قبل أيام، حدد البيتُ الأبيض توقيت توغل القوات الروسية المرابطة على حدود أوكرانيا بين منتصفي الشهر الجاري وفبراير المقبل.
وبدأت واشنطن التحركَ بسحب عائلات دبلوماسييها من كييف، وتصعيد لهجتها وتهديداتها لموسكو، في مقابل اتجاه حلفائها الأوروبيين لتخفيف حدة الخطاب والصدام مع الجار الروسي.
الاستعداد للحرب
في هذا السياق، تقول الكاتبة الصحفية المتخصصة في الشؤون الأوروبية، مايا خضرا، إن روسيا مستعدة إلى حد كبير للعقوبات التي من المتوقع فرضها على موسكو حال احتلت أوكرانيا وصعدت عسكريا.
وأضافت في حديثها لبرنامج «مدار الغد»: “الوضع الروسي تغير عن عام 2014، حيث استعد بوتين بتخزين الكثير من الذهب والدولار، وربط روسيا بمصارف صينية ونظام سويفت”.
وتابعت: “إذا تم عزل روسيا بهذه العقوبات فلن تتضرر، لأنها قامت ببعض الاحتياطات، وهي مستعدة للحرب، لذلك فإن موسكو تصعد أكثر فأكثر”.
وبحسب مراقبين، فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن ومعه الديمقراطيون يبحثون عن انتصار سياسي، ما يجعل روسيا العدوَ الأنسب في هذا التوقيت، خاصة بعد الانسحاب من أفغانستان الذي وصف بالمهين.
ما يقفُ خلف التصعيد الأمريكي ضد روسيا، هو السعي لتقديم بايدن كمصحح لأخطاء سلفه ترامب، وهو ما قد يفسره مقترحُ واشنطن خلال محادثات جنيف بالعودة إلى معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى والتي ألغيت في 2019 من جانب واشنطن.
اختبار روسيا
من جانبه يقول عضو مجلس الدوما السابق ومدير معهد الدراسات السياسية الروسية، الدكتور سيرجي ماركوف، إن الولايات المتحدة وحلفاءها من الدول الغربية شنوا حربا ضد روسيا بالعقوبات، مشيرا إلى أن موسكو كانت تختبر تلك الحروب الموجهة من الناتو وواشنطن ضدها.
وأضاف في تصريحاته لـ«مدار الغد»: “إذا كانت الولايات المتحدة والناتو يصعدان من الحرب الهجين ضد روسيا، فإن ذلك سيؤدي إلى قيام موسكو بمجابهة هذه الحرب الهجين”
وأشار إلى أن روسيا قائمة كدولة مستقلة، ولا تريد أن تتبع أوامر.
وهناك ملف آخر يدفع أمريكا إلى مزيد من الضغط، وهو خط الغاز “نورد ستريم 2″، فربما تخلت واشنطن عن مزيد من العقوبات رغم استمرار معارضتها للمشروع الذي انتهت أعمالُه منذ سبتمبر الماضي، لكنه لم يدخل حيّز التشغيل بعد.
غزو محتمل
وتقول المسؤولة السابقة بوزارة الدفاع الأمريكية، سيمون ليدين، إن هناك الكثير من الإجراءات التي كان يمكن أن تتخذها واشنطن، والتي كان يمكن ألا توصلنا لهذه اللحظة الخطرة، لكنهم لم يتخذوا أي إجراءات.
وأضافت: “لا أؤمن أو أدعم الإجراءات العسكرية الأمريكية إذا قامت روسيا بغزو أوكرانيا”.
وعلى الجانب الآخر، تتخوف الولايات المتحدة من تحول الغاز إلى ورقة ضغط روسية، يمكن أن تُفقدَ الجانب الأوروبي القدرةَ على دعم حليفه الأمريكي في أي صراع محتمل مع موسكو، وقد يكون الأمر واقعا الآن.
وأيا كانت الأسباب التي تقف خلف التصعيد الأمريكي ضد روسيا في الملف الأوكراني، فثمة اختلافٌ قائم في تعامل واشنطن وحلفائها الأوروبيين مع الأزمة، ربما يصل مستقبلا إلى حد الانقسام مع بحث كل طرف عن مصالحه.
غضب أوروبي وتصعيد
من جانبه يقول أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف الدكتور حسني عبيدي، إن الدول الأوروبية معرضة قبل الولايات المتحدة إلى تهديدات في المنطقة، لذلك لم تقبل دول أوروبا عندما أراد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تجاوزها، والحوار مع واشنطن فقط.
وقال إن إدارة بايدن اكتفت بحواراتها في جنيف مع الروس، ولم تعط للأوروبيين مكانا، رغم أن التفاوض كان حول الأمن الأوروبي.
وتابع: “بوتين لم يتوجه للأوروبيين، وهم جيرانه وحلفاؤه التقليديون، لكنه توجه للولايات المتحدة الأمريكية”.
وأضاف أن هناك اجتماعا لطرح حزمة من العقوبات على روسيا، ووصل الاتحاد الأوروبي لاتفاق بالإجماع بتصعيد العقوبات الاقتصادية إذا كان هناك تصعيد من الجانب الروسي.
