الدكتورة جوان ليو لـ«مجلس الأمن»: صنعتم حروبا وفوضى أنتم مسئولون عنها
وسط الرصاص في ميادين الحروب، وسحابات الضباب التي تخلفها الغارات الجوية في مناطق النزاع بالعالم تجدهم هناك، لا لشيء سوى لأنهم ملتزمون إنسانيا بتقديم الرعاية الصحية لضحايا لا ذنب لهم فيما يدور حولهم من خلافات على السلطة ومصالح دول تدعم هذا وتحارب ذاك، يحاولون إنقاذ ما يمكن إنقاذه وسط بحور الدم دون النظر إلى العرق أو الدين أو الانتماء السياسي، هؤلا هم منظمة أطباء بلا حدود.
السيدة تصفع الخمسة الكبار
أدانت رئيسة المنظمة الدكتورة جوان ليو، الدول الخمسة الكبار في مجلس الأمن (روسيا وأمريكا والصين وفرنسا وإنجلترا)، في خطاب لها أمس الأول، جاء فيه: «شهد العالم الأسبوع الماضي على هجوم وحشي طال القافلة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري وأحد المستشفيات بالقرب من حلب، وقال الأمين العام لمجلس الأمن بان كي مون إنه: “حين نظن أن الوضع لا يمكن أن يزداد تدهوراً نرى مزيداً من العنف، نعم هذا ما يحصل».
وتابعت الدكتورة ليو أن «الطريقة التي تُشنّ فيها الحرب اليوم لا تعرف حدوداً. هي سباق نحو الأسوأ. فالهجوم العنيف على حلب من قبل القوات الروسية والسورية في الأيام الأخيرة- وعدم إمكانية إجلاء المرضى، والأجساد التي بقيت دون أن تدفن خير شاهد على ذلك».
ليو: علمتونا معنى الطب اليائس.. ونرفض كلمة خطأ في إزهاق الأرواح
وأوضحت السيدة أنه “في الثالث من مايو/أيار مرّر مجلس الأمن بالإجماع القرار رقم 2286»، وأشارت «أنتم، أيها الدول الأعضاء، تعهدتم بحماية المدنيين والخدمات الطبية التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة، مرّرتم هذا القرار عقب تدمير مستشفى عبس في حلب من قبل الحكومة السورية وحلفائها. وكان هذا الهجوم الأخير واحداً من بين عدد صاعق من الهجمات المشابهة.
وبعد مرور 5 أشهر، من الواضح أن القرار قد فشل في تغيير أي شيء على الأرض، ويعكس هذا الفشل نقصاً في الإرادة السياسية لدى الدول الأعضاء التي تخوض الحرب من خلال التحالفات ولدى أولئك الذين يسمحون لها بذلك اجعلوا تعهداتكم فعالة».
ومنذ تمرير هذا القرار، شهدت منظمة أطباء بلا حدود وحدها مزيداً من الهجمات المروعة، وعددت الهجوم على القوافل الطبية بعدد من مناطق النزاع بينها اليمن وسوريا، وأعلنت أن المنظمة ترفض كلمة خطأ في إزهاق الأرواح، بل وإعاقة محاولة نجدتها عبر أطباء المنظمة بقولها: (نحن نرفض كلمة “خطأ”).
وأوضحت أنه في سوريا لا تتوقف الهجمات أبداً. والأطباء في حلب يفصلون أجهزة التنفس الاصطناعي عن مرضاهم، لكي يحظى شخص آخر بفرصة البقاء على قيد الحياة. لكن هذه الأجهزة معدّة للحالات الأضعف. وهذا ما يجسّد الطب اليائس إلى أبعد الحدود، ويبقى زملاؤنا السوريون تحت الحصار في الوقت الحالي. يقولون لنا إنهم سيموتون هناك مع مرضاهم، حين يأتي دورهم.
واستنكرت انعدام السيطرة على أعمال القتال هذه. وأخبرت الكبار نصا أن «هذا الواقع الفوضوي خياراً اتخذتموه وأنتم مسؤولون عنه!».
وأشارت إلى أنه في اليمن وسوريا على حد سواء، ينخرط 4 أعضاء من أصل الدول الخمس الدائمة العضوية في هذه الهجمات، وفي عهد باتت فيه مكافحة الإرهاب تحدد شكل الحرب، تم إصدار تصريح بالقتل، ندعوكم جميعاً مجدداً لإبطال هذا التصريح، أبطلوه، سواء أكان أعداؤكم يتلقون الرعاية الطبية التي تهاجمونها أم لا.
رعاية طبية بلا تمييز
منظمة أطباء بلا حدود هي منظمة طبية إنسانية دولية تقدم الرعاية الطبية إلى الشعوب المتضررة من الأزمات بغض النظر عن العرق أو الدين أو الانتماء السياسي. كل يوم، يوفر أكثر من 27،000 موظف ميداني لأطباء بلا حدود في جميع أنحاء العالم المساعدة إلى الشعوب المتضررة من العنف أو الإهمال أو الأزمات، بسبب النزاعات المسلحة أو الأوبئة أو سوء التغذية أو الحرمان من الرعاية الصحية أو الكوارث الطبيعية.
خلال عام 2008، أجرت منظمة أطباء بلا حدود ما يزيد عن 8 ملايين استشارة طبية خارجية وعالجت أكثر من 312،000 مريض في أقسامها الداخلية. وقامت فرق المنظمة برعاية 230،000 مريض مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، وبتطعيم 2.7 مليون شخص ضد الحصبة أو التهاب السحايا، فضلا عن معالجة 1.2 مليون شخص مصاب بالملاريا، و1.4 مليون طفل يعانون سوء التغذية الحاد. كما أجرت 100،000 ولادة بما في ذلك الولادات القيصرية، و 130،000 استشارة فردية معنية بالصحة العقلية والنفسية و 50،000 عملية جراحية كبرى.
يتألف طاقم منظمة أطباء بلا حدود الميداني من أطباء وممرضين وإداريين وعلماء الأوبئة وتقنيي المختبر وأخصائيي الصحة العقلية والنفسية وخبراء الخدمات اللوجستية والمياه والصرف الصحي. وتضم أغلبية فرقنا الموظفين الميدانيين المحليين في البلدان التي تقع فيها الأزمات ويشكل الطاقم الدولي نسبة عشرة بالمائة من مجموع الموظفين. ويلتزم جميع أعضاء منظمة أطباء بلا حدود باحترام المبادئ المنصوص عليها في ميثاق منظمة أطباء بلا حدود.
المنظمة لديها مكاتب في 19 بلدا تدعم المشاريع القائمة في نحو 65 بلدا. كما تضم المنظمة خمسة “مراكز لإدارة عمليات الإغاثة” تتحكم بشكل مباشر بالمشاريع الميدانية، وتقرر متى وأين وما هي المساعدات اللازمة ومتى ينهي برنامجها، وتوظف المكاتب الأخرى المتطوعين وتجمع التبرعات وتساند الشعوب المعرضة للخطر فضلا عن جمع التبرعات من القطاع الخاص للحفاظ على الاستقلالية المالية التي تتمتع بها المنظمة، 90% من التبرعات تأتي من مصادر خاصة وليس من الحكومات. ويضمن هيكل التبرعات هذا استقلالية فرق أطباء بلا حدود في تحديد عملياتها الأولوية وتدخلاتها التي تقوم وفقا للاحتياجات فقط، وليس وفقا لأي جدول أعمال سياسي أو اقتصادي أو ديني أو اجتماعي.
وسخرت من بعض المعلومات غير المؤكدة التي تزعم أن (أحد المستشفيات هو “مركز قيادة أو مركز تحكم”، ليكون هذا تبريراً كافياً لهجوم ما)، لكن لإيقاف هذا الأمر، لا بد أن يكون هناك مساءلة مبنية على تحقيقات موثوقة، أشارت بعدها إلى “مرور عام واحد تقريباً على تدمير قوات الولايات المتحدة الأمريكية لمستشفى منظمة أطباء بلا حدود في قندوز في أفغانستان، لا زلنا ننتظر إجراء تحقيق مستقل في مقتل 42 مريضاً وموظفاً ومقدم رعاية فيما كانوا بكل بساطة يتلقون أو يقدمون الرعاية الطبية.
وطالبت مجلس الأمن بشكل طارئ بأن يعيّن الأمين العام ممثلاً خاصاً مسؤولاً عن توثيق الهجمات على المرافق الطبية والموظفين الطبيين والمرضى والإبلاغ عنها، وقالت : “لا بدّ أن نضع حداً للحصانة. ويتحقق ذلك فقط عبر الضغط السياسي والمساءلة.. باختصار، اجعلوا قراراتكم فعالة: أوقفوا قصف المستشفيات.. أوقفوا قصف العاملين الصحيين.. أوقفوا قصف المرضى”.
وأشارت إلى أنها توجه رسالتها لمجلس الأمن بعد “مرور عام واحد تقريباً على تدمير قوات الولايات المتحدة الأمريكية لمستشفى منظمة أطباء بلا حدود في قندوز في أفغانستان، لا زلنا ننتظر إجراء تحقيق مستقل في مقتل 42 مريضاً وموظفاً ومقدم رعاية فيما كانوا بكل بساطة يتلقون أو يقدمون الرعاية الطبية.