حالة من الإحباط والتردد خيمت على المواطنين في قطاع غزة، مع بداية شهر رمضان المبارك، في الوقت الذي تشهده فيه الأسواق ركودا اقتصاديا وتجاريا كبيرين، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لسكان غزة، فتراجعت حركة البيع والشراء بصورة كبيرة في أسواق غزة التي كانت تعج بالمواطنين في مثل هذه الأيام.
وقد استقبل الغزيون شهر رمضان الكريم بصورة باهتة بسبب أوضاعهم المعيشية والإنسانية التي تعد الأصعب منذ سنوات طويلة، وذلك جراء الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ 12 عاما، وبسبب الإجراءات العقابية التي فرضتها السلطة الفلسطينية على قطاع غزة، وفي مقدمتها أزمة رواتب موظفي السلطة، والتي جعلت معظمهم غير قادرين على شراء احتياجاتاهم الضرورية في شهر رمضان.
ويقول المواطن سعيد كلاب، إن ظروف الحياة في غزة باتت صعبة ومعقدة ومريرة، في تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، التي ازدادت حدتها مع قيام السلطة الفلسطينية فرض العقوبات على قطاع غزة، وخاصة الموظفين وعدم حصول الموظفين على رواتبهم، بالإضافة إلى أزمة الكهرباء التي تعصف بسكان غزة فبالكاد يصل ساعات وصل الكهرباء في أحسن حالاتها في غزة إلى 4 ساعات فقط فيما يتم تستمر عملية القطاع لأكثر من 14 ساعة أو أكثر.
ويضيف المواطن كلاب، أن حياة المواطنين في غزة باتت معقدة في ظل انهيار المنظومة الاقتصادية وعدم وجود اى فرص لتطوير الواقع الإنساني والاقتصادي في القطاع، مؤكدا على أن الأوضاع تسير بخطى سريعة نحو المزيد من التأزم والتدهور.
ويرى المواطن سعيد البيطار، وهو صاحب بقاله في سوق “الزاوية” أحد أشهر الأسواق الشعبية والتاريخية في غزة، أن الحركة الشرائية والتجارية خلال شهر رمضان ضعيفة جدا ولا يوجد إقبال من قبل المواطنين كما الأعوام السابقة، مؤكدا أن المواطنين يلجؤن إلى شراء الحاجات الأساسية والضرورية لهم في شهر رمضان.
وأوضح أن رواد السوق أغلبهم يعاينون البضائع وينظرون إليها من دون أن يتمكنوا من شرائها، بسبب سوء أوضاعهم الاقتصادية وعدم مقدرتهم على الإيفاء بكل احتياجاتهم، وقد عمد الكثير من التجار إلى اللجوء لحملة من التخفيضات على الأسعار أملا في جذب الزبائن لكن دون جدوى فالأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الناس أكبر بكثير من كل التخفيضات على الأسعار.
وأكد البيطار، أن ما زاد من الأوضاع صعوبة في غزة هو الأحداث الميدانية التي تشهدها المناطق الحدودية وقيام الاحتلال الإسرائيلي باستهداف المئات من المواطنين خلال فعاليات مسيرات العودة والتي أدت لمقتل وإصابة الآلاف من المواطنين ، موضحاص ان أوجه الحياة في غزة معدومة وخاصة الاقتصادية منها مؤكداً ان الديون والالتزامات المالية باتت تتراكم على التجار وأصحاب المنشأة التجارية التي تعيش أسوء حالاتها منذ بداية الانقسام.
ودفعت سنوات الحصار المتتالية إلى تفاقم أزمات نقص الخدمات الأساسية لسكان قطاع غزة، وارتفاع نسبة البطالة في أوساطهم من بين الأعلى في العالم.
وبحسب المؤشرات الاقتصادية فإن 49.1% نسبة البطالة في قطاع غزة خلال الربع الأول من العام الجاري، 65% معدلات الفقر، كما شكلت 72% نسبة انعدام الأمن الغذائي لدي الأسر في قطاع غزة.
ويوضح الخبير الاقتصادي ماهر الطباع، إن رمضان يأتي للعام الثاني عشر على التوالي في ظل أسوأ أوضاع اقتصادية ومعيشية تمر بقطاع غزة منذ عقود طويلة وذلك بسبب العديد من الأزمات والتي كان آخرها أزمة الرواتب.
وأشار أن ما يزيد عن مليون نسمة في قطاع غزة ليس لديهم أي دخل يومي، وهؤلاء يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات والهبات التي تقدمها وكالة الغوث الدولية “أونروا” والعديد من الجهات الإغاثية المحلية والعربية والدولية.
وأضاف: أن خصم رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في غزة والخصم الموجود أصلا منذ سنوات على موظفي حركة حماس دفع بخلل كبير في حركة دوران السيولة النقدية ونقصها من الأسواق، وفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية كون أن شريحة الموظفين هم القوة الشرائية الأساسية.
وتطرق الطباع إلى أزمة الشيكات المرتجعة وانعكاسها على حركة الأسواق في قطاع غزة، حيث إن 26 مليون دولار حجم الشيكات الراجعة خلال الربع الأول من عام 2018.
ولفت الطباع إلى انخفاض الواردات بنسبة تتجاوز 15% خلال الربع الأول من عام 2018، حيث انخفضت عدد الشاحنات الواردة إلى قطاع بنسبة 50%، من 750 شاحنة يوميا إلى 350 شاحنة.
