أبرزت وكالات الأنباء العالمية، استقالة رضا بلحاج من رئاسة الهيئة السياسية لحزب “نداء تونس” الحاكم ، والتي خيمت على المشهد السياسي، بسبب توريث رئاسة الحزب لحافظ قائد السبسي نجل الرئيس الباجي مؤسس النداء، ثم ترشيح الحزب له فيما بعد لرئاسة الجمهورية خلفا لوالده، بحسب سياسيين تونسيين، محذرين من التداعيات السلبية لأزمة الحزب على المشهد السياسي بالبلاد.
وترى الدوائر السياسية في تونس، أن هواجس ومخاوف النزعة للتوريث، ترجع إلى:
1 ـ استقالة “بلحاج” الذي راهن عليه “الندائيون ” لرص صفوفهم ووضع حد لأزمة الحزب التي أنهكت أداءه لما يحظى به من “خصال قيادية” تنتهج إدارة شؤون الحزب بناء على رؤية ديمقراطية، وانتخاب سفيان طوبال، رئيسا للكتلة السياسية ، وهو المحسوب على حافظ قائد السبسي نجل الرئيس الباجي، ويرى سياسيون في انتخاب “طوبال” توجها نحو إعادة النداء إلى مربع التوريث، خاصة وأن السبسي الابن سيتولى إدارة النداء باعتباره المدير التنفيذي للحزب.
2 ـ أن “بلحاج” رفض أن يكون رئيسا شكليا للهيئة السياسية في ظل توجه نحو دعم نفوذ حافظ قائد السبسي، وفي ظل رفض غالبية القيادات الندائية توريثه رئاسة الحزب الذي أسسه والده الرئيس الباجي العام 2012 لمواجهة الإسلاميين الدين كانوا يهيمنون على المشهد السياسي آنذاك.
3 ـ أن الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، رئيس حزب النداء، لم يكن بعيدا عن المشهد داخل الحزب، مما يشير إلى “تأييد ودعم” وراثة الإبن للحزب ، تمهيدا للخطوة المقبلة بترشحه لرئاسة الجمهورية، خاصة وأن الوالد ( 90 عاما) من مواليد 26 / 11 / 1926، لن يقوى على ترشح نفسه لولاية جديدة، وأن “مدّ جسور الودّ” مع حركة النهضة الإسلامية، يأتي في نطاق “دعم الحركة” للإبن مستقبلا، وهو بدوره “أي حافظ السبسي” يحرص في تصريحاته على العلاقة الوطيدة بين النداء والنهضة، رغم أن تحالف النداء مع النهضة فجر أزمة هيكلية داخلية قادت إلى انشقاق أمينه العام محسن مرزوق الذي كان يقود تيارا يساريا داخل الحزب .
4 ـ بدت استقالة “بلحاج” بالنسبة لعدد من قيادات النداء “رسالة غضب” تجاه تطورات شهدها النداء خلال الأيام القليلة الماضية ، في منحى باتجاه توريث الحزب لنجل الرئيس التونسي، بدأت باجتماع الكتلة النيابية في مدينة سوسة وانتخاب سفيان طوبال رئيسا جديدا للكتلة البرلمانية، الأحد الماضي، ولم يحضر الاجتماع سوى حافظ قايد السبسي من الهيئة السياسية وغاب عنه رضا بلحاج، والذي أرجع استقالته، فيما بعد، إلى “وجود توجه غير سليم من شأنه أن يمسّ بكل الانجازات التي حققها الحزب، ومع استفحال مظاهر التدخل الخارجي لعديد الأطراف في شؤون “النّداء”.
5 ـ كان أكثر من 57 قياديا ندائيا قد لوحوا بمبادرة سياسية تقترح مسارا جديدا يبدأ أولا بالتخلي عن حافظ قائد السبسي وجماعته، والنأي بالحزب عن مسألة التوريث، مع الانفتاح على مختلف القيادات الغاضبة والسعي إلى عودتها إلى هياكل النداء بما من شأنه أن يصحح مسار الحزب، وفي نفس الوقت قاد “رضا بلحاج” جهودا هامة باتجاه تموقع جديد للنداء وذلك من خلال لقاءات ومشاورات مع العديد من القيادات الندائية الغاضبة أو المستقيلة ، غير أن تلك الجهود أثارت حفيظة عدد من أعضاء كتلة النداء الانتخابية الموالية لتوريث حافظ قائد السبسي ما دفعها إلى عقد اجتماع برلماني لانتخاب رئيس لها غاب عنه رضا بلحاج ، لانتخاب سفيان طوبال بديلا عنه .
ويشير سياسيون في تونس، إلى استمرار أزمة حزب النداء، في مواجهة “خطوة التوريث” التي ستقود إلى تداعيات سلبية على المشهد السياسي العام بالبلاد، مشيرين الى أن حالة التفكك التي يقف على مشارفها حزب “نداء تونس” ستزج بالخارطة السياسية في حالة استقطاب خطير لفائدة حركة النهضة .. ومن المتوقع ، بحسب الدوائر الحزبية في تونس، أن تتعمق أزمة النداء أكثر فأكثر خلال الأسابيع المقبلة، ما لم تبادر القيادات بوضع حد للصراع على قيادة الحزب واحترام صلاحيات الهيئة السياسية التي تتعرض لضغوط وللتهميش من قبل قيادات تدفع باتجاه “التوريث” وتولي حافظ قائد السبسي رئاسة النداء من جديد.