أحمد المصري يكتب: حكومة إنقاذ وطني فلسطينية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه
ورقة دولية معترف بها فيما تبقى من القضية الفلسطينية هي المبادرة العربية التي تم إطلاقها عام 2002. وهي آخر ما يمكن الافتراض التمسك به كمبادرة تم الإجماع عليها دوليا في إطار حل الدولتين.
ويتذكر من يتذكر منا كيف خرجت تلك المبادرة من لدن الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله وهو أمير وولي عهد، في ظروف عربية صعبة والرئيس الراحل ياسر عرفات كان تحت الحصار مما اضطر القمة العربية المنعقدة في بيروت ذلك العام أن تستضيفه تلفزيونيا، واتفقت تلك القمة أيضا أن تعتمد المبادرة بعد تسميتها بالمبادرة العربية.
يحلو لبعض من لا زالوا يرددون مقولة “أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة” أن ينعوا تلك المبادرة، التي نرى فيها بارقة أمل كوثيقة دولية يمكن البناء عليها وربما التقدم بها مع تعديلات فرضتها الوقائع المتغيرة هذا اذا كان حل الدولتين لا زال قائما، وهو ما نشك فيه تماما خاصة مع المتغيرات التي فرضتها إسرائيل على الأرض في ظل تهاون القيادة الفلسطينية وغفلة وتقصير جماعة “الأمة الواحدة والرسالة الخالدة”.
لكن أن يقوم الرئيس محمود عباس بالدعوة إلى إحياء المبادرة في مجلس الأمن وذكير العالم بها، يعد خطوة منقوصة بدون خطوة لاحقة تعتبر الأساس لإحياء تلك المبادرة وهو خلق حاضنة فلسطينية لها، ودفن الحاضن الميت أساسا وهي “السلطة العباسية” بشكل آخرها الحالي منتهية الصلاحية.
إن أي حديث عن أي مبادرة سواء كانت تلك العربية أو أي مبادرة قد يتقدم بها أي طرف آخر دولي وقد تحظى بإجماع ما، لن يكون لها معنى دون أن تدرك سلطة عباس المنتهية صلاحياتها أن الوقت قد حان للترفع عن تحصيل المكاسب والتوقف عن المكابرة بلا معنى والبدء بتشكيل حكومة إنقاذ وطني فلسطينية تعمل فعلا على إنقاذ الشعب الفلسطيني من الذوبان في معادلات إقليمية دولية ستعصف بالشرق الأوسط، وفي ثناياها مؤامرات لتذويب القضية وإنهاءها بالتسويات غير العادلة ولا المنصفة.
نعم، فلنعترف أن لا أحد ولا أي تنظيم بمفرده قادر على اجتراح المعجزات إنقاذ ما يمكن إنقاذه من القضية التي باتت في مهب ريح التسويات الإقليمية والدولية.
إن ما تمارسه سلطة عباس حاليا هو وصفة إسرائيلية تمهد لتسوية القضية بناء على برنامج اليمين الإسرائيلي، ولا حل إلا أن يتم حل تلك السلطة والعمل فورا على تشكيل حكومة إنقاذ وطني، حكومة فلسطينية تتحدث باسم الجميع بلا استثناء ولا إقصاء فصائلي أو جغرافي.
فما يقوم به عباس تجاه قطاع غزة وأهله من سرقة باسم الشرعية الزائفة لا يختلف عما كان يقوم به الاحتلال الإسرائيلي تجاههم، نعلم جيدا أن رئيس السلطة الوهمية لم يعد يهمه لا غزة ولا الضفة، وأن جل ما يهمه هو البقاء في تلك السلطة الزائفة، لأنه لو كان صادقا خلال خطابه العرمم في مجلس الأمن لرفع هو وسلطته الفاسدة الظلم عن أهالي القطاع قبل أن يطالب المجتمع الدولي بذلك.
إن التمسك الوهمي بالسلطة الحالية ليس أكثر من محاولة قبض الريح باليد.. والحل العملي في متناول أيدينا لو شئنا.. فمتى تصبح مشيئة شعبنا واقعا؟
*كاتب وصحفي مقيم في لندن
للتواصل: qudsuk@gmail.com