أزمة العجول.. ساحة صراع جديدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين
تصاعدت مؤخرا حدة الخلافات بين السلطة الفلسطينية وسلطات الاحتلال الإسرائيلي التي هددت باتخاذ خطوات “عقابية” جراء القرار الفلسطيني وقف استيراد العجول والأبقار من المزارع الإسرائيلية، في إطار خطة فلسطينية للانفكاك التدريجي عن الاقتصاد الاسرائيلي واللجوء الى أسواق عربية ودولية أخرى.
وكانت الحكومة الفلسطينية اتخذت قرار في جلستها رقم (18/20) بتاريخ 9 سبتمبر/أيلول 2019، بالانفكاك عن الاقتصاد الإسرائيلي، وبدء تطبيقه فعليا هذا الشهر من خلال وقف استيراد العجول الإسرائيلية، حيث يعتمد سوق العجول الفلسطيني بنسبة عالية على الواردات من إسرائيل، بقيمة ـ 700 مليون شيكل سنويا ما يعادل ( 200 مليون دولار أمريكي).
تهديدات إسرائيلية
وأثارت الخطوة التي لجأت إليها السلطة الفلسطينية باستيراد العجول من مختلف دول العالم وفي مقدمتها البرازيل، حفيظة الجانب الإسرائيلي الذي توعد على لسان أكثر من مسؤول باتخاذ إجراءات عقابية ضد السلطة.
وقالت مصادر إعلامية إسرائيلية إن الحكومة الإسرائيلية تدرس اتخاذ سلسلة من الإجراءات ضد السلطة الفلسطينية بسبب استمرار
مقاطعتها للمواشي الإسرائيلية، ومن بينها وقف إدخال السلع والمعدات من الخارج للسلطة الفلسطينية، وإيقاف تصدير زيت الزيتون والتمر من مناطق السلطة إلى الدول العربية.
وأفاد المحلل الإسرائيلي للشؤون الفلسطينية، غال بيرغر، ووفقاً لقناة كان العبرية، سيتم اتخاذ سلسلة من الإجراءات للضغط على الحكومة الفلسطينية، لإجبارها على التراجع عن قرارها بمقاطعة استيراد الأبقار والمواشي الإسرائيلية.
ونقل وسائل إعلام إسرائيلية عن دورون بياديتس رئيس اتحاد بيع العجول في إسرائيل، إننا “نبيع الفلسطينيين العجول والأبقار منذ سنوات طويلة، لكن منذ سبتمبر قررت السلطة الفلسطينية منع استيرادها من إسرائيل، ما سيجعلنا نواجه أزمة في كيفية التصرف بكميات كبيرة منها، فقد أنفقنا عليها عشرات ملايين الشواكل، ووصلت لأوزان ملائمة للبيع والذبح، وليس لدينا وسيلة للتصرف معها”.
انفكاك تدريجي
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني، قال في جلسة للحكومة خلال منتصف سبتمبر الماضي “إننا ماضون في الانفكاك التدريجي من العلاقة الكولونيالية التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي”. مشددا أنه في ظل انسداد الأفق السياسي في الوقت الراهن لا يمكن الاستسلام للأمر الواقع الذي فرضه الاحتلال، ويجب كسر هذا الأمر الواقع من خلال الانفكاك من الاحتلال.
وأرجع اشتية قرار حكومته للانفكاك عن الإحتلال لتعزيز المنتج الوطني، والانفتاح على العالم بحيث يتم الاستغناء عن المنتجات الإسرائيلية ورفع الواردات من العالم، حيث ارتفعت الواردات من العالم بنسبة 16% خلال سبعة شهور.
ورفض اشتية كل التهديدات التي تصدر عن الاحتلال والمتعلقة بوقف استيراد الأبقار مؤكداً أن السلطة ماضية في هذا الطريق ولن ترهبها التهديدات وستواصل سعيها لإحلال البضائع والمُنتجات العربية محل المُنتجات الإسرائيلية، فضلاً عن أن اتفاق باريس الاقتصادي يجيز للفلسطينيين الاستيراد من أي مكان حول العالم.
من جهته، أوضح وزير الاقتصاد الوطني خالد العسيلي، أن الفترة القريبة القادمة ستشهد هبوطاً في أسعار اللحوم بالأسواق الفلسطينية، جراء لجوء السلطة لاستيراد العجول مباشرةً بعد قرار وقف استيرادها من الجانب الإسرائيلي.
اقتصاد ضعيف
وقلل المختص بالشؤون الاقتصادية محمد أبو جياب، في حديث لموقع الغد، من خطورة التهديدات الإسرائيلية بوقف إدخال السلع والمعدات من الخارج للسلطة الفلسطينية، وإيقاف تصدير زيت الزيتون والتمر من مناطق السلطة إلى الدول العربية، كردة فعل على رفض السلطة الفلسطينية وقف استيراد العجول الإسرائيلية.
ولفت أبو جياب، أن ما تقوم بع إسرائيل هو جزء من التحكم والسيطرة الأمنية والعسكرية والاقتصادية التي تخضع لها السلطة الفلسطينية، وذلك نتيجة تمسكها باتفاقية باريس الاقتصادية والتي لا تطبيق منها اسرائيل إلا ما يخدم مصالحها فقط
وأوضح، أن التهديدات الإسرائيلية بهذا الاتجاه تضع القطاع الزراعي التصديري في مهب الريح وتهدد بتدمير هذا القطاع والقطاعات التصديرية الأخرى.
وتابع قائلا “نتحدث عن واقع اقتصادي لا يمكن للسلطة الفلسطينية أن تحمي أي قطاع فلسطيني صناعي كان أو تجاري لطالما الاحتلال موجود واتفاقيات لا تلتزم بها اسرائيل وتطبق منها ما تشاء وفي هذه الظروف لا حديث عن قدرة فلسطينية على بناء اقتصاد مستقل أو قدرة على الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال”.
تأثير المقاطعة
وعلق نائب رئيس حركة فتح، محمود العالول، على التهديدات الإسرائيلية للسلطة الفلسطينية، المتعلقة بوقف استيراد العجول من إسرائيل قائلاً “هذه التهديدات لن يمارسوها على الإطلاق، وهي دليل واضح تماماً على مدى تأثير المقاطعة على هذا الاحتلال، ومدى تأثير الضغط الاقتصادي عليه”.
وأضاف العالول في تصريح صحفي، اليوم السبت، يواصل الاحتلال الإسرائيلي إمتصاص ونهب خيرات الشعب الفلسطيني، ويرسل لنا بضائعه الفائضة غير الجيدة، حيث يعتبر السوق الفلسطيني ” مزبلة لبضائعه الفائضة”. مشدداً إن تزايد حجم التهديدات دليل واضح على مدى أهمية مقاطعة هذه البضائع الإسرائيلية.
ويذكر ان سلطات الاحتلال الإسرائيلي هددت السلطة الفلسطينية، أنه في حال استمرارها في مقاطعة استيراد الأبقار والمواشي منها، بـ”عواقب وخيمة”، تتمثل في وقف إدخال المنتجات الزراعية الفلسطينية للأسواق الإسرائيلية.
وقال كميل أبو ركن منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق (الضفة الغربية وقطاع غزة)،: “لن تسمح إسرائيل بوجود مقاطعة من أي نوع للمنتجات الإسرائيلية، نتيجة القرار الأحادي للسلطة الفلسطينية الذي يضر باقتصاد الطرفين.