لم يحقق توسيع الاحتلال الإسرائيلي مساحة صيد الأسماك قبالة شواطئ بحر قطاع غزة من 6 أميال إلى 9 آمال الصيادين الفلسطينيين بالصيد الوفير، بعد أن وصلوا إليها آخر مرة في أبريل الماضي.
وأبحر صيادو قطاع غزة أمس، الخميس، إلى مسافة 9 أميال من منطقة وادي غزة وسط القطاع حتى رفح جنوبا، عقب سماح الاحتلال الإسرائيلي بالدخول إلى المنطقة لمدة 6 أسابيع، تعد المرة الثانية التي يتمكن فيها الصيادون من الوصول إليها خلال العام الحالي.
ويقول الصياد الفلسطيني خالد الهبيل (52 عاما)، الذي مكث داخل البحر نحو 15 ساعة من أجل صيد الأسماك: “كنا نتوقع أن يكون الصيد أفضل، لكن زادت نسبة الصيد عند بعض الصيادين ما نسبته 20% وآخرين ارتفعت نسبة الصيد لديهم 5% عن الأيام السابقة”.
وعن أنواع الأسماك التي تم اصطيادها، يضيف الصياد الهبيل، الذي يعمل على “لنش جر” ويعتاش من ورائه نحو 300 فرد، “بعض الصيادين تمكن من صيد أسماك المليطة والسلطان إبراهيم والسردينة واللوكس”.
ويشير الصياد الهبيل، الذي يعمل في هذه المنهة منذ 36 عاما، في حديث مع “الغد”، إلى أن أوضاع الصيادين ما زالت صعبة جدا جراء استمرار الحصار البحري المفروض منذ قرن من الزمن، مناشدا العالم التدخل لدى سلطات الاحتلال لرفع الحصار .
ونصت اتفاقية “أوسلو” للسلام الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993 على أن المسافة القانونية التي يسمح للفلسطينيين بالتحرك داخلها بحرية دون أي اعتراضات إسرائيلية هي 20 ميلا بحريا، ولكن كجزء من حصار إسرائيل على القطاع الساحلي منذ عام 2006، وحتى عام 2012 سمح للصيادين الفلسطينيين فقط بالعمل في حدود “منطقة صيد محددة” تقدر بـ3 أميال، ثم وسعت إلى 6 أميال بحرية عن شاطئ غزة.
ويرى زكريا بكر، مسؤول لجان الصيادين في اتحاد لجان العمل الزراعي، أن توسيع مساحة الصيد بشكل جزئي قبالة شواطئ بحر غزة التفاف على الحصار الإسرائيلي ولتحسين صورة الاحتلال أمام العالم، الذي يمارس الانتهاكات ضد الصيادين بشكل يومي في عرض البحر حتى على مسافة 9 ميل بحري.
ويشير بكر، في حديث لـ”الغد”، إلى أن زوارق الاحتلال الإسرائيلي قامت بملاحقة الصيادين على مسافة 9 ميل بحري ورشهم بالمياه فوق رؤوسهم، إضافة إلى إطلاق النار عليهم قبالة شواطئ غزة.
ويوضح أن وصول الصيادين لمسافة 9 ميل بحري أدى إلى تحسن طفيف جدا على صيد الأسماك، مشيرا إلى أن هذه المنطقة رملية ولا تتواجد بها الأسماك بشكل كبير، لافتا إلى أن الأسماك تتواجد ما بعد الـ9 ميل.
ويشير إلى وجود ما يقارب 4 آلاف صياد فلسطيني في قطاع غزة يعيشون ظروفا صعبة إذ وصلت نسبة الفقر بينهم إلى 99% جراء استمرار الحصار الذي يعد أطول حصار بحري في العالم.
بدوره، قال نزار عياش، نقيب الصيادين الفلسطينيين، “هناك صدمة عند بعض الصيادين الذين لم يتمكنوا من صيد الأسماك في منطقة الـ9 ميل بحري وهناك من تمكن من صيد أنواعا قليلة من الأسماك”.
ويضيف عياش، في حديث مع “الغد”، “بالوضع العام لم يتغير شيء على الصيادين”، مشيرا إلى أن صيادين عادوا صباح اليوم بخسارة كبيرة ولم يجمعوا أموال محروقاتهم”.
من ناحيته، رصد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان تصعيد قوات الاحتلال الإسرائيلي من اعتداءاتها ضد الصيادين في مياه غزة، رغم الإعلان عن السماح لصيادي القطاع بالإبحار لمسافة 9 أميال بحرية، عوضا عن 6 أميال بحرية في السابق، وهو ما يشير إلى استمرار سياسة الاحتلال في محاربتهم في وسائل عيشهم ورزقهم.
ودان المركز الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة ضد الصيادين في القطاع، داعيا إلى الوقف الفوري لسياسة ملاحقة الصيادين، والسماح لهم بركوب البحر وممارسة عملهم بحرية تامة.
وتفيد الإحصاءات الأخيرة لمركز الميزان لحقوق الإنسان بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت منذ بداية العام الحالي 2017 وحتى الآن صيادين، وأوقعت 10 جرحى، واعتقلت 28 صياداً، واستولت على 10 قوارب صيد، وأطلقت النار تجاه الصيادين 142 مرة.
ويقول مركز الميزان، “إن قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل انتهاكاتها الجسيمة والمنظمة بحق المدنيين الفلسطينيين، ولاسيما الصيادين، في تجاوز لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ما يعرض حياتهم للخطر، ويحول دون تمكنهم من مزاولة أعمالهم بشكل يضمن لهم التمتع بمستوى معيشي ملائم، بل دفعت تلك الانتهاكات المتمثلة في ملاحقتهم وإطلاق النار صوبهم، وقتل وجرح عدد منهم، واعتقالهم والاستيلاء على مراكبهم ومعداتهم، إلى تقويض وسائل كسب رزقهم، ما فاقم من أوضاعهم المعيشية، وقوض وسائل كسب رزقهم على نحو يمس بجملة حقوق الإنسان”.
ويؤكد المركز على حق الصيادين في ممارسة أعمالهم بحرّية في بحر غزة كحق أصيل من حقوق الإنسان، ويقول”إن قوات الاحتلال ترتكب انتهاكات منظمة لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان باستهدافها المتكرر للصيادين خلافاً للفقرة 2 من المادة 1، والفقرة 1 من المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والفقرة 1 من المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما تتعارض مع المادة 33، والمادة 52 من اتفاقية جنيف الرابعة لحماية السكان المدنيين وقت الحرب”.
وجدد المركز مطالبته للمجتمع الدولي، ولاسيما الدول الأطراف الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة، بالقيام بواجبها الأخلاقي والقانوني والقيام بخطوات عملية لحماية الصيادين الفلسطينيين وإلزام قوات الاحتلال باحترام مبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
