تنعقد قمة مجموعة العشرين في 7 و8 يوليو/ تموز في هامبورج برئاسة ألمانيا، على أن يكون شعار قمة هذا العام هو: ضمان الاستقرار، وتحسين الاستدامة، وتحمل المسئولية، ووسط حالة من تشدد الداخل الأمريكي تجاه موسكو يلتقي ترامب الرئيس الروسي بوتين، ما يطرح بدوره تساؤلا عن كيف سيعالج ترامب وبوتين مسألة سوريا في قمة مجموعة العشرين هذا الأسبوع؟
مقاربة روسية أمريكية
يرى زياد ماجد، أستاذ مشارك في الجامعة الأمريكية في باريس، ليس من السهل التكهّن بالرسالة التي يمكن أن يودعها الرئيس دونالد ترامب لدى زميله الروسي. لكن يمكن القول أن روسيا تشعر بتوتر مُطّرد حيال السياسية الأمريكية الراهنة في سوريا، وتأمل بالعثور على شريك سياسي في واشنطن يسمح لها بحصد الثمار السياسية لانجازاتها العسكرية. وهذا يعني مشاركة أمريكية في رعاية عملية سياسية تستند إلى المقاربة الروسية للمسألة السورية، وهي المقاربة التي تستند إلى الاعتراف الرسمي ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة، وإلى قبول التعاون العسكري معها ضد كلٍ من تنظيم داعش ، وجبهة النصرة، أحدث طبعة لتنظيم القاعدة.
يضيف ماجد، صاحب كتاب “سوريا: الثورة الميتّمة”، بيد أن الروس لا يشعرون الآن بالحبور، في ضوء رفض البنتاجون نسج مثل هذا التعاون معها، ومواصلة دعمه للميليشيات الكردية ضد الدولة الإسلامية، وشن الغارات الجوية، في الوقت نفسه، على قوات بشار الأسد والميليشيات الموالية لإيران حين تقترب هذه من الأكراد أو الجيش السوري الحر، في الصحراء الجنوية حول التنف.
يؤكد ماجد، منسّق “الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية”، “الآن، وزير الخارجية الأمريكي ركس تيلرسون أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس أن مصير الأسد هو في يد روسيا، ما يشي بأن الأسد بات مشكلة هذه الأخيرة، وأن الولايات المتحدة ليست مهتمة بمآل هذا الديكتاتور السوري، وكذلك أن الحل السياسي المتفاوض عليه ليس في الأفق المنظور. تعرف موسكو جيداً أن الحفاظ على الأسد في السلطة من دون حل سياسي تقرّه الولايات المتحدة وأوروبا وبعض القوى الدولية، يستدعي مواصلة تورّطها في الصراع السوري. وهذا على المدى الطويل قد يخلق توترات بينها وبين حليفها الحالي إيران، حيث أن لكلٍ من الطرفين أولويات متباينة. وإذا ماقررت الولايات المتحدة بذل الضغوط على إيران، فهذا سيجعل النظام السياسي- الأمني، الذي تحاول موسكو فرضه عبر عملية الأستانة (التي تلعب هي فيها دور الراعي الأول)، أكثر هشاشة مما هو الآن.
يوضح ديمتري ترينين، مدير مركز كارنيغي، أنه لن يتسنّ للرئيس دونالد ترامب والرئيس فلاديمير بوتين عقد قمة كاملة بمعنى الكلمة، حين يلتئم شملهما في هامبورج هذا الأسبوع، هذا على الرغم أن لديهما الكثير ليناقشانه والقليل مما يمكن ان يتفقا عليه. سوريا ستحتل حتماً حيّزاً من المحادثات، لكن لايبدو أن الاتفاقات الشاملة من النوع الذي جرت محاولة إبرامه إبان عهد إدارة أوباما، قد ترى النور بعد هذا الاجتماع. فروسيا تريد من الولايات المتحدة أن تتعاون معها في مناطق خفض التصعيد التي اتفقت عليها مع تركيا وإيران، لكن واشنطن لاتزال تتعاطى مع هذا الفكرة ببرود. ثم أن موسكو دعت أيضاً الولايات المتحدة للانضمام إلى محادثات الأستانة بصحبة تركيا وإيران، بهدف جمع الحكومة السورية والمعارضة إلى طاولة واحدة، بيد أن الولايات المتحدة لم تتعوّد الانضمام إلى آخرين، بل هي تتوقع من هؤلاء الآخرين أن يحذوا حذو القيادة الأميركية، حين تتوافر مثل هذه القيادة.
وأكد أن ترامب وبوتين سيتجاذبان أطراف الحديث، ويقيّمان ويقيسان بعضهما البعض، وهذا أمر مهم بلا شك، لكن لاتحبسوا أنفاسكم حيال النتائج.
وأشار ياسين الحاج صالح، مفكر وكاتب سوري، أن وزير الخارجية الأمريكي ركس تيليرسون قال مؤخراً أن مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد هو بين يدي روسيا. وهذا يعني، بكلمات أخرى، أن مصير الأسد هو في يد أصدقاء بشار، وأننا “نحن الأصدقاء الأمريكيون للشعب السوري نترك مصير الشعب السوري لأعداء هذا الشعب ولحماة جزّار الشعب السوري”. لقاء ترامب- بوتين لن يغيّر هذا النهج الذي هو بالطبع إبادة جماعية تُقترف برعاية دولية تحت شعار مكافحة الإرهاب. الدولة الإسلامية هي المجرم والوغد الإبادي الذي يساعد العديد من المجرمين الأوغاد على أن يبدون أقل شراً مما هم عليه في الحقيقة. وأنا أتساءل عما يمكن أن يخرجا به (بوتين وترامب)، حين لايعود هناك دولة إسلامية. سنرى.
وأضاف صالح أعتقد أن ترامب وبوتين سيركّزان على الحرب على الإرهاب. أما القضية السورية فقد باتت مُلحقة بهذه الحرب منذ إبرام الصفقة الكيميائية في العام 2013 (حين ألغت الولايات المتحدة ردّها على استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية، في مقابل المساعدة الروسية على شطب ترسانة سورية من هذه الأسلحة). وبالتالي، لن يكون هناك حديث حول عملية الانتقال السياسي في البلاد.
وأنهى حديثه بقوله: “على أي حال، كلا الرئيسين سلطويان ويفضلان أناساً من طينتهما لحكم سوريا”.