أحمد المصري يكتب: ليس للكردي إلا الريح… وأي ريح؟

كانت عصبة الأمم التي تأسست عام 1919، هي حجر الأساس لوريثتها هيئة الأمم، وكانت العصبة أيضا بميثاقها الذي اعتمد مباديء الرئيس الأمريكي ويلسون، حجر الأساس لعقد اجتماعي دولي، أهم مبادئه التي شكلت مفتاح السلم في مواجهة الأزمات والحروب فيما يتعلق بحق الشعوب في تقرير مصيرها.

المبدأ لا يمكن الجدل حول سموه ومنطقه النبيل، فهو في جوهره و فحواه عادل لإنسانية تشترك في كوكب واحد مع تعددية ثقافية و سياسية وعرقية ودينية تتوزع بين البشر.

المشكلة التي غفل عنها نبلاء الأخلاق، أن السياسة بلا أخلاق، وفي متاهات السياسة وتفاصيلها تسكن الشياطين كلها فتصبح المباديء غالبا وبمنطق السياسة لا منطق الأخلاق، حقا يراد به باطل.

إن فكرة سامية مثل “حق الشعوب في تقرير مصيرها” تواجهها على الطرف المقابل من منطق الأفكار المثالية فحواها “الوحدة الوطنية”، وهي فكرة فضفاضة مفرودة على مساحات شاسعة من التفسيرات والتأويلات وسوء الفهم أيضا.

نعم، الوحدة الوطنية فكرة مثالية حلوة، تستخدمها الأنظمة السياسية العربية عادة كسلاح في وجه من يهدد استقرار النظام أولا، قبل استقرار الوطن وهو الأهم.

لكن، ما معنى الوطن، إذا تقوضت فكرة الدولة الجامعة المانعة الشاملة للجميع؟

وما جدوى استقرار النظام امام اهتزاز مفاهيم المواطنة ذاتها؟

وهل تصبح “الوحدة الوطنية” مطلبا شرعيا وقد انهارت أركان المواطنة التي تحمل فكرة الوطن نفسه؟

تلك أسئلة نضعها بحسن نية أمام موضوع شائك مليء بسوء النوايا في ثناياه وجيوبه الداخلية مثل الاستفتاء الكردي الأخير فيما يتعلق بالانفصال في المناطق الكردية في العراق لغاية تأسيس نواة دولة كردية مستقلة!!

أليس هذا حقا لشعب في تقرير مصيره؟

ألم تفشل الحكومات العراقية منذ سقوط صدام حسين دوما في ضم الأكراد وحتى بعض العرب للدولة العراقية بمفهوم مواطنة صحيحة لا نواقص فيها ولا تمييز؟

لقد فشلت الدولة العراقية في تحقيق الوحدة على جغرافيتها وبين سكانها، وكان التفاضل على أسس عرقية او مذهبية أو دينية ولا يزال يشكل تربة خصبة لنمو الانشقاقات الشعبوية او الوطنية، تماما كما حصل في النموذج السوداني البائس الذي خسر نصف جغرافيته وسكانه لذات الأسباب. فعن أي وحدة وطنية تتحدثون؟

بالتأكيد، يصيبني وجع في القلب ومرارة حين أرى فصائل كردية ترفع علم إسرائيل وتفخر بتحالفها “الوطني” مع دولة الاحتلال، لكن قبل التمادي في اللوم، فلنقف أمام انفصاماتنا الشخصية كعرب ونتساءل عن اصطفافاتنا العربية المتعددة مع كل ما عادى قضايانا ورفعنا اعلامهم او مع كل من رفعنا أعلامهم وقد قاتلوا واضطهدوا شعوبا أخرى.

ألا يفتخر كثير من العرب رافعين العلم التركي، وهو المدان تاريخيا بحزمة اضطهادات شملت الأكراد أنفسهم والأرمن وشعوب القوقاز وغيرهم كثير؟ ناهيك عن افتخار كثير من العرب أيضا بايران ونجد اعلامها ترفرف في كل محفل له علاقة بمقاومة مزعومة لعدو فضفافض.

إسرائيل، ذكية إلى حد انزلاقها الانسيابي في كل الثغرات التي فتحناها نوافذ مشرعة لاختراقنا واختراق مشروعنا العربي الوحدوي الواهم، والذي لم يتجاوز بيان رقم 1 دوما ملصقا على ظهر دبابة الانقلاب العسكري التقدمي منذ بدأنا نحبو في طريق الاستقلال.

هذا عالم تحكمه المصالح، وفي تاريخ خيباتنا الطويل كله، لم نتعلم حتى من عدونا الرئيس “إسرائيل” مهارة عقد الصفقات السياسية والبحث عن المصالح الوطنية، وبقينا أسرى مناكفاتنا العربية ـ العربية.

نعم، أنا مع حق الأكراد كشعب في تقرير مصيره، ويوجعني إخفاق الوطن العراقي الموحد، كما يوجعني مشروع تقسيم سوريا الوشيك، بين إيران المفترسة وتركيا العدوانية بطبعها، وبينهما المستفيد الأكبر دوما من هذا التقسيم وهي إسرائيل، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا نترك الكردي وحيدا بين خيارين اما نحن واما إسرائيل؟ وننسى او نتناسى اننا تركنا بغداد فترة من الزمن حتى باتت مزرعة خلفية لطهران.

وكما لن يحصد العرب قطوف أي خير من ارتماءات مجانية في حضن أنقرة او طهران، فإن الشعب الكردي لن يحصد سوى الريح من إسرائيل، وننتهي بمقولة الشاعر الفلسطيني محمود درويش الجميلة “ليس للكردي إلا الريح”.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]