أسواق الطاقة العالمية في مواجهة الأزمات الجيوسياسية

باتت أسواق الطاقة  العالمية مهددة في  ظل الصراعات الجيوسياسية الحالية حول العالم، وأبرزها التوتر بين روسيا وأوكرانيا، سيما أن موسكو تعتمد  على خطوط الأنابيب الأوكرانية لضخّ الغاز إلى وسط و شرق أوروبا، بينما تحصل كييف على  مليارات الدولارات سنويا رسوم عبور الطاقة.

ويهدد التوتر الروسي الأوكراني أسواق الطاقة، ويؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط وانخفاض صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا.

وارتفعت أسعار النفط، اليوم الإثنين، أكثر من 2% إلى أعلى مستوياتها منذ ما يزيد على سبع سنوات، إذ قال الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي إنه سمع أن روسيا قد تغزو بلاده يوم الأربعاء.

وفي كازاخستان، ثاني أكبر منتج للنفط  داخل (أوبك+)، تتصاعد احتجاجات ضد خفض دعم الوقود، ما اعتبره مراقبون من تداعيات ارتفاع أسعار الطاقة.

كما تسببت الاحتجاجات في هذا البلد الآسيوي، أكبر منتج لليورانيوم، في ارتفاع أسعار اليورانيوم الفورية.

أما ليبيا فهي أكبر احتياطي نفطي في إفريقيا، وفيها عدم الاستقرار لا يزال عائقا أمام الإنتاج، رغم أنها معفاة من قرار خفض إلانتاج أوبك+ بسبب الوضع الأمني هناك.

وأزمة اليمن أيضا، من بين أهم الصراعات الجيوسياسية، حيث  تستهدف هجمات الحوثيين الإرهابية ناقلات النفط، وكان آخرها انفجار ثلاثة صهاريج في أبوظبي.

 

أما الأزمة الإيرانية فتؤثر هي الأخرى على  أسواق الطاقة،  فطهران يمكنها زيادة صادراتها النفطية 1.5 مليون برميل يوميًا في أقلّ من ستة أشهر، حال رفع  العقوبات الأمريكية.

كما أن هناك تأثيرا للصراع “الصيني الأمريكي”، فبكين تستورد الوقود الأحفوري من الولايات المتحدة، أما واشنطن فتستورد تقنيات منخفضة الكربون من الصين.

و في ظل هذه الصراعات التى  تملأ الكرة الأرضية، بات الكل يحذر من  عواقب وخيمة على أسواق الطاقة والاقتصاد العالمي.

في هذا السياق، قال مستشار التحرير في منصة الطاقة المتخصصة بمسقط، الدكتور أنس الحجي، إن النفط يعد سلعة سياسية، وكل ما يتعلق بالنفط والغاز ومشتقاتهما هو سلعة سياسية، ومن الطبيعي أن يرتبط بالسياسة.

 

ورأى أن الإشكالية الآن في الصراع الروسي الأوكراني أن ردة الفعل الأوروبية والأمريكية ستكون لها آثار سلبية على إمدادات الغاز والنفط عالمياً، والأسوأ سيكون رد الفعل الروسي على هذا، ومخاوف من شن عصابات روسية حملات هجوم سيبرانية على منشآت الطاقة في الولايات المتحدة وأوروبا.

وتابع أنه حال قيام روسيا بغزو أوكرانيا، ستجد كل من الولايات المتحدة وأوروبا أنفسهم مضطرين لفرض عقوبات، ومن غير المعلوم حتى الآن طبيعة تلك العقوبات، ولكن المقترح “البريطاني الأمريكي” هو التركيز على نظام المدفوعات العالمية “نظام سويفت”، فإذا تم إخراج روسيا من هذا النظام فلن تستطيع موسكو الحصول على إيرادات النفط أو الغاز من الدول الأخرى، وبالتالي حرمان روسيا من تلك العائدات.

واستطرد أنه قد يكون هناك فرض لعقوبات مختلفة على أشخاص وعلى مؤسسات حكومية وعلى الصادرات الروسية وربما الأوكرانية حالة احتلالها.

وأضاف أن السؤال الآن هو “ماذا سيفعل بوتين كردة فعل على ذلك؟ وهل سيوقف إمدادات الغاز إلى أوروبا؟”.

وأشار إلى أن المشاكل السياسية في الدول المنتجة للنفط تحدث دائما في فترات ارتفاع الأسعار.

وأعرب عن اعتقاده أن أسعار النفط لن تقفز بشكل كبير إذا هاجمت روسيا أوكرانيا، ورأى أن هناك مبالغة في تلك التقديرات.

وقال إن من يسيطر على نفط أي دولة نفطية يحدد مستقبلها، فعلى سبيل المثال الاحتلال الأمريكي للعراق جاء للسيطرة على النفط العراقي كونه مصدر “قوة الخصم”، حتى لو لم يقوموا بقتل صدام حسين أو عزله فإن السيطرة على احتياطيات النفط العراقي تجعل النظام ينهار وغير مرتبط بحاجة أمريكا للنفط.

كما أن أموال هذا النفط تستطيع تمويل حكومة جديدة لها ميول أمريكية، مؤكداً أن في ذلك عبرة يمكن تطبيقها على دول أخرى مثل ليبيا، ومن يسيطر على النفط سيحدد مستقبلها.

وأكد أن أكبر خطر يهدد أسواق النفط والطاقة عالميا يتمثل في سياسات التغير المناخي “الخاطئة” التي تتبناها أوروبا وإدارة بايدن والتي لا علاقة لها بالخلافات السياسية بين الدول المنتجة للنفط.

وقال: “قدم نبلاء أوروبا رؤوسهم على طبق من فضة إلى قيصر روسيا بسبب سياساتهم الفاشلة في مجال الطاقة خلال السنوات الماضية”، متابعاً: “إن واحدة من أهم المشاكل التي سببت الأزمة الحالية هي التحول من العقود طويلة المدى إلى الأسواق الفورية، وهو ما حرمهم من الامتدادات الروسية حاليا وارتفعت الأسعار بشكل كبير  في الأسواق الفورية.

ورأى أنه في حالة الغزو الروسي لأوكرانيا، فإن أوروبا تستطيع الرد عبر بريطانيا وفرنسا، حيث تعتمد لندن على غاز بحر الشمال والغاز النرويجي، وباريس تعتمد بشكل كبير على الطاقة النووية، بينما لا تستطيع باقي الدول التحرك.

 

فيما قال الخبير في سياسات الطاقة من واشنطن، أومود شكري، إن السوق تعتمد على العرض والطلب، فإذا كان العرض كبيرت فإن أسعار البترول والغاز ستنخفض في أي حال.

وأضاف أنه في سوق الطاقة كل دولة تحاول زيادة حصتها في السوق العالمية، والتربح من هذا، لافتا إلى وضع إيران تحت العقوبات، فقد تم تقسيم حصتها على بقية البلدان في أوبك، وإن عادت للسوق فستنافس مجدداً، وهناك تنافس بين روسيا ودول الخليج وهو الذي سيتزايد بالطبع حالة الغزو لأوكرانيا.

ورأى أن أخطر ما يهدد سوق الطاقة هو النقص في العرض، فكل عملية انتقالية ستؤدي إلى نقص ومشكلة المناخ تؤدي إلى نقص، وهو ما سيؤدي بأضرار على مصادر الطاقة التقليدية، إضافة إلى التهديدات السياسية.

كذلك قال الكاتب والباحث الاقتصادي في جدة، علي الحازمي، إن العالم يعيش تحت وطأة جائحة كورونا في انكماش اقتصادي، لافتا إلى أن قلة الاستثمارات في الجانب النفطي ظهرت نتائجها على السطح في الوقت الراهن، ونجد أن بعض الدول في “أوبك+” لم تستطع الوفاء بحصتها السوقية ما أثر بشكل كبير على الإنتاج، وهناك فجوة بين العرض والطلب.

وأضاف أن السؤال الآن: “ماذا لو اندلعت حرب بين أوكرانيا وروسيا؟”، خاصة أن روسيا لاعب كبير في “أوبك+” وهو ما سينعكس على الأسواق العالمية، لا سيما أن روسيا هي ثاني منتج للنفط في العالم وثاني منتج للغاز.

ورأى أنه في حال نشوب الحرب فإن أسعار النفط ستقفز لتصل إلى 100 دولار للبرميل وربما 150 دولارا، وهو ما يعني تحديا للنمو الاقتصادي القادم.

وتابع: إن الدول المصدرة ستستفيد من إيرادات عالية، إلا أن هناك دولا مستوردة للنفط ما يعني ارتفاع التضخم على مستوى السلع ككل في تلك الدول، كما أن الدول المصدرة ستتضرر نوعا ما، فستكون لديها إيرادات نفطية ولكنها ستذهب لاستيراد السلع من الدول الصناعية التي اشترت النفط بأسعار مرتفعة لتبيع منتجاتها بأسعار مرتفعة أيضا، ومن سيتضرر هو المستهلك.

ولفت إلى أن هناك تعطشا كبيرا للعالم للاستثمارات والنمو الاقتصادي، بعد إغلاقات كبيرة في عام 2020 وتعاف نوعاً ما في 2021، وهو ما دفع سوق النفط ليكون العرض أكثر من الطلب.

فيما رأى الخبير في شؤون الطاقة، الدكتور مهندس سامح نعمان، أن روسيا تمد أوروبا بأكثر من 40% من احتياجاتها من الغاز، كما أن النرويج وهولندا من الدول المنتجة للغاز داخل أوروبا، إلا أنه شبه متوقف نظراً لكون الآبار بدأت بالجفاف.

ورأى أن أوروبا لم تخزن الكمية المطلوبة منها من الغاز خلال فترة كورونا نتيجة المخزون الذي جف في النرويج وقل في هولندا، كما أن برودة الجو ساهمت في زيادة استخدام الغاز.

وأكد أن روسيا لم تمنع الغاز من خلال الأنابيب للعقود طويلة الأجل، ولكن من حاول إيجاد بديل للغاز الروسي من خلال قطر – التي تستحوذ على 22.5% من الإنتاج لدول شرق آسيا.

من جانب آخر، أوضح الأكاديمي والباحث في الاقتصاد السياسي في الجزائر، الدكتور أحمد سواهلية، أن الأزمة الروسية الأوروبية والأمريكية جعل أزمة الغاز تأخذ منحى تصاعديا، خاصة في ظل التحالف القطري الأمريكي لمحاولة إمداد أوروبا بالغاز، إلا أن الجزائر تبقى من أهم موردي الغاز الإفريقيين، وقربها من الجانب الأوروبي يجعلها أكثر حظا من دول إفريقية أخرى، وتمد الجزائر الجانب الأوروبي بنحو 15% من احتياجاته.

وتابع أن التجهيزات اللازمة لزيادة إمداد الجزائر لأوروبا غير متاحة وتحتاج المزيد من الوقت.

ولفت إلى أن الجزائر الآن غير مستعدة لتكون بديلا حقيقيا لتزويد أوروبا بالطاقة، بإمكانها ضمان إمدادات إيطاليا وإسبانيا والبرتغال، أما شمال أوروبا وشرقها فيحتاج لأوروبا لوقت طويل، وهو الأمر نفسه لمصر ولقطر أيضا، مؤكداً أن الموارد أمام أوروبا شحيحة جداً ما يجعلها ضعيفة أمام الدب الروسي في إيجاد حلول سياسية قبل أن تكون اقتصادية.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]