أحمد المصري يكتب| إيران وقطر.. الزحف الهاديء بحركة الثعبان في أفريقيا

يخبرني صديق كان يعمل في جمعية خيرية في قطر وذلك في نهاية تسعينات القرن الماضي، أن من بين الغرائب والمدهشات التي شهدها في الجمعية الإسلامية السلفية انشغال الجمعية مثلا في ملف تشييد جامع ضخم وكبير بسعة أكثر من ألف مصلي في قرية في السنغال تعداد سكانها لا يتجاوز السبعمائة وكلهم فقراء مسحوقين لا يجدون خبزهم كفاف يومهم.

الصديق.. اكتشف فيما بعد أن الجمعية تدير أموالا بالملايين تعيد غسيلها وتنظيفها عبر تلك المشاريع غير المجدية تحت مسمى العمل الخيري، ونشاطات الجمعية تلك تحديدا كانت ممتدة على مساحة أكثر من أربعين مكتب لها في كل قارات العالم.

إذن نحن أمام صندوق تمويل متشابك في تفاصيله الإدارية والبنكية لكنه يحمل غطاءا واحدا هو العمل الخيري الإسلامي، مما يجعله في نطاق التقديس غير القابل للنقد.

وعليه فلن يكون مستغربا أن تتشابك الجمعيات ذات الأجندات السياسية (والمالية المشبوهة)، متجاوزة كل الحدود لا الجغرافية وحسب بل القانونية والمنطقية للتحالفات المشبوهة في سبيل السيطرة في عالم السياسة السفلي، في تلك العوالم العميقة التي لا يراها احد فتحدث الاضطرابات والأزمات السياسية في هذا العالم.

أقرأ مؤخرا عن التاريخ غير القصير من النشاط الإيراني في أفريقيا، وأفريقيا هي المرشحة كميدان قادم قريبا للنزاعات الدينية والمذهبية لتحقيق الحروب بالوكالة لتسجيل مناطق نفوذ جديدة، ولعل ما يرد من نشاط إيراني محموم في عمليات تصدير الثورة  -وهو مبدأ دستوري إيراني أعلنه الخميني منذ نجاح ثورته- في السودان والنيجر ومالي ما يوحي بمقدمات الأزمات القادمة في القارة السمراء.

لا يمكن النظر إلى تلك المناطق كمناطق نفوذ في معزل عن كونها (رغم اقتصادياتها الفقيرة) كبلاد ذات موارد طبيعية وثروات كامنة فيها، وهذا يجعلها مرشحة بامتياز لتكون تحت سيطرة القوى الإقليمية والدولية، وفي غياب الإعلام عنها، بل كونها مناطق معتمة على سطح الكوكب إعلاميا فإن المجال واسع للتحرك الاستخباري الشديد عبر أغطية المساعدات والتنمية، وكم من برامج تنمية في هذا العالم الثالث كانت برامج نفوذ سياسي بحت.

تتمتع أفريقيا بسمات خاصة تجعلها أرضًا خصبة لمن أراد أن يتواجد أو يمارس دورًا، فبها مخزون قابل للاستخراج من النفط الخام والغاز والفحم واليورانيوم تقدَّر بنحو 13- 14.5 تريليون دولار، و1.7 تريليون دولار من الثروة الكامنة والإنتاج في قطاعات الزراعة والسياحة والمياه. وهذا حسب دراسة أعدها الباحث عبدالله أوفي، منشورة على الانترنت.

وفي دراسة للمعهد الدولي للدراسات الإيرانية “رصانة”، وبعد عرض واقع التمدد الإيراني في نيجيريا من خلال نشر التشيع فالفقرة الأهم والأخطر والتي لفتت انتباهي تتمثل في: “.. دخل الإسلام نَيجِيريا في القرن الثامن الهجري، وظلت -ولا تزال- مَالِكِيَّة المَذْهَب، لكن في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي بدأ مجموعة من الشباب اعتناق المَذْهَب الشِّيعِيّ، منهم إبراهيم زكزاكي الذي تَخَرَّج في جامعة أحمد بيلو. تَأَثَّرَ زكزاكي بالمَذْهَب الشِّيعِيّ بعد قراءته الترجمات الإنجليزية للكُتُب الشِّيعِيّة التي كانت توزِّعها السِّفارة الإيرانية آنذاك، إلا أن زكزاكي لم يُظهِر تَشَيُّعَه إلا في منتصف التسعينيات عندما قدح في الصحابي الجليل أبي هريرة، فجُوبِهَ هذا القدح باستنكار شديد من عدد كبير من أنصاره، مما دفع كثيرين منهم إلى الانفصال عنه.

بعد هذه الحادثة كثَّفت إيران جهودها لنشر التَّشَيُّع في هذه البلاد، من خلال دعمها اللا محدود لإبراهيم زكزاكي وجماعته، في إطار محاولاتها الرامية لاستنساخ “حزب الله” في نَيجِيريا، للمحافظة على النشاط الشِّيعِيّ فيها”.

ولا تخفي طهران سياسة التشييع التي تتبعها في أفريقيا أحيانا، ففي عام 2016 جمعت إيران في 12 مايو (أيار) طلابًا من 30 دولة أفريقية في مؤتمر تحت شعار “الأطروحة المهدَوية وواقع أتباع أهل البيت عليهم السلام في أفريقيا”، وهو ما يؤكد الاستراتيجية الجديدة لطهران تجاه أفريقيا والتي تعتمد على بناء النفوذ المدني والسياسي قبل تحويل ذلك النفوذ لقوة عسكرية تدور في فلك المصالح العليا الإيرانية وبالرجوع للمؤتمر وأهدافه، نجد أن الجهات الرسمية الإيرانية تعتبره أكبر مشروع قومي لنشر التشيع والتعريف بالإمام المهدي ورسالة المهدي في ثلاثين دولة أفريقية.

هذا غيض من فيض التمدد الإيراني المغلف بالدين في أفريقيا، لننتهي بتشكيل مليشيات مسلحة قادرة على حسم النزاعات والتأثير فيها وإشعالها، وهو ما يضع دور جمعيات قطر الخيرية المليونية تحت دائرة الشبهة أيضا، إذا ادركنا أن قطر مختطفة من قبل تيار الإخوان المسلمين الذي رغم اختلافه المذهبي عن إيران إلا انه يتحد أيدولوجيا مع حكم الملالي في ذات الأهداف بالسيطرة المطلقة على مناطق نفوذ ثرية بالموارد واستراتيجية في السيطرة على مفاصل العالم.

*كاتب وصحفي مقيم في لندن

 qudsuk@gmail.com

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]