصدوا للمؤامرة الصهيونية في بدايات تحركها، ثم فيما بعد مع ثورة  17 إبريل / نيسان 1936 وصولا إلى أعوام مشحونة بالمواجهة والنضال 1946، 1947 ، 1948 .. إلا أن «ياسر عرفات» بقي الرمز الحىّ في التاريخ الفلسطيني وفي وجدان الشعب الفلسطيني.

 

 

 

 

ورغم أن الحركة الوطنية الفلسطينية ، مرت بثلاث مراحل ، كانت القيادات السياسية تمثل نمطا معينا، فالأولى كانت بالإنتخاب، وإمتدت بين عامي 1920 ـ 1934، وكانت القيادة خلالها منبثقة عن المؤتمرات الوطنية الفلسطينية، وقد سميت هذه القيادة باللجنة التنفيذية العربية منذ المؤتمر الفلسطيني الثالث ( 1920 ) برئاسة موسى كاظم الحسيني .. وإمتدت المرحلة الثانية بين عامي ( 1936 ـ 1939 ) حين تشكلت اللجنة العربية العليا مع بداية الإضراب الشامل الذي عم البلاد عام 1936 وكانت اللجنة العربية العليا برئاسة الحاج أمين الحسيني ..  وبدأت المرحلة الثالثة عام 1946 بتشكيل الهيئة العربية العليا لفلسطين بقرار مجلس جامعة الدول العربية على مستوى رؤساء الحكومات، والذي عقد في مصيف  «بلودان» ـ قرب دمشق ـ إلا أن الحركة الوطنية الفلسطينية التي قادها ياسر عرفات ورفاقه في مواجهة دولة الاحتلال، بقيت المرحلة الأهم والأخطر في مواجهة عواصف الحركة الصهيونية التي شدّت كل إمكانياتها على الآخر،  سواء في مكامن التأثير السياسي في أوروبا وأمريكا، أو على أرض فلسطين  المحتلة ..وقاد «أبو عمار» مسيرة نضالية بلغت أكثر من 47 عامًا، سجل خلالها مواقف ثائرة في وجه دولة الاحتلال، وفي العام 1988، ومن قلب قاعة قصر الصنوبر بالعاصمة الجزائرية، وأمام المجلس الوطني الفلسطيني، حمل عرفات بندقية في يده وغصن أخضر في الأخرى، ليعلن قيام دولة فلسطين المستقلة.

 

 

 

 

وصدح إعلان الوثيقة بصوت الشهيد عرفات، وخطها الشاعر الراحل محمود درويش، إيذانًا بأنها بداية مرحلة جديدة من النزاع مع الحركة الصهيونية لتثبيت الحق الفلسطيني في نيل الحرية والاستقلال وإقامة الدولة، وفي تثبيت القدس عاصمة لهذه الدولة. وانتقلت الحالة الثورية من الزعيم الفلسطيني،أبو عمار، إلى 105 دولة لتعترف هي الأخرى بقيام دولة فلسطين المستقلة، وتم نشر 70 سفيرًا فلسطينيًا في عدد من الدول المعترفة بالاستقلال.

 

 

 

من حيّ السكاكيني في قلب القاهرة (حيث المولد) .. إلى رام الله في الضفة الغربية المحتلة (حيث مقر القيادة في المقاطعة) .. وبينهما سنوات عاصفة من النضال والتحديات (بدات من داخل الوطن المحتل،  ثم الأردن، ولبنان، وتونس) مسيرة حياة رجل أصبح رمزا «أسطوريا» فلسطينيا..الرمز والأب الشرعي للنضال الفلسطيني.. حتى كاد البعض أن يختصر قضية فلسطينن في صورة ياسر عرفات منذ أن أعطى حياته لقضية وطنه المغتصب، ووهب نفسه متعبدا في محراب النضال الوطني، وجمع الشعب الفلسطيني على قلب رجل واحد.

 

 

 

 

 

محطات المواقف المشهودة في حياة «أبو عمار» تبرز قدرته على التحدي والصمود .. وربما كان  أبرزها أنه قاد أثناء حرب يونيو/ حزيران  1967، عمليات تسلل خلف خطوط العدوّ؛ الهدف منها تعويقه. وحينما تأكدت الهزيمة والنكسة ، صمم الشهيد ياسر عرفات على مواصلة النضال حتى تحرير فلسطين. وكان أول من دخل إلى الأراضي المحتلة لتنفيذ أعمال عسكرية، غايتها رفع الروح المعنوية للسكان؛ بينما كان العالم العربي كلّه غارقـاً في الهزيمة.كان أبو عمار ينفذ عمليات عسكرية ناجحة، تقلق أجهزة الأمن الإسرائيلي. وبلغ حرصه على سرّية العمل الفدائي، أنه مر أمام البيت الذي عاش فيه طفولته، في القدس نفسها؛ وكان أخوه واقفاً ببابه، فمرّ صامتاً، حتى إنه لم يلق التحية عليه؛ حتى لا ينكشف أمره.

 

 

 

 

 

وهكذا .. بدأت حركة فتح، بقيادة الشهيد ياسر عرفات، تبني مواقعها الارتكازية، على طول نهر الأردن، بعد هزيمة عام 1967. وحينما اشتد العمل الفدائي، في مطلع عام 1968، شنت إسرائيل هجوماً على مدينة الكرامة؛ فطلبت السلطات الأردنية من عرفات الانسحاب منها؛ ولكنه رفض ذلك وقال: “نطعـم لحومنا لجنازيـر الدبابات، ولا ننسحب”. وخاض معركة من أعظم المعارك الفدائية وأعجبها، ومعه عدة مئات من الفدائيين، كبّد فيها إسرائيل خسائر بشرية ومادية، وأجبر قواتها على الانسحاب، بعد أن عجزت عن تحقيق أي تقدم، وأرهقها أسلوب حرب العصابات. وسجلت معركة «إثبات الذات الفلسطينية» أشرف نصر للمقاتل الفلسطيني، الذي طال سلاحه الجيش الإسرائيلي لأول مرة، الذي قيل إنه لا يُقهر؛ حتى إن بعض المؤرخين، يرون أن الانطلاقة الفلسطينية، بدأت يوم الكرامة. بعـد هذا النصر العظيم الذي حققه الفدائي الفلسطيني، بصموده في وجه الأعداء، بقيادة أبو عمار؛ استمر عرفات في قيادة العمل الفلسطيني على الجبهات، واستمر التأييد يصل إلى الثورة الفلسطينية، وخاصة من الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر الذي أعلن في بداية عام 1968، أنه يؤيد العمل الفدائي، ويمده بكل إمكاناته المادية والمعنوية.

 

 

 

 

 

تميز ياسر عرفات بالصبر مع تقدير أهمية الظفر، وبالتقشف الشخصي مع الكرم تجاه الآخرين، كما تميز بالتدين والورع حيث كان يحافظ على الصلوات والشعائر، وهو ذو شخصية عاطفية لا يستطيع إخفاء مشاعره، وبراغماتي عملي يقرأ الواقع ويتعامل مع المعادلات، امتلك قدرة ربط العلاقات العالمية الواسعة، تدعمه شخصيته الصلبة الثابتة الشجاعة، وتميز بعقلية وحدوية وقدرة توفيقية،  ويعمل بشكل متواصل ولساعات طوال ليلا ونهارا، وهو سياسي محنك وقائد كاريزماتي، ومناور كبير مع أعدائه. وهو أيضا مجادل لا يعدم الحجة امتاز بالقوة والصرامة مع ثقة عالية وإيمان بالله والقضية والنفس.

 

 

 

 

 

ومن بين المواقف التي ترسم شخصية القائد الزعيم.. حين سقطت به الطائرة في الصحراء الليبية سنة 1989 حيث جرح من جرح واستشهد من استشهد، أما ياسر عرفات  «القائد» استل مسدسه وجلس بجانب الطائرة الجاثمة على الأرض يحرس رفاقه من غدر وحوش الصحراء .. ويحاول إرسال الإشارات إلى الباحثين عن طائرته لنجدتها.

 

 

 

 

وكانت كلمات الزعيم الأفريقي، نيلسون ما نديلا، تقترب كثيرا من شخصية أبو عمار «الرمز في تاريخ فلسطين».. ويقول مانديلا :  «كنت أتابع نشاطات الرئيس ياسر عرفات من غياهب سجني، وكم أثار اهتمامي بثباته ومثابرته. لقد آمن به شعبه وسار معه خطوة بخطوة، في السراء كما في الضراء… فهو الذي وضع المسألة الفلسطينية على جدول أعمال المجتمع الدولي، ونقل قضية شعبه من قضية لاجئين إلى قضية أمة بكامل المعنى…..لقد كانت حماسته وثقته لا تتزعزع، والتزامه بالكفاح من أجل إقامة الدولة الفلسطينية تشكل قيما رمزية في نظر الكثيرين في العالم.. سوف يبقى الرئيس عرفات إلى الأبد رمزا للبطولة بالنسبة لكل شعوب العالم التي تكافح من أجل العدالة والحرية».

 

 

 

 

وربما كلمات الرئيس الفرنسي الأسبق، جاك شيراك، أكثر تعبيرا  في توصيف مسيرة نضال أبو عمار .. ويقول شيراك :  «بالنسبة لي يمثل عرفات الشجاعة والقناعة، حيث جسد طيلة 40 عاما نضال الفلسطينيين سعيا وراء الاعتراف بحقوقهم الوطنية، ولن يبقى الشعب الفلسطيني  وفيا  لذكرى ياسر عرفات إلا بوحدته وتمسكه بالمثل والمبادئ التي سخر حياته لأجلها».

 

 

 

 

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]