أزمة النظام والمهمشين في تونس.. البرلمان يحذر من انفجار قريب

تؤكد الدوائر السياسية في تونس، أن انفجار الاحتجاجات الشعبية يلفت الانتباه إلى المخاطر التي تهدد تونس سياسيا واقتصاديًا واجتماعيًا، وفي المقدمة «أزمة نظام» تستدعي إعادة النظر في المشهد السياسي وفي النظام السياسي المختل حاليًا بالتنازع حول الصلاحيات واهتزاز الثقة بين الرؤساء الثلاثة (رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان)، وبعد أن أصبحت السلطات الثلاث، أشبه بجزر منعزلة، وباتت السلطتان التنفيذيتان (الرئاسة والحكومة) في صراع مكتوم حول الصلاحيات!

الديمقراطية الزائفة

واعتبر رئيس حركة «تونس إلى الأمام»، عبيد البريكي، أن الديمقراطية التي تعيشها بلاده زائفة، ذلك أنها لم تتوصل إلى إشباع الجياع وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة، حسب قوله.

وقال البريكي إن الاعتصامات التي حدثت في الأيام القليلة في عدد من جهات الجمهورية ثم تحولت إلى احتجاجات شعبية ليلية، كانت بسبب غياب العدالة الاجتماعية، وعدم المساواة، وتردي ظروف الحياة المعيشية.

أما اقتصاديا واجتماعيا ـ بحسب الدوائر السياسية في تونس ـ فإن الوضع الملتبس الذي ساهم بشكل رئيس في انفجار احتجاجات الغضب، عبر عنه  وزير الاقتصاد والمالية، علي الكعلي، بأن:«الحالة الاقتصادية والمالية صعبة وصعبة جدا»..

بينما قال وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي، إنه «لا مجال لعودة الحلول الأمنية وسياسة العصا الغليظة وإن خيار التوافق والحوار الوطني هز الحل».

ومن هذه الرؤية طالب البرلمان التونسي، حكومة ھشام مشیشي، بـ«بحث حلول جذریة وعاجلة لآفة الفقر والبطالة التي أدت إلى احتقان الشباب في أغلب ولایات الجمھوریة، وفتح باب الحوار مع المحتجین والإنصات إلى صرختھم المدویة التي ھزت الشوارع والساحات في اللیل وفي النھار، والتي أرادوا من خلالھا التعبیر عن فقدانھم الأمل في المستقبل، وعن انعدام ثقتھم في الطبقة السیاسیة».

وأشار النواب إلى أن التحركات الاحتجاجیة الأخیرة السلمیة منھا وغیر السلمیة تنبئ بانفجار قریب وھو ما یتطلب وحدة وطنیة صماء، ومعالجة فوریة للأزمة الاقتصادیة والاجتماعیة الخانقة من خلال توفیر مساعدات مالیة للمعطلین عن العمل والعائلات محدودة الدخل والمؤسسات المتضررة من جائحة كورونا والعمال الذین فقدوا مواطن شغلھم لأن ھؤلاء بلغوا مرحلة « الجوع الكافر ».

ويرى نواب الشعب، أن غیاب رئیس الحكومة ھشام مشیشي عن الجلسة العامة البرلمانیة، الأربعاء الماضي، حول الوضع العام في البلاد، یدل على غیاب سیاسة عامة لمواجھة المشاكل الحقیقیة للتونسیین، فتوفير فرص العمل للعاطلين، وتوفير حياة اجتماعية مقبولة للمهمشين في تونس، لا یتم بخطاب خشبي كالذي ألقاه مشیشي، يوم الثلاثاء بل باتباع سیاسات عامة واضحة.

الإخوان والمتاجرة السياسية

وحذرت قوى سياسية في تونس، من «ركوب الإخوان» الأحداث والمتاجرة سياسيا بحركة الاحتجاجات الشبابية الغاضب، لتفجير الأوضاع أمنيا، ما يمهد للعب في هذا المناخ من جانب حركة النهضة «الإخوانية».

وأشارت القوى السياسية إلى دعوة رئيس مجلس شورى حركة النهضة، عبد الكريم الهاروني، خلال استضافته في قناة الزيتونة ،«أبناء الحركة» إلى النزول إلى الشارع وحماية الممتلكات الخاصة والعامة.

وتابع رئيس شورى النهضة «قمنا بتوجيه الدعوة لمناضلينا ومناضلاتنا لحماية دولتهم وإعانة شعبهم حتى لا يتركوا الغاضبين يخربون ما بناه الشعب التونسي ودولتهم الشرعية.. دعاة الانفجار ودعاة الثورة الثانية ودعاة ثورة الجياع لم ينجحوا في ذلك».

غياب الحلول.. وحضور الشعارات

السلطات الثلاث في تونس، (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومجلس النواب)، تكتفي في تعاطيها مع الاحتقان الاجتماعي وتنامي الغضب في صفوف الشباب بالأحياء الشعبية، بثنائية «التفهم والوعود» تفهم للغضب وأسبابه دون تقديم أي حلول عملية وإجابات، أو إقرار أي منهم أنه يتحمل جزءا ولو بسيطا من تنامي الغضب بل يلقي مسؤوليته على الآخرين، بحسب تعبير المحلل السياسي التونسي، حسان العيادي.

أما الحلول والإجابات عن كيفية معالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والأولويات والإجراءات التي من شنأنها أن تمنح «الأمل» للتونسيين، فهي غائبة لدى الجميع، لا فقط القائمين على السلطة التنفيذية بل أيضا مجلس النواب الذي يريد أن يكون اللاعب الأول والرئيسي في المشهد وأن يكسر الصورة الذهنية التي علقت به «كمصدر للأزمة» هو وكتله وأحزابه الذين بدورهم أعادوا إنتاج الخطاب نفسه.

ويؤكد مراقبون ومحللون في تونس، أن الطبقة السياسية يجب عليها أولا أن تقر بأنها جزء من الأزمة لانحرافها إلى مسائل هامشية وصراعات سياسية، فيما الأزمة الاقتصادية والاجتماعية تعصف بالتونسيين وتحيلهم إلى شظف العيش.

وفي قراءة لخريطة تظاهرات الاحتجاج في تونس، ترى الباحثة التونسية آمال قرامي، أنّ الفرق واضح بين المحتجين السلميين في شارع الحبيب بورقيبة (من حيث شكل التحرّك، وزمنه النهاري، والمطالب والشعارات والخطابات الشفوية)،  وبين المحتجين في بعض الأحياء الذين يؤثرون الكر والفر ليلا، ولا يزعجهم النهب والتدمير بعد أن صار العنف سيّد الميدان.

ولكن ثمّة ما يجمع بين المختلفين: إنّه الإصرار على انتزاع الاعتراف حتى وإن اختلفت الأدوات، إنّه رفض لسياسات التنويم والتقزيم والتهميش والحقرة والتعنت، بحسب رأي قرامي.

تحديات جمة أمام الشعب 

من المتوقع أن تزید حدة الاحتجاجات مع تعمق الأزمة التي سببتھا جملة من العوامل والمسببات خاصة القرارات والإجراءات الحكومیة العشوائية والتي اعتبرتھا العدید من مكونات المجتمع المدني والأحزاب ساھمت في تعمیق الأزمة الاقتصادیة والاجتماعیة، بحسب تقدير المحلل السياسي التونسي، وجیه الوافي، خاصة أن الاستقرار الاجتماعي لا یكون باتفاقات تعقد بین الحكومة والمنظمات المھنیة بل ھو مرتبط بوضعیة الفئات الاجتماعیة.

في المقابل یقف الشعب أمام تحدیات جمة خاصة الملفات الاجتماعیة العالقة ومسألة الزیادة في الأجور وارتفاع الأسعار في ظل أزمة اقتصادیة ّحادة انعكست على المقدرة الشرائیة للمواطن.

ارتفاع وتیرة الاحتقان الاجتماعي

وتشیر الإحصائیات والأرقام ومواقف عدد من مكونات المجتمع المدني والأحزاب والتي كان آخرھا تقریر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادیة والاجتماعیة، إلى ارتفاع وتیرة الاحتقان الاجتماعي وازدیاد موجة الاحتجاجات في مختلف الجھات وذلك نتیجة الركود الاقتصادي وبطء نسق التنمیة التي تكاد تكون منعدمة في بعض المناطق، وعدم التزام الحكومة بالعدید من تعھداتھا إزاء جملة من القطاعات، وضع زادته الأزمة الصحیة والإجراءات الحكومیة صعوبة وتضییقا على الحركة الاقتصادیة والنشاط التجاري لعدد من القطاعات ذات الطاقة التشغیلیة الكبیرة خاصة الأعمال الحرة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة.

ويرى «الوافي»، حتى لا یفقد ھذا الغضب مشروعیته ویسقط في الفوضى، على السلطة ومن والاھا من أحزاب مراجعة حساباتھم قبل فوات الأوان.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]