«أسمر حلبي».. لم يرزق بأطفال فتبني أيتام سوريا في دار تحت الأرض
ليس وحده الطفل عمران دقنيش الذي عانى صدمة ومرار الحرب، الآلاف من الأطفال السوريين يعيشون ذعرا يوميا بسبب حاله الحرب التي بدأت من خمس سنوات ولاتزال مستمره حتى الآن.
ففي منشآه تقع تحت سطح الأرض بطابقين في مدينة حلب، يتجمع عدد من الأطفال اليتامى، بدار للرعاية أنشأها أسمر حلبي وزوجه التي تعلم جيداً عن الدمار الذي تتسبب فيه المواد المتفجرة بكل تفاصيلها المريرة؛ إذ إنها لا تزال تحمل آثار الإصابات التي تسببت فيها غارة جوية ضربت إحدى المدارس منذ عامين.
أصوات الغارات والاهتزازات التي يسببها القصف اصبحت معتادة لهؤلاء الأطفال، بحسب ما ذكرته صحيفة الجارديان البريطانية.
يبلغ عدد الأطفال الذين يرعاهم حلبي في دار الأيتام التي تحمل اسم “دار أيتام المميزون” 50 طفلاً، وتتراوح أعمار الأطفال بين عامين و14 عاماً.
وانتقلت الدار إلى أسفل الأرض بعد أن صار القصف أكثر من اللازم أمام إمكانية ممارسة أنشطة الحياة اليومية بصورة عادية، والآن توفر الدار ملجأ تحت الأرض لهؤلاء الأشخاص في ظل القصف المستمر.
ويقول حلبي: “لقد اعتادوا هذه الحياة المروعة بشكل استثنائي.. فعلى سبيل المثال اعتاد هؤلاء الشعور بالخوف في الماضي عندما كانوا يسمعون صوت الطائرات، إلا أنهم حالياً يرغبون في الخروج خارج البناية لكي يروا الطائرات أو المروحيات التي يسمعون أزيزها فوق رؤوسهم وهي تطوف في جو السماء”.
بدأت دار الأيتام في فتح أبوابها خلال العام الماضي بعد أن أبدى نشطاء مخاوفهم من تزايد أعداد الصغار الذين يكافحون من أجل توفير لقمة العيش وحدهم، كما تمتلك الدار أماكن لمائة طفل آخر، والنزلاء الجدد يصلون إليه بانتظام في صورة مأساوية.
وقال حلبي الذي كان يعمل تاجراً ولم يرزق بأطفال: “أجرينا مسحاً لإحصاء عدد الأطفال الذين فقدوا آباءهم معاً أو أحد الأبوين، والمحزن أن العدد كان كبيراً”.
ويتكون فريق العمل الذي يساعد حلبي في رعاية هؤلاء الأطفال من 25 شخصا، تتنوع مهامهم بين أفراد الأمن والمعلمين الذين يعلمون اليتامى كل شيء بدءاً من الحساب واللغة العربية.
كما ان هناك من سيقومون برعاية الأطفال نفسيا لأن حالات الأطفال عند وصولهم إلى الدار تكون بحاجه إلى الرعاية والدعم النفسي القوي، نظرا لما مروا به.
واوضح صاحب الدار: “إن هدفنا يكمن في أن نحميهم ونعلمهم كي ينجحوا في المستقبل، فكثير من الأطفال فقدوا كلا الأبوين خلال الحرب الدائرة، وربما تصل نسبة الذين فقدوا أحد الأبوين 5% فقط، لكن الآباء أو الأمهات الأحياء لتلك النسبة، يعانون من مشاكل عقلية كبيرة لا تسمح لهم بمراعاة الأطفال”.
وقضى حلبي وفريقه 6 أشهر خلال العام الماضي لكي يرمم أحد المباني لتمتلك فيما بعد طوابق عديدة ممتلئة بالغرف الدراسية والمهاجع المبهجة، وذلك بعد أن حصلوا على الدعم المالي من بعض الجمعيات الخيرية والمتبرعين بالخارج.
تصدرت عناوين الصحف من جديد ماساة أطفال سوريا بعد انتشار صور الطفل عمران بعد ان اخرج من تحت أنقاض منزله لتغطي الدماء وركام المنزل وجهه وجسده الصغير قبل أن يتلقاه المسعفون ويدخلونه إلى سيارة الإسعاف، ليبدو غير مبالٍ بأي شيء سوى بمسح الدماء التي غطت وجهه والنظر إليها دون أن ينطق بكلمة أو يذرف دمعة واحدة، ليمسح الطفل بعد ذلك يده مرة أخرى بالكرسي الذي كان يجلس عليه داخل سيارة الإسعاف.
وقال مصور اللقطة ان منزل عمران انهار نتيجة لقصف روسي على المنطقة، وهو الأمر الذي نفته وزارة الدفاع الروسية مؤكدة أنه لا يتم قصف سوى في أماكن الاشتباكات، كما انها لم تقم بأي غارات في تلك المنطقة ذلك اليوم.
