أزمة انتقال ديمقراطي.. الغموض يسيطر على المشهد السياسي في تونس

أصبح المشهد السياسي التونسي، في حالة ترقب لما هو آت، وليس ترقبا فقط  لما ستؤول إلیه جلسة البرلمان لمنح الثقة لحكومة ھشام المشیشي، اليوم الثلاثاء.. ولكن ترقبا أيضا لموجة من الجدل السياسي والدستوري والقانوني، حول دور الرئيس التونسي ، قيس سعيد، في تشكيل الحكومة، وحول مهام ودور رئيس الحكومة الجديدة، هشام المشيشي، مما فرض سحابة من الغموض على ملامح المشھد السیاسي والبرلماني الجدید.

الریاح جرت بما تشتھي سفن رئیس الجمھوریة 

وهناك من يرى أن كل الریاح جرت بما تشتهی ُ سفن رئیس الجمهوریة قیس سعیّد، فالرئیس الذي دخل قصر قرطاج منزوع الصلاحيات بحكم الدستور، ّ تحول في ظرف أشھر إلى «صانع أحداث » أساسي في مشھد سیاسي واھن، مستفیدا من نتائج الانتخابات التشریعیة التي انتھت الى مشھد برلماني مشتت ومتناحر، بحسب تقدير صحيفة الصباح التونسية، ومستفیدا كذلك من عثرات وأخطاء الحزب الفائز بھذه الانتخابات حركة النھضة التي لم تُقدر منذ البدایة حجمھا الحقیقي، وتوھمت ّ قوة لا تملكھا بأغلبیتھا البسيطة التي ّ تحولت مع الأیام إلى طوق یكبّل حركتھا ویجعل حضورھا وتأثیرھا ضعيفا ومهزوزا

 

ويتردد داخل الدوائر السياسية في تونس، أن الرئيس قيس سعيد، حاول توسیع نفوذه داخل حكومة ھشام المشيشي الذي طالما كان ملاصقا للرئیس ، ولعل ما وصل إلیه الیوم یعود الفضل فیھ لقیس سعیّد الذي وضع فیه ثقته عندما عیّنه مستشاره الأمني ثم بعد ذلك عندما استطاع أن یفرضه في حكومة الیاس الفخفاخ كوزیر للداخلیة متجاوزا صلاحياته الدستورية التي تقتضي استشارته في حقیبة الدفاع والخارجیة، ولكن في حكومة الفخفاخ عمل قیس سعیّد على توسیع مفھوم الأمن القومي وھو الذي یترأس مجلس الأمن القومي.

الرئيس يبحث عن نفوذ أكبر في الحكم

وتشير الدوائر السياسية في تونس، إلى أن الرئيس قیس سعیّد لم یعد یكتفي بوزارات السیادة ویرید أن ّ یوسع حضوره ویفرض كلمته حتى في الوزارات الفنیة ،ّ ولعل لقاءه بوزیر الثقافة ُ المقترح في نفس الیوم الذي تخلّي عنه رئیس الحكومة ُ المكلّف، وتأكید رئیس الدولة على دعمه ترشیح ولید الزیدي لمنصب وزیر الشؤون الثقافیة، مؤكدا بأنه جدیر بتولي ھذه المسؤولیة .. أكبر دلیل على ذلك. البحث عن نفوذ أكبر في الحكم.. لا تنسجم النصوص الدستوریة التي قیّدت صلاحیات رئیس الجمھوریة مع أفكار وتوجھات قیس سعیّد التي طالما جاھر بھا ولم یخفھا قطّ وھو أنهّ ضد منطق الأحزاب وضد النظام السیاسي القائم الذي ّ یھمش دور رئیس الدولة.

والیوم ومن خلال الفرص الممنوحة ّ بنص الدستور یحاول رئیس الجمھوریة الاستفادة من الوضعیة الراھنة ومن أخطاء الأحزاب. ولقاؤه بولید الزیدي بعد تخلّي رئیس الحكومة ُ المكلّف عنه یشیر الى أن الرئیس لن یكتفي باستشارته في الحقائب السیادیة حیث دافع عن ترشیح الزیدي في منصب وزیر الشؤون الثقافية واعتبرھا تجربة أولى في تونس سیؤكد من خلالھا ولید الزیدي أنه عنوان المثابرة والتحدي والجدارة بتولي ھذا المنصب.

وھذا الموقف ّ تبرره الرئاسة بأنھ إصلاح لخطإ وقع فیه رئیس الحكومة ُ المكلّف ھشام المشیشي تمثل في قرار التراجع عن ترشیح ولید الزیدي لمنصب وزیر الشؤون الثقافیة على خلفیة التدوینة التي نشرھا الزیدي على صفحته بالفایسبوك وتصریحاته الصحفیة التي التقت كلھا في نقطة تعففه عن منصب وزیر الثقافة، وعن عدم سعیه لیكون وزیرا، دون أن یعني ذلك رفضه للمنصب.

الرئيس يطالب بعدم منح الثقة للحكومة !!

الأمر المثير للدهشة داخل المشهد السياسي التونسي، ما نردد من معلومات، وأكدها المحلل السياسي والكاتب الصحفي التونسي، زياد كريشان، بأن رئيس الجمهورية الذي كلف شخصية لتشكيل حكومة جديدة من خارج اقتراح الأحزاب، يدعو ليلة التصويت على الثقة ـ الأحزاب التي شكلت الائتلاف الحكومي لإلياس الفخفاح ويطالبها بإسقاط مرشحه هشام المشيشي والإبقاء على الحكومة الحالية مع تغيير رئيسها!!

 

رئيس الجمهورية الذي رفض الحوار مع الأحزاب حتى عندما يلزمه الدستور بالتشاور معها يجري حوار اللحظة الأخيرة لإسقاط من اختاره هو بنفسه دون سواه .

ويتساءل كريشان: لماذا كل هذا ؟ ربّما لأن هشام المشيشي الذي قام بعدة تنازلات للرئاسة في اختيار فريقه الحكومي ليس مستعدا للعب دور الكومبارس ومجرد منسق العمل الحكومي وأنه ،غدا، قد يقيل وزراء هم من رجالات قيس سعيد، لذا اختار صاحب قرطاج سحب البساط من المشيشي والإبقاء على حكومة الفخفاخ دون الفخفاخ، وظن بذلك أنه يرضي نفسه ويرضي أيضا الأحزاب البرلمانية التي تخشى من انتخابات سابقة لأوانها .

ولكن ولأن تونس في مرحلة انتقال ديمقراطي فلا يمكن لأي فرد ولو كان رئيس جمهورية منتخب بأغلبية عريضة أن يفعل ما يريد ، فهذه المبادرة  «المذهلة والغريبة» للرئيس قيس سعيد ، سوف تعود عليه على الأرجح وستدفع عدة كتل إلى منح ثقتها لحكومة المشيشي لا إيمانا بها ولكن قطعا لمشروع قيس سعيد ا«لهلامي»، بحسب رتعبير كريشان، .

 

وللأسف سوف نرى في جلسة اليوم لمنح الثقة انتقادات شديدة وحادة لرئيس الدولة وسوف تتأكد القطيعة بين أهم مؤسسات السلطة في البلاد وذلك في كلتا الحالتين: مرت حكومة المشيشي ام لم تمرّ .

أما لو نالت الحكومة الجديدة الثقة رغم رغبة الرئيس فسيصبح الصراع على رأسي الدولة تراجيديا، وسيسعى قيس سعيد لفك عزلته الجديدة بكل الطرق ويتعقد الوضع أكثر فأكثر .

 

حكومة المشيشي ستلقى نفس مصير حكومة الفخفاخ

ومن جانبه أكد رئیس الحكومة المكلف السابق، الحبیب الجملي، الذي لم تنل حكومته ثقة نواب الشعب، أن المشھد السیاسي صعب ورديء ، ومتشظ ومتصارع، وعجز على توفیر أغلبیة برلمانیة منسجمة في ما بینھا وقادرة على الالتقاء حول رؤیة موحدة لإدارة شؤون الحكم، وحظوظ نيل حكومة المشيشي الثقة،غیر واضحة.. وقال لصحيفة «الصباح»  التونسية، ھناك أطیاف سیاسیة في البرلمان معارضة وھنالك احزاب شبه داعمة .. وسیبقى المحدد الأول حركة النھضة فلو دعمت الحكومة ستمر ولو رفضت ستسقط في البرلمان . كما یجب ألا نغفل أثر التجاذبات في المرحلة الأخیرة من مشوار تكوین الحكومة التي ستبقى مفتوحة على عدید الاحتمالات المفاجئة..

 

  • ويرجح «الجملي»،أن تلقى حكومة المشيشي نفس مصیر حكومة الفخفاخ.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]