تخيم على المشهد السياسي اللبناني، أجواء من الدهشة والشكوك حول إعلان رئيس الحكومة اللنانية،سعد الحريري، استقالته المفاجئة من العاصمة السعودية «الرياض» ظهر اليوم السبت، بينما تتحسب القوى السياسية اللبنانية من انفلات الوضع السياسي والأمني في لبنان، عقب فترة الاستقرار والهدوء التي شهدتها بيروت مؤخرا عقب انتخاب رئيس الجمهورية، وبدء الإعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة.
«الحريري» برر استقالته المفاجئة، في زيارته الثانية للرياض خلال أسبوع واحد، بأن «الأجواء السائدة في لبنان شبيهة بالوضع قبيل اغتيال رفيق الحريري، وأن أيدي إيران في المنطقة ستقطع، ولن نقبل أن يكون لبنان منطلقا لتهديد أمن المنطقة»..ورفض الحريري «استخدام سلاح حزب الله ضد اللبنانيين والسوريين»، معربا عن «خشيته من تعرضه للاغتيال»..وقال إن «فئات لا تريد الخير للبنانيين ومدعومة من الخارج تسلطت عليهم، وأينما حلت إيران تحل الفتن والخراب. ولإيران رغبة جامحة بتدمير العالم العربي».
وأضاف مع الإعلان المفاجىء لإستقالته من الرياض، «استطاع حزب الله فرض أمرا واقعا في لبنان بقوة السلاح. تدخل حزب الله تسبب لنا بمشكلات جمة مع محيطنا العربي. تدخل حزب الله تسبب لنا بمشكلات جمة مع محيطنا العربي، وأن الشر الذي ترسله إيران إلى المنطقة سيرتد عليها. رغم سياستي بالنأي بالنفس واصلت إيران إساءاتها إلى لبنان والمنطقة. لمست ما يحاك سرا لاستهداف حياتي. نرفض أي سلاح خارج على السلطة الشرعية للسلطة اللبنانية. أيدي إيران في المنطقة ستقطع».
ومن جانبه قال عضو المكتب السياسي لتيار «المستقبل» مصطفى علوش ، إن استقالة الحريري أتت بعد فشله بـ «عقلنة» حزب الله وبعدما لم تأت التسوية بأب نتيجة.. بينما تشير قوى سياسية لبنانية، إلى ضغوط مورست على الحريري لتقديم استقالته من السعودية، وأن الرئاسة اللبنانية مستاءة من طريقة الإعلان عن الاستقالة.. بينما أكد رئيس الحزب الاشتراكي اللبناني، النائب وليد جنبلاط ،أن «لبنان أكثر من صغير وضعيف كي يتحمّل الأعباء السياسية والاقتصادية لهذه الاستقالة» ، وتابع : «كنت وسأبقى من دعاة الحوار بين السعودية وإيران».
ويبدو أن كلمة السر وراء استقالة مفاجئة وغير متوقعة من الرئيس الحريري ـ بحسب المحلل السياسي اللبناني، زهير الماجد ـ للغد، ترجع إلى موقف المملكة السعودية من «حزب الله» وإيران .. وقال: إن ما يثير التساؤل حقا، أن استقالة الحريري، تأتي بعد لقائه علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني علي الخامنئي للعلاقات الدولية في بيروت أمس الجمعة، والذي وصف اللقاء مع الحريري بالـ « الجيد والإيجابي».. وقال ولايتي «أجرينا لقاء جيداً وإيجابياً وبناءً وعملياً مع الرئيس الحريري».
كان رئيس مجلس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، استقبل قبل ظهر أمس الجمعة، في مكتبه في السراي الحكومي، مستشار المرشد الايراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، يرافقه السفير الايراني في لبنان محمد فتحعلي، ووفدا إيرانيا.. وبعد اللقاء، قال ولايتي: «أجرينا لقاء جيدا وايجابيا وبناء وعمليا مع الرئيس الحريري المحترم، خصوصا ان العلاقات الايرانية – اللبنانية دائما بناءة وجيدة، وايران تدعم وتحمي دائما استقلال لبنان وقوته وحكومته وهي تحفز وترحب بذلك».
وأضاف: «نشيد بالرئيس الحريري والحكومة والشعب ونهنئهم بالانتصارات التي تحققت في الآونة الاخيرة في مواجهة القوى الارهابية ونتمنى المزيد من التوفيق والنجاح، كما أن تشكيل حكومة ائتلافية بين 14 اذار و8 اذار يشكل انتصارا ونجاحا كبيرا ومباركا للشعب اللبناني».
وتابع: «ان الانتصار ضد الارهابيين يمثل انتصارنا جميعا ضد الارهاب، وما تحقق على الساحة السورية ايضا وأنجز من قبل الحكومة السورية والشعب من انتصارات ضد الارهاب، كذلك يمثل انتصارنا ونجاحنا جميعا. نحن نعلم ان هؤلاء الإرهابيين مدعمون من قبل الصهاينة ومن قبل الأمريكيين. فالانتصار عليهم يمثل الانتصار على المؤامرات الصهيونية الأمركية ضدنا. كما ان انتصار العراق حكومة وشعبا ضد الحركة الانفصالية ايضا وجه اخر من تلك الانتصارات. وفي المجموع، الانتصار اللبناني ضد الارهابيين والانتصار السوري والعراقي يشكلون انتصار محور المقاومة على مستوى المنطقة وهذا انتصارنا جميعا».
وختم قائلا: «استمعنا الى الرئيس الحريري في ما يتعلق بالتحركات والاجراءات التي يقومون بها على مستوى المنطقة، ونحن نحبذها لما فيه مصلحة المنطقة”».
كانت الدوائر السياسية «المستقلة» ووسائل الإعلام اللبنانية، المقربة من سعد الحريري، ذكرت صباح اليوم ( قبيل الإستقالة) أن الرئيس الحريري يستمرفي تكريس أجواء إيجابية عن زيارته للمملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي. وقد نقل مقرّبون منه أنه «يحاذر إطلاع أيّ أحد على حقيقة ما جرى في زيارته الأخيرة، حتى دائرته المقرّبة». لكنّ مصادر في تيار المستقبل لفتت إلى أن «الأريحية التي يتصرف بها، والأسلوب الهادئ، يشيران إما إلى نجاحه في إقناع المملكة بضرورة الحفاظ على التسوية وعدم تفجير الأوضاع، أو إنها فعلاً لا تريد أن تذهب بالبلاد إلى الهاوية».
وعاد الاهتمام بهذه الزيارة «الأولى»، مع الإعلان عن زيارة «ثانية» إلى السعودية في أقل من أسبوع.. ونفت مصادر لبنانية أن يكون الحريري قد حمل أي رسالة إلى السعودية، خصوصاً بعد لقائه علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية لمرشد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي، الذي هنّأ من السراي الحكومي أمس «الحريري والحكومة والشعب على الانتصارات التي تحققت ضد الإرهابيين»، مؤكداً أن «إيران تحمي استقرار لبنان وترحب باستقلاله».
