قال أحد زعماء المعارضة الموالية للأكراد في تركيا، إن أنقرة أهدرت فرصة لإحياء عملية السلام المنهارة مع المسلحين الأكراد مع تركيز الرئيس رجب طيب أردوغان، على الاتجاه القومي لترسيخ التأييد له بعد محاولة الانقلاب الفاشلة.
وقال صلاح الدين دمرداش الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي، في مقابلة، إن مراسيم صدرت خلال حالة الطوارئ شملت تطهير عشرات الآلاف ممن يشتبه في أنهم مدبرون للانقلاب قد تهدد المعارضة بوجه عام.
وشكلت محاولة الانقلاب الفاشلة التي نفذتها مجموعة من الجيش للإطاحة بالحكومة في 15 يوليو/ تموز، وقتل فيها أكثر من 240 شخصا أكبر خطر على حكم إردوغان المستمر منذ 13 عاما، قبل أن تخمدها سريعا القوات الموالية له.
وتقول الحكومة إن العقل المدبر للانقلاب هو فتح الله جولن رجل الدين التركي المقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية والذي له أتباع في المؤسسات الحكومية وأجهزة الأمن، وإن هؤلاء الأتباع هم من تآمروا للإطاحة بإردوغان وإسقاط البرلمان. وينفي كولن أي ضلوع له في محاولة الانقلاب وأدانها.
وشهدت الفترة التي أعقبت محاولة الانقلاب الفاشلة هدوءا في العنف في جنوب شرق البلاد ذي الأغلبية الكردية والذي قتل فيه الآلاف منذ انهيار عملية السلام في 2015، وقال دمرداش إن الدولة وحزب العمال الكردستاني المحظور على السواء لا يبدوان مستعدان لاستثمار ذلك الهدوء لتحقيق السلام.
وقال، «لم نر أي إشارات إيجابية من أي من الطرفين، بأن ذلك قد يشكل فرصة للحل»
وأضاف دمرداش الذي يلقي بمسؤولية الانقلاب أيضا على حركة جولن مثل قادة آخرين من الحزب في البرلمان، «كان من الممكن أن نستغل الانقلاب كفرصة لإحياء عملية السلام.. لكن أردوغان لا يرى تلك الأزمة بوصفها وسيلة لتعزيز الديمقراطية».
اضطهاد للنواب الأكراد
تخلى أردوغان عن الحدة في الحديث مع قادة أحزاب آخرين في بادرة على الوحدة الوطنية بعد الانقلاب، لكنه استثنى دمرداش من ذلك بسبب صلات مزعومة لحزبه بحزب العمال الكردستاني المحظور. وقال دمرداش إن الخطوة كانت تهدف إلى التركيز على الشعور القومي.
وينفي حزب الشعوب الديمقراطي، وهو ثالث أكبر حزب ممثل في البرلمان، أي صلات مباشرة له بحزب العمال الكردستاني الساعي لحكم ذاتي في الجنوب الشرقي ويروج لانتهاج المفاوضات سبيلا لإنهاء الصراع الممتد على مدى 32 عاما وتسبب في مقتل 40 ألف شخص.
ويواصل ممثلو الادعاء ملاحقة نواب منتمين لحزب الشعوب الديمقراطي قضائيا بسبب تصريحات أدلوا بها، بعد أن تمكن إردوغان من حشد التأييد لتجريدهم من حصانتهم البرلمانية في مايو أيار. وتلقى دمرداش 12 أمر استدعاء جديد خلال الأسبوع الماضي فقط.
وقال دمرداش الذي يرى أن تلك الإجراءات هي استراتيجية لإخراج حزبه من البرلمان، والفوز بمقاعد أكثر لحزب العدالة التنمية الحاكم «رفع الحصانة يحتاج لمراجعة بعد أن واجهنا خطر الانقلاب وتم قصف البرلمان».
وأضاف دمرداش، أن من الأمور الأساسية لتحقيق السلام هي السماح لزعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبد الله أوجلان بإيصال رسائل غير مباشرة للمسلحين كما فعل في 2013 و 2014، ويقضي أوجلان عقوبة السجن مدى الحياة في سجن على جزيرة ولم يتمكن من الاتصال بعائلته أو محامييه أو سياسيين منذ أبريل/ نيسان 2015.
وأثارت حملة الاعتقالات والقمع التي تلت محاولة الانقلاب الفاشلة قلق الحلفاء الغربيين لتركيا الذين يخشون من أن يكون هناك أبرياء بين نحو 60 ألفا اعتقلوا أو فصلوا من أعمالهم للاشتباه في صلتهم بكولن. وتسمح حالة الطوارئ المفروضة في البلاد منذ 21 يوليو/تموز لإردوغان بالحكم من خلال إصدار مراسيم رئاسية.
وقال دمرداش«نخشى أن يستخدم الحكم بحالة الطوارئ بصورة متزايدة ضد المعارضة الحقيقية في تركيا.. ضد من هم خارج حركة جولن».
واعتقل نحو عشرة آلاف جندي ما أثار مخاوف من فراغ أمني في الوقت الذي تقاتل فيها تركيا، المسلحين الأكراد إضافة إلى تنظيم داعش في سوريا المجاورة.
ومن بين من اعتقلوا جنرالات قادوا من قبل عمليات ضد عناصر حزب العمال الكردستاني، وقال دمرداش إن إبعادهم عن مواقعهم لا يشير إلى انتهاج سياسات مهادنة.
واتسقت تصريحات دمرداش مع منتقدين آخرين أشاروا إلى التحالف السابق بين أردوغان وجولن اللذين تشاركا في رؤية إسلامية لتركيا.
واليوم السبت عاد العنف مجددا، إذ قال مسؤولون إن 35 مسلحا من حزب العمال الكردستاني قتلوا لدى محاولتهم اقتحام قاعدة في إقليم هكاري، بعد اشتباكات اندلعت في موقع قريب وقتل فيها ثمانية جنود.