القضية تجاوزت إرهاب “داعش” الدموي .. إلى “انتهاكات إنسانية” لبراءة الأطفال .. ولم تعد القضية مجرد “عمليات إرهابية” ينفذها التنظيم، ولكنها “قضية أممية إنسانية” بحسب توصيف منظمات حقوق الطفل والأسرة الدولية ، تفرض تحركا دوليا واسعا لمواجهة مخطط تنظيم داعش بتجنيد الأطفال لشن هجمات انتحارية، وفي تحرك نوعي “خطير” يستهدف تعويض النقص العددي في صفوف مقاتلي التنظيم ، بعد مقتل “عشرات الآلاف” منهم بغارات للتحالف الدولي، وقوات الجيشين السوري والعراقي.
تقارير المنظمات الدولية المعنية بحقوق الطفل ، ترى أن توظيف الأطفال في عمليات إرهابية، أشبه بالكتابة على اللوح الأبيض بالدم .. قتل البراءة والعفوية الطفولية، لتكتسب قلوب الأطفال كراهية وعنف بلون الدم ، وهي حالة غير مسبوقة في التاريخ الإنساني، بهذه النوعية والحجم ، وخلق “كتائب الموت” الطفولية ، التي تنساق إلى الجحيم دون تردد أو خوف ، بل يساروهم شعور غريب بـ “الفرح والرضا” وكأنهم يمارسون لعبة طفولية !
تجنيد “العصافير” في ساحات الموت
وفقا لتقارير استخبارية غربية ، من داخل سوريا والعراق، فإن توجه تنظيم داعش الإرهابي ، لتجنيد الأطفال، بدأ منذ شهور ، وبالتحديد في شتاء العام 2015 معتمدا على أبناء عناصر التنظيم، الذين وفدوا مع أسرهم للحاق بالـ “الجهاد” في سوريا والعراق، “نتيجة لاستثمار الجهاديين في الاطفال”..إلى جانب الأطفال الذين ولدوا في مخيمات وقواعد التنظيم في المناطق الخاضعة لسيطرته، وغالبية هؤلاء الأطفال من جنسيات غير عربية ” النسبة الأكبر من القوقاز، وشرق أوروبا وآسيا” ثم تمت الإستعانة بأ طفال عراقيين وسوريين، من القرى والمناطق الواقعة تحت سيطرة “دولة الخلافة” ولا يستطيع أحد الإعتراض على تجنيد أطفالهم .. وهناك عدد آخر من الأطفال تم اختطافهم من المناطق المجاورة.
التدريب والتلقين
الألاف من الاطفال يعيشون بلا مدارس في مناطق الدولة الاسلامية. وهذا ما يجعلهم لقمة سائغة للتجنيد الجهادي وتنفيذ عميات تفجير انتحارية.. وفضلا عن المدارس والمساجد، يقيم تنظيم داعش مراكز تدريب للأطفال و”عقولهم مثل لوح أبيض يمكنك أن تكتب عليه ما تشاء”، ويتم تلقينهم مفاهيم دينية ، مع التربية المتشددة والتدريب المكثف على القتال، وتدريبهم على التجسس، وتأهليهم ليكونوا جنودا في معركة، أو رجال دين لنشر الأفكار، أو جلادين وانتحاريين، وينظر إليهم باعتبارهم ضمانة لمستقبل التنظيم.. ووفقا لآخر التقديرات، يصل عدد “أشبال الخلافة” إلى أكثر من عشرة ألاف طفل !
ونشر مركز أبحاث “ريسيرتشرز فور كويليام” لمكافحة التطرف في لندن، تحقيقا عن أطفال داعش ، يشير إلى أن التنظيم يضع الكثير من الجهد، في سبيل تلقين الأطفال منهجا تعليميا قائما على العنف والكراهية، وتعزيز فكرة أن يكونوا إرهابيين في المستقبل، ويرى الجيل الحالي من المقاتلين أن هؤلاء الأطفال أكثر عنفا وفتكا من أنفسهم، ويهدف التنظيم إلى تجهيز جيل جديد أقوى من المقاتلين، نشأوا وتطبعوا على العنف من خلال مشاهدة عمليات الإعدام العلنية، ومشاهدة أشرطة فيديو في مراكز الإعلام، وإعطائهم أسلحة للعب فيها”.
أطفال .. قنابل بشرية
في الشهور الثلاثة الأخيرة، تكشفت أولى عمليات “القنابل البشرية من الأطفال” بتنفيذ عمليات تفجيرية “انتحارية” ، بعد أن نجح التنظيم الإرهابي، في تجنيد آلاف الغلمان الصغار الذين لم تتجاوز أعمارهم الخامسة عشرة، تم حشو عقولهم الصغيرة بأفكار مضللة، تعلمهم قسوة القتل والتدمير والتفجير باسم الإسلام، وتم تدريبهم على القتل والتفجير والتخريب في نظام عسكري صارم، كي يتم تحويلهم إلى قنابل بشرية، تفجر نفسها وسط تجمعات العزاء والافراح، أو داخل أى حشد أو زحام بهدف إحداث أكبر قدر من الخسائر البشرية .. وهو ما حدث في العراق وتركيا !
مشاهد من “أطفال يزرعون الموت “
تعددت مؤخرا عمليات تنظيم داعش الإرهابي، بواسطة أطفال تم إغتيال براءتهم، حيث اعتقلت الشرطة العراقية فتى في عمر الخامسة عشرة قبيل محاولة تفجير نفسه في وسط كركوك (شمال). لكن فتى انتحاريا اخر قتل ستة أشخاص خارج مسجد يؤمه الشيعة في المدينة.. وتفجير انتحاري في مدينة “غازي عنتاب” في تركيا، ونفذه صبي أيضا وأسفر عن مقتل 51 شخصا واصابة العشرات.. وبثت محطات تلفزيون عراقية وعالمية مقطع فيديو لطفل كردي وهو يرفع يديه إلى الأعلى فيما يقوم فريق المتفجرات برفع الحزام الناسف الملفوف على بطنه.. وأظهر شريط مصور جديد صدر عن المكتب الإعلامي التابع لداعش بمحافظة الرقة السورية، خمسة أطفال بزي عسكري كامل يقومون بإطلاق النار على رؤوس خمسة أشخاص قال التنظيم بأنهم من الأكراد.
40 % من منفذي التفجيرات كانوا أطفالا
وربطت تقارير استخبارية، بين الخسائر البشرية في تنظيم داعش، مع المواجهات العسكرية في سوريا والعراق ( تقول الولايات المتحدة انها قتلت 45 الف من عناصر الدولة الاسلامية خلال الغارات المتواصلة منذ سنتين) ، وبين زيادة استخدام الاطفال لسد هذه الفجوة، وقد ارتفعت بالفعل نسبة العمليات الانتحارية التي يشارك بها الأطفال والشباب في شهر يناير/ كانون الثاني 2016 إلى “3 أضعاف” النسبة التي كانت عليها في نفس الشهر من عام 2015. كما أن ما يقرب من 40 % من أصحاب المفخخات “السيارات والشاحنات المجهزة بالمتفجرات”، كانوا أطفالاً، دفعهم التنظيم المتطرف إلى تفجير أنفسهم داخل المواقع العسكرية والأهداف الأمنية الأخرى.
أريد ان اصبح انتحاريا !!
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة “الإندبندنت” البريطانية في وقتٍ سابق، عن شهود عيان من داحل مناطق نفوذ “الدولة الإسلامية”،هناك 3 أقسام للجيش الداعشي: جيش الدولة، وجيش الخلافة، وجيش العدنان. هذه الجيوش الـ 3 تضم معسكرات لـ “أشبال الخلافة” يجري فيها إعداد نفسي وعقائدي مدروس يقوم على مبدأ التكرار وزرع الفكرة في عقل الطفل، فعندما يرى كل طفل ما يجري في مسارح العمليات، سيبدأ بالقول والتفكير بصوت عالٍ “أريد أن أفعل ما يفعلونه”، لذلك يذهب إلى مدرسيه، ويقول: “أريد أن أصبح انتحاريا”.
واليوم، يخشى العالم أن ينتشر “أشبال الخلافة” في العالم، متحولين إلى “قنابل موقوتة” قد تنفجر في أي وقت في هذا البلد أو ذاك.