في تحد جديد للمجتمع الدولي، رفض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم، وقف إطلاق النار، الذي دعا إليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وطالب أردوغان القوات الكردية بإلقاء السلاح، بقوله: “حالا، هذا المساء، ليلق جميع الإرهابيين سلاحهم ومعداتهم ويدمروا كل تحصيناتهم وينسحبوا من المنطقة الآمنة التي حددناها”، حسب تعبيره.
وتزامنت تصريحات أردوغان مع عقد مجلس الأمن الدولي جلسة جديدة مغلقة بشان العدوان التركي علي سوريا. وذلك وسط تساؤلات حول إمكانية نحاح الدول الأعضاء في اتخاذ موقف موحد،هذه المرة، بشأن وقف هذا العدوان، حيث انتهي أول اجتماع للمجلس حول هذا الملف الشائك يوم الخميس الماضي بانقسامات بين الدول الأعضاء، وبصدور بيان من الأوروبيين فقط يطالب بوقف العدوان التركي.
وكانت الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بمبادرة من الولايات المتّحدة، قد ناقشت بيانًا يدعو تركيا إلي وقف عدوانها على الأراضي السورية والعودة إلي الدبلوماسية وطاولة المفاوضات لحل الأزمة ، إلا أن روسيا والصين عرقلتا هذا البيان.
وجاءت المبادرة الأمريكية بعدما عجز الأوروبيون، خلال الجلسة الأولى، عن دفع جميع أعضاء المجلس إلى تبنّي بيان يُعرب عن القلق العميق إزاء العدوان التركي ويدعو أنقرة إلى وقف الهجوم على شمال سوريا.
واضطرت فرنسا وألمانيا وبلجيكا والمملكة المتحدة إلى تلاوة بيان بشكل منفرد، على غرار الولايات المتحدة التي صاغت أيضاً بياناً منفصلاً ،قالت فيه إنها لم تؤيد بأي شكل العملية العسكرية التركية.
واجتماع مجلس الأمن الجديد يُعد الثاني منذ أن بدأت تركيا هجوما عسكريا عبر حدودها الجنوبية علي شمال سوريا، وبعد أيام قليلة من سحب الولايات المتحدة قواتها من تلك المنطقة.
والاجتماع الثاني، الذي دعت إليه الدول الأوروبية الخمس بالمجلس “بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وبولندا”، يستهدف بحث أخر التطورات في سوريا ، وذلك وسط مخاوف من معارضة روسيا، التي شكلت العائق الأكبر أمام تبني موقف موحد في مجلس الأمن في الإجتماع الأول، مجددا لقرار مُرتقب من جانب الدول الأعضاء يطالب بوقف العمليات العسكرية التركية ووقف إطلاق النار في شمال سوريا.
وردا علي هذه المخاوف، لم يستبعد سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إمكانية أن تتم الموافقة على نص بالإجماع في مجلس الأمن ، إلا أنه اشترط أن يأخذ النص في الاعتبار الجوانب الأخرى للأزمة السورية، وليس العملية التركية فحسب”، مشيراً إلى الوجود العسكري غير الشرعي للولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة في سوريا.
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد اكتفت، في بيان الجمعة الماضية، بالإعراب عن قلق الجانب الروسي إزاء الوضع في شمال سوريا، مؤكدة، في الوقت نفسه، أن روسيا لا تشكك في الحاجة كما في الواقع، وأمن جميع دول المنطقة، من هجماتهم وتعدياتهم.
كما أكدت الخارجية الروسية عدم إمكانية تحقيق السلام والاستقرار في هذا الجزء من الأراضي السورية ذات السيادة إلا من خلال حوار فعال واحترام متبادل للطرفين بين الحكومة السورية والأكراد، الذين هم جزء لا يتجزأ من المجتمع السوري”،حسب وصف البيان.
يأتي ذلك في الوقت الذي قال فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، إن وساطة أمريكية بين أنقرة والأكراد هي واحدة من 3 خيارات أمام الولايات المتحدة.
وكتب ترامب على تويتر: “لدينا واحد من ثلاثة خيارات: إرسال آلاف القوات وتحقيق نصر عسكري، توجيه ضربة مالية شديدة لتركيا وعبر فرض عقوبات، أو التوسط لإيجاد اتفاق بين تركيا والأكراد.
وكان وزراء الخارجية العرب، قد وجهوا، خلال اجتماعهم الطارئ بجامعة الدول العربية، السبت الماضي، رسالة قوية للتنديد بالعدوان التركي على شمال سوريا، مؤكدين ضرورة تدخل المجتمع الدولي لوقفه، وأن يكون هناك موقف عربي موحد تجاه ذلك العدوان.
ودعا البيان الختامي للاجتماع، مجلس الأمن الدولي إلى التدخل لوقف العدوان التركي على سوريا واعتبره يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي، مطالبا باتخاد الإجراءات اللازمة ضد أنقرة، كما حمل البيان تركيا مسؤولية عودة التنظيمات الإرهابية في المنطقة، حيث تتزايد المخاوف من عودة تنظيم “داعش” الإرهابي للظهور على الساحة، بسبب العدوان التركي علي سوريا.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل ينجح أعضاء مجلس الأمن الدولي ، في اجتماعهم الثاني، في الخروج بموقف موحد وإصدار بيان يطالب بوقف العدوان التركي ووقف إطلاق النار في الأراضي السورية، أم يلاحقهم الفشل من جديد ، وبالتالي يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جرائمه ضد الشعب السوري، متحديا المجتمع الدولي، ورافعا الشعار،الذي أعلنه خلال زيارته لأذربيجان، بقوله: “نحن عازمون على مواصلة العملية حتى نهايتها دون أن نعبأ بالتهديدات”.