في لقائه الأخير مع الصحافة المحلية، أكد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، بأن عودة السفير الجزائري إلى باريس، مشروطة باحترام كامل للدولة الجزائرية وتاريخها.
تصريحات تبون اعتبرها مراقبون توحي بأن الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وفرنسا، والتي اشتعل فتيلها بسبب تصريحات الرئيس الفرنسي، سيطول أمدها إلى أجل غير مسمى.
وقال الرئيس الجزائري إن الفرنسيين أطلقوا كذبة القرن، على حد تعبيره، نافياً أن تكون فرنسا قد طلبت ترحيل سبعة آلاف جزائري، يقيمون بطريقة غير شرعية على أراضيها،
وأكد بأن عدد الذين طلبت فرنسا ترحيلهم لا يتعدى أربعة وتسعين 94 شخصا، منهم اربعة عشر 14 شخصا لن يدخلوا أبدا للجزائر، بعضهم على صلة بالإرهاب، وآخرون لا عائلة ولا جذور لهم بالجزائر.
ويؤكد مراقبون بأن خطاب فرنسا العدائي ما هو إلا رد فعل على ضياع مصالحها في الجزائر، بتوقيف عقد تسيير المترو، وأنهاء الشراكة مع مؤسسة تسيير وتطهير المياه، بالإضافة إلى أكبر الضربات الاقتصادية، بالتوجه نحو الاستغناء عن القمح الفرنسي، لصالح القمح الروسي، وهو ما يرهن قرابة 40% من إنتاج القمح الفرنسي سنوياً.
وقال عضو البرلمان الجزائري وأستاذ العلاقات الدولية، علي ربيج، إن المسؤول الأول عن تلك الأزمة في العلاقات “الجزائرية الفرنسية” هو الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بعد سقطته الدبلوماسية وانتهاك الأعراف الدولية باتهاماته الخطيرة تجاه الجزائر ومؤسسات الدولة، ونيته الخبيثة لبث الفُرقة داخل مؤسسات الدولة والشعب الجزائري.
وأضاف ربيج، خلال لقاء على الغد، أن ما طالب به تبون هو أن تنسى فرنسا ماضيها الإجرامي والاستعماري في الجزائر، وأن تتخلى عن تلك النظرة الاستعلائية واعتبار الجزائر تابعه لها وللوبيات الفرنسية.
وأكد أن تصريحات ماكرون بالتشكيك في وجود أمة جزائرية وانتصارات الثورة الجزائرية يدل على أن الطبقة السياسية الفرنسية تمارس النفاق السياسي، وإذا أرادت فرنسا بناء علاقات ثنائية قوية فعليها احترام الجزائر وسيادتها ومواقفها وأن تتوقف عن التدخل في الشأن الداخلي الجزائري.
ولفت ربيج إلى أن فرنسا حتى اللحظة ترفض الاعتذار للشعب الجزائري فيما يتعلق بملف “الذاكرة الوطنية”، الجرائم التي وقعت بحق الشعب الجزائري خلال فترة الاستعمار، موضحاً أن باريس ترفض فتح النقاش فيما يتعلق بالذاكرة المشتركة.
وتابع أن فرنسا – حتى اللحظة – تنظر إلى عملها “الإجرامي والوحشي” في الجزائر أنه كان نشراً للحضارة الفرنسية الأوروبية والديمقراطية، قائلا: “فرنسا لا تريد أن تنظر إلى وجهها في المرآة الجزائرية”.
وأوضح أنه لا توجد شجاعة سياسية لدى الطبقة السياسية الفرنسية للاعتراف ومواجهة الحقيقة.
