أسبوع التسويات في تونس.. الرهان على «دور سياسي» لرئيس الجمهورية

يبدو أن تأزيم الحياة السياسية في تونس، في صعود مطرد، وأصبحت التساؤلات الحائرة والقلقة داخل الشارع السياسي والشعبي:  إلى أين؟ وما هو الأفق السياسي المقترح على البلاد؟ وهل معاداة الإسلام السياسي تبيح كل شيء؟ ثم هل يمكن الصمت أمام العبارات والتهديدات التي تنطلق من حركة النهضة وحلفائها ضد الحزب  الدستوري الحر وآخرها ما اقترفه رئيس البرلمان نفسه، عندما دعا راشد الغنوشي،أمس، بالموت على «أعداء ديمقراطيتنا».. ألسنا أمام تحريض على العنف بل والقتل؟  بحسب تقدير الكاتب والمحلل السياسي التونسي،  زياد كريشان.

  • ويضيف: ألا يمثل هذا الكلام بدوره تهديدا قويا لأمن البلاد وخطرا داهما بدوره أيضا ؟ أم ننظر فقط إلى التعطيل ونغض البصر عن دعوات العنف والموت وحتى القتل أحيانا؟ حلقة إضافية تنهك ديمقراطيتنا المترنحة وتضيّع مصالح الوطن بين أقدام محترفي الاستقطاب الإيديولوجي الحاد والمتنافي والناقض لكل عيش مشترك ممكن.

الرئيس وحده يملك القدرة والمشروعية لحل الأزمة

وترى الدوائر السياسية والإعلامية في تونس، أن رئيس الجمهورية وحده يملك القدرة والمشروعية لإقناع أهم الكتل البرلمانية والأحزاب السياسية بضرورة التنازل لبعضها البعض وبضرورة هدنة سياسية وكذلك اجتماعية، وأنه من الضروري خلق الظروف الملائمة لإمكان قيام حكومة قوية وذات كفاءة عالية لإنقاذ اقتصاد البلاد ولحسن الاستعداد للتسونامي الاجتماعي مع ضبط أمننا الداخلي والخارجي وحشد كل الدعم لاقتصادنا وبأقصى سرعة ممكنة.

 

 على الرئيس لعب دور سياسي ولا يكتفي بالدور الدستوري

وأن رئيس الدولة هو الذي يمكن أن يقنع الأحزاب البرلمانية بأن حكومة حزبية ستكون كارثة إضافية في هذا الظرف بالذات لا لعجز أصلي، بل لأن أهم كفاءات البلاد في مختلف الميادين ترفض اليوم العمل تحت إمرة الأحزاب السياسية ومكاتبها التنفيذية ومجلس شوراها.. يمكن لرئيس الدولة وفي أيام قليلة أن يصل إلى أرضية واسعة وقاعدة صلبة لإنقاذ البلاد ، وهذا بالطبع يتطلب منه قبول لعب دور سياسي لا الاكتفاء بدور دستوري شكلي لا يتلاءم البتة مع دقة الأوضاع التي تمر بها البلاد.

 

  • يقينا إن أهم الأحزاب (وخاصة النهضة وحلفائها) لن تقبل بسهولة بالتنازل عن ممارسة الحكم مباشرة لمدة سنتين أو أكثر وهي إن تركت لحالها فستواصل على نفس نسق صراعاتها وتموقعاتها والحروب الضارية بينها .

هل يستخدم الرئيس «الصواريخ» الدستورية

رئيس الدولة لا يملك وقتا طويلا للتفكير، فإما أن ينخرط بكل قوة وجهد في هذا الاختيار الصعب دون التفريط في أية ساعة، أو أن يتواصل نفس المنهج وبنفس الطريقة وعندها لن تعصف الأزمة بالمنظومة الحزبية فقط بل بكامل المنظومة التي جاءت بها انتخابات خريف 2019..ولذلك يرى المحلل السياسي«كريشان»، أن في استقبال رئيس الجمهورية يوم أمس الأول لرئاسة مجلس نواب الشعب (الرئيس ونائبيه) رسالة واضحة بأنه لن يسمح بتعطيل احد أهم مرافق الدولة، وأن تعطيل مجلس النواب قد استمر أكثر من اللازم، وأن لديه من «الصواريخ» الدستورية ما يسمح له بوضع حدّ لهذه المهزلة.

 

  • كان الرئيس قيس سعيد، لرئيس التونسي، واضحا ومحددا في رسالة تحذير «قوية» لكافة القوى السياسية والحزبية في البلاد: «لن ابقى مكتوف الأيدي أمام تھاوي مؤسسات الدولة ويجب أن تعمل مؤسسات الدولة في إطار القانون وبصفة طبیعیة، والوسائل المتاحة في الدستور موجودة وھي كالصواريخ على منصات اطلاقھا ولكن لا أريد اللجوء الیھا في ھذا الظرف بالذات ولكن لن اترك الدولة التونسية بھذا الشكل الذي تسیر علیه».

تدابير تفرضها الحالة الاستثنائية

هنا لابد من تأويل هذه «الصواريخ» التي تحدث عنها رئيس الدولة أي هذه الإمكانيات التي يسمح بها الدستور..بعضهم فهمها بقدرته على حل البرلمان، ولكن الشروط الدستورية غير متوفرة.. «الصاروخ» الأساسي في نظرنا ـ بحسب تحليل كريشان ـ  هو ما يسمح به الفصل 80 من الدستور والذي ينص بوضوح أنه «لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية ، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية ، ويعلن عن التدابير في بيان إلى الشعب.

 

  • أي أن رئيس الدولة قد يعلن في بيان للشعب أن التعطيل المتعمد والمستمر لعمل مجلس نواب الشعب هو تعطيل لدواليب الدولة، وأن من يقدم على هذا التعطيل يمثل خطرا داهما يهدد «كيان الوطن أو أمن البلاد»، وبالتالي يسمح للقوات الأمنية أو العسكرية بصفة استثنائية باقتحام مقر مجلس نواب الشعب وبإيقاف العناصر المتهمة بهذا التعطيل وربما أيضا بمقاضاتها في المحاكم العسكرية وفق منطق التدابير الاستثنائية .

 

صيف ساخن

تطورات وتعقيدات المشهد العام في تونس، تشير إلى أن صيف تونس  لن یكون صیفا ھادئا.. ھكذا اتفقت النخبة السیاسیة، وهي ترى أنه مع تسارع الأحداث في الآونة الأخیرة یعرف المشھد السیاسي انقلابا غریبا في المواقف وتحولا من النقیض إلى النقیض في موقع بعض الأحزاب ودورھا في تحدید اتجاه الأزمة الحكومیة والبرلمانیة الراھنة.. ویبدو حزب «قلب تونس» مثالا بارزا في تناقضات المشھد السیاسي والحزبي في تونس، فبعد أن كان حزبا « منبوذا » من الجمیع قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية، وإلى وقت غیر بعید، ولكنه یتحول الیوم إلى لاعب رئیسي في حسم صراع اللوائح والإرادات بین القصبة والرئاسة من جھة والبرلمان في الجھة المقابلة وربما یتسابق الجمیع لكسب وده.

 

  • ورئيس الحزب رجل الأعمال القروي، المنافس اللدود لحركة النهضة في الانتخابات الماضية، تحول أیضا من ملاحق بشبھات فساد إلى صوت الحكمة والعقل المفوض من حزبه الیوم لقیادة مشاورات لإخراج البلاد من الأزمة الراھنة!

أسبوع التسويات في تونس !!

بات واضحا، أن هذا الأسبوع هو أسبوع التسويات بلا منازع في تونس، بحسب الباحث والمحلل السياسي التونسي، محمد جويلي، والهدف هو إيجاد رئيس حكومة يتولى تشكيل فريق وزاري.. وستكون أولى التسويات هي من سيشارك في هذه الحكومة ثمّ تأتي المرحلة التي بعدها وهي اختيار التشكيل الحكومي الذي سيحظى بموافقة برلمانية. وستكون هذه التسويات حاجزا أمام الأسئلة الحقيقية التي يجب طرحها: ماهي هوية هذه الحكومة من حيث برامجها؟ ما هي رؤيتها الاستراتيجية من أجل بداية الخروج من الأزمة الشاملة؟ هل هي حكومة قادرة على التماسك أمام صعوبات المرحلة عندما تأخذ القرارات المؤلمة للجميع؟

ثقافة التسويات تتصدر المشهد

ويقول «جويلي»: إن الإجابة على مختلف هذه الأسئلة مرتبط بحجم التسويات التي بها ستتشكل هذه الحكومة. فإن كانت حكومة تسويات كسابقاتها فسيكون مآلها الفشل، وإن كانت حكومة برامج إنقاذ فعلي وجدّي بفاعلين مشهود لهم بالتجربة وبالكفاءة فإننا في هذه الحالة يمكن أن نأمل في بداية خروج من الأزمة. ولكن المؤشرات الأولى تفيد بأن ثقافة التسويات هي التي ستتصدّر المشهد الحكومي القادم، وفي هذه الحالة لن نخرج من الأزمة.

ليس أسوأ في مرحلة الانتقال الديمقراطي من تجذّر ثقافة التسوية، إنها ثقافة تنقصها الجرأة والإبداع، هي أقرب إلى الكسل السياسي الذي يقوده منطق الغنيمة لا غير. التسوية السياسية يمكن أن تخفّف عنا الآلام ولكن من المستحيل أن تُبعد عنا المرض.. بتسويات أقلّ يمكننا أن نرى الأفق أمامنا.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]