أعمدة نيران حول روسيا.. صراع النفوذ الدولي ليس بعيدا عن «كازاخستان»

على هامش تطورات الأحداث العالمية المتلاحقة، في ظل مناخ من صراع النفوذ والهيمنة العالمية من قبل القوى العظمى، هناك تطورات متسارعة على أساس جيوسياسي، لتشتعل أعمدة النيران حول روسيا.. وبشكل عام، فإن سياسة واشنطن في جرّ روسيا إلى صراعات على حدودها قديمة ومعروفة، ودور الولايات المتحدة الأمريكية في انقلاب وأوكرانيا وبيلاروس واضح، ودور تركيا، عضو «الناتو»، في حرب ناجورنو كاراباخ هو الآخر واضح، بحسب المحلل السياسي الروسي البارز، ألكسندر نازاروف.

من المستفيد من زعزعة استقرار كازاخستان؟

يرى المحلل الروسي أن أول ما يلفت انتباه المرء في أعمال الشغب الأخيرة في كازاخستان، هو وقوعها عشية المحادثات الروسية الأمريكية، المقرر إجراؤها في 10 يناير/ كانون الثاني الجاري، بشأن الإنذار الروسي، الذي أطلقته موسكو في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي.

  • كذلك، فمن الواضح أنه لا يوجد بلد أكثر اهتماماً بزعزعة استقرار كازاخستان أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية، وتركيا هي المستفيد التالي المحتمل.

7500 كيلومتر .. طول الحدود الروسية الكازاخستانية

ويشكّل مواطنو كازاخستان من أصول روسية زهاء 3.5 مليون نسمة، أو أكثر من 18% من سكان البلاد البالغ عددهم 19.2 مليون نسمة. ويعد شمال البلاد واقعياً جزءاً من جنوب سيبيريا الروسية، والتي منحها ستالين لتصبح جزءاً من حدود كازاخستان. ويمكن وصف النظام الحاكم في كازاخستان بأنه قومي معتدل. يتعرّض الروس لبعض الضغط والتمييز، ولكن ليس أكثر من ذلك.

ومع هذا، ففي حالة الفوضى، سيصبح السكان الروس في كازاخستان، بلا شك، الضحية الأولى للمسلّحين الكازاخستانيين، ومن بينهم عدد من القوميين المتطرفين. إضافة إلى ذلك، يتجاوز طول الحدود الروسية الكازاخستانية 7500 كيلومتر، وفي حالة اندلاع فوضى وكارثة إنسانية في كازاخستان، سيتدفق ملايين اللاجئين إلى روسيا، ناهيك عن إمكانية إنشاء دولة إسلامية أخرى في كازاخستان نتيجة للفوضى.

  • وإذا اندلعت الفوضى أو الحرب الأهلية في كازاخستان، فستضطر روسيا إلى إرسال قوات هناك، وإنفاق جزء كبير من مواردها، ما سيضعف قدرتها على مقاومة الولايات المتحدة الأمريكية في اتجاهات أخرى.

واشنطن تستهدف  الصين وروسيا

ويقول «نازاروف»: بالإضافة إلى ذلك، يمرّ أقصر طريق برّي من الصين إلى أوروبا عبر كازاخستان، والتي تكتسب أهمية استراتيجية في حالة الحصار البحري على الصين من قبل الولايات المتحدة. أي أنه بإمكان واشنطن أن تضرب عصفورين بحجر واحد: إغلاق هذا الطريق، إضافة إلى دق إسفين بين موسكو وبكين، حيث سيؤدي إدخال القوات الروسية إلى كازاخستان إلى تغيير ميزان القوى بين روسيا والصين في آسيا الوسطى، ويثير غيرة بكين.

أهداف ومطامع تركية

أما تركيا، فقد كثّفت مؤخراً محاولاتها لإنشاء إمبراطورية توركية Turkic، وأي زعزعة للاستقرار في كازاخستان تمنحها الفرصة الخاصة لبدء لعبتها الخاصة من خلال إحدى القوى السياسية المحلية. دعونا لا ننسى أن كازاخستان غنية بموارد الطاقة التي تحتاجها تركيا كثيراً.

  • مع كل ذلك، لم يُعلن عن أي دليل قاطع على تورط واشنطن أو تركيا في الأحداث التي وقعت مؤخراً في كازاخستان، على الرغم من إعلان الرئيس الكازاخستاني، قاسم جومارت توكاييف، عن اعتداء خارجي.

من ناحية، وحتى الآن، لا يمكننا الحديث عن محاولة ثورة، فلم تكن الأحداث سوى أعمال شغب على وجه التحديد، ولم يكن لدى مثيري الشغب برنامج سياسي، وليس لديهم قادة مشتركون. وجزء كبير من هؤلاء المشاغبين كانوا ببساطة فقراء، غير متحضرين بقدر ما، من القاعدة الاجتماعية الريفية، ممن كانوا سعداء بفرصة سرقة «سكان المدن الأغنياء».

 

طبيعة السلطة المزدوجة في كازاخستان

من المحتمل أن يكون تفسير الشلل الذي أصاب سلطات إنفاذ القانون يعود إلى طبيعة السلطة المزدوجة، وصيغة هذه السلطة ذاتها، حيث ترك الرئيس السابق للبلاد، نور سلطان نزراباييف، المنصب الرسمي للرئاسة، إلا أنه ومع ذلك ظل في السلطة. وكان له تأثير سرّي على مؤسسات إنفاذ القانون أكبر بكثير من تأثير الرئيس الرسمي توكاييف.

وبعد الأيام الأولى من الارتباك والتقاعس من جانب مؤسسات إنفاذ القانون، أقال الرئيس توكاييف الرئيس السابق و”عميد الأمة”، نور سلطان نزارباييف، والذي أطلق اسمه على عاصمة البلاد، من منصبه كسكرتير مجلس الأمن، والذي كان من المفترض أن يحتفظ به نزارباييف مدى الحياة، وتولى الرئيس توكاييف هذا المنصب بنفسه. بالإضافة إلى ذلك، أقال توكاييف الحكومة، واستبدل برجاله منصب رئيس لجنة الأمن القومي، الذي عيّن فيه كريم ماسيموف، ونائبه الأول، سامات أبيش، وهو ابن شقيق الرئيس السابق نزارباييف.

فشل مخطط  أمريكا.. وتجنبت روسيا «بقعة ساخنة» على حدودها

ويضيف المحلل السياسي الروسي: يمكننا القول إن هذه الجولة من الأزمة قد انتهت. لم تنجح الولايات المتحدة الأمريكية في الحصول على هدية قبيل مفاوضاتها مع روسيا، وتجنبت روسيا ظهور بقعة ساخنة أخرى على حدودها، وأظهرت للغرب استعدادها للتعامل معها..والفائز الرئيسي، بلا شك، هو الرئيس قاسم جومارت توكاييف.

أزمة دول «ما بعد الاتحاد السوفيتي»

إلا أنه تبقى نتيجة واحدة بعيدة المدى: إن الأزمات التي نلاحظها فيما يسمى ببلدان ما بعد الاتحاد السوفيتي يتم تنظيمها من قبل واشنطن وبروكسل جزئياً فقط. بمعنى أنه من الممكن استنتاج أن دول ما بعد الاتحاد السوفيتي، المصطنعة إلى حد كبير، والتي ظهرت بالصدفة على خريطة العالم، تعاني من أزمة الدولة.

  • ومع استنفاد الإرث الاقتصادي السوفيتي، وبسبب القومية المتطرفة والقبلية والمواجهة في الكثير من الأحيان مع روسيا، وصلت هذه البلدان إلى الإفلاس الاقتصادي والصراعات العرقية، تلاها انفجار اجتماعي واضطراب سياسي.

وكانت العشائر الكازاخية تفعل ذلك على مدى التاريخ، وتقاتل بعضها بعضاً بشراسة أكبر من قتالها مع أي عدو خارجي. وبدون الحكم الروسي، فإن جميع دول ما بعد الاتحاد السوفيتي، مع استنفاد الموارد، تعود إلى ما كانت عليه عبر تاريخها الممتد لقرون، قفازاً لسياسات خارجية. ربما، في سياق الأزمة الاقتصادية العالمية الوشيكة، ستشهد معظم الجمهوريات المنشقة عن الاتحاد السوفيتي أو كلها انهياراً اقتصادياً واجتماعياً، وستغرق في الفوضى، وستفقد نسق الدولة المستقلة، دون مؤثرات خارجية.

للتاريخ طبيعة دورية

وخلص ألكسندر نازاروف  إلى القول: إنني أميل أكثر إلى اعتقاد أنه على أراضي الإمبراطورية الروسية السابقة، والاتحاد السوفيتي، خلال عقد أو عقدين من الزمان، لن تكون هناك سوى دولة كبيرة واحدة أو نوع من الاتحاد، سيكون جوهره، بطبيعة الحال، روسيا. للتاريخ طبيعة دورية.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]