للمرة الأولى منذ 5 سنوات، قصفت طائرات للنظام السوري مواقع لقوات سوريا الديمقراطية في الحسكة شمالي البلاد، مساء أمس، وهي المنطقة ذات الوجود الأكبر لطائرات التحالف الدولي التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية.
الحكومة السورية تقصف «الحسكة» شمال البلاد.. و«الحماية الكردية» تتوعد
على الجانب الآخر، توعدت وحدات حماية الشعب الكردية السورية في بيان لها بالرد على تلك الغارات مؤكدة أنها «لن تصمت» على الهجمات السورية، واصفة الضربات الجوية في الحسكة بأنها «اعتداء سافر»، فيما لم يصدر أي تعقيب من الحكومة السورية.
وتأتي الضربات التي وقعت للمرة الأولى بعد أسبوع واحد من تفاهمات ثلاثية، بين كل من روسيا وتركيا وإيران، بدأت بلقاء بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان بعد شهور من التوتر الذي شاب علاقات البلدين عقب إسقاط المقاتلة الروسية على الحدود السورية، وهو اللقاء الذي أكد على التعاون لحل الأزمة السورية ومحاربة تنظيم داعش الإرهابي.
اللقاء الثاني، كان خلال زيارة أجراها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى تركيا بناء على دعوة من الأخيرة، حيث التقى نظيره التركي كما التقى أردوغان أيضا.
التفاهمات الثلاثية ألقت الضوء على مقايضة بين الدول الثلاث، مفادها أن «الأكراد مقابل سوريا» وفق ما نقلت وكالة تسنيم الإيرانية عن دبلوماسيين، بحيث تتعهد موسكو بعدم تقديم أي دعم للأكراد لإقامة مناطق حكم ذاتي، أو كيان مستقل على طول الحدود الشمالية السورية والعراقية، أو انفصال الإقليم الكردي جنوب شرق تركيا، ورفع جميع القيود والعقوبات الاقتصادية، حيث يتم التعامل مع الأكراد كـ «كبش فداء» لحل الأزمة السورية بما يرضي كافة الأطراف.
وفي تعقيبه لاستهداف الأكراد للمرة الأولى، قال ناصر حاج منصور، من قوات سوريا الديمقراطية، أن «تلك الهجمات جاءت بعد تحرك مخطط ومنظم للنظام الذي لا يمكنه هضم انتصارات قوات سوريا الديمقراطية» مشيرا إلى أنه أيضا «نوع من تحقيق الانسجام مع تركيا بضرب طموح الأكراد عبر إثارة نعرات طائفية من خلال قوات الدفاع الوطني خاصة أن النظام يدرك عدم قدرته على تغيير خارطة السيطرة بسهولة»، مؤكدا أن «تحرك النظام له أبعاد إقليمية وداخلية أيضا».
وتسيطر وحدات حماية الشعب الكردية على مساحات واسعة من شمال شرق سوريا حيث شكلت جماعات كردية حكومة ذاتية منذ بداية الصراع السوري في 2011 مستغلة انهيار سلطة الحكومة المركزية على البلاد. وما زال للحكومة السورية وجود في مدينتي القامشلي والحسكة.
وقال منصور لـ «الغد» أن الضربات جاءت بعد تفاهم «تركي سوري» حيث أن «التقارب التركي الإيراني، والتركي الروسي حول سوريا، لا يمكن أن يجري بمعزل عن النظام السوري خاصة وأن تركيا بدأت تغير من خارطة أولوياتها بالتنازل عن شرط سقوط الأسد»، لافتا إلى أن ما يعكس التفاهم السوري التركي، هو خطاب أردوغان «العدائي» الذي هدد فيه محاربة الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني، والذي تصنفه تركيا إرهابيا، حيث هدد بمحاربته في شمال سوريا إذا اقتضت الضرورة.
من جانبه ندد عضو الائتلاف السوري المعارض، بسام الملك، بغارات النظام السوري التي شنها على الأكراد، مؤكدا أنهم يقفون ضد أي اعتداء على كافة أطياف الشعب السوري.
وقال الملك لـ «الغد» أن الغارات استهدفت الأكراد من حزب العمال الكردستاني الذي كان ينسيق في المواقف الداخلية مع النظام السوري لافتا إلى أن موقف روسيا من الأكراد غير واضح في الوقت الحالي، إلا أنها بشكل أساسي داعمة للرئيس السوري في كافة الأحوال، كما أن الموقف الأمريكي من الضربات الأولى من نوعها على مواقع الأكراد كان موقفا «باهتا» ومخذلا للشعب السوري.
