أكرم عطاالله يكتب : فرصة حماس الوحيدة بعد الوثيقة..!

فرصة حماس الوحيدة بعد الوثيقة..!

 

أخيراً خرجت وثيقة حماس التي أطلقت عليها وثيقة المباديء والسياسات العامة،  وهي عبارة عن وثيقة سياسية كالتي يتم تبنيها لدى الأحزاب السياسية أثناء مؤتمراتها الدورية،  لم تسميها وثيقة سياسية بل استبقتها بكلمة المباديء لأن هذه الوثيقة تشكل تغير كبير في فهم حركة حماس لضرورات الواقع،  هي عملية انتقال كبيرة من  النصوص المقدسة المحشوة في ميثاقها القديم الذي تمت صياغته قبل حوالي ثلاث عقود نحو مرونة تبدت في معظم بنود الوثيقة أي أن حماس انتقلت من الأيدولوجيا نحو السياسة وفي هذا ما يستدعي التأكيد على كلمة المبادئ كأن هذا الانتقال لا يعني التخلي عنها لأن بين السياسة والمبادئ مسافة كبيرة أحيانا ،فالمبادئ ثابتة لا تتغير أما السياسة متغيرة .

بقلم ـ أكرم عطاالله

عشر سنوات من الحكم هذه كانت كلمة السر في هذا “التطور” الذي كرره رئيس المكتب السياسي وهو يتلو جديد حركته في الدوحة التي حجبت وسائل الاعلام عن تغطية مؤتمره الصحفي باستثناء ثلاث كانت أمامه وظهر بأن قطروأجهزتها لم تتمكن من الزام فندق باستضافة المؤتمر..! ليحدث هذا الارتباك وتأخير الموعد،  عشر سنوات من المحاولات لاكتساب شرعية سياسية لم تدخر الحركة وحلفاؤها أي جهد في طرق كل أبواب العواصم التي بدت موصدة سواء العربية منها أو الدولية وهنا يمكن القول أن لولا تجربة الحركة في الحكم ومحاولتها ممارسة السياسة لما حدث هذا التطور تلك التجربة التي كان ولابد أن تفعل فعلها وأن تحدث ما يكفي من التغيير لقوة بات واضحاً أنها ترغب باستمرار الحكم وانجاحه.

كلمة السر تلك “الحكم” هي الساحة التي دار عليها الصراع بين الفلسطينين ولكن الأمر أبعد من ذلك فالحكم ليس أكثر من الاقتراب من النار والادراك أن  أمور السياسة أصعب كثيراً من شعارات الايدلوجيا وأن الغوص في تفاصيل البشر ومسئولياتهم أعقد كثيراً من أن تكون في المعارضة وأن  الضغوطات السياسية عندما تتواجه الأعين أصعب كثيراً من المعارك العسكرية.

اِن تجليات مآلات الصراع بين الفلسطينين كانت بحاجة الى هذه المساحة من الزمن الطويل لاستخلاص تجربة الواقعية السياسية واِن  كانت التكلفة من لحم ودم ودموع كما قال  رئيس وزراء بريطانيا تشرشل وهو يقود الحرب العالمية الثانية مخاطباً الشعب البريطاني حينها لأن موازين القوي التي أدركها ياسر عرفات مبكراً وكانت حركة حماس تمثل الرد الفلسطيني الرافض لمدرسة الواقعية السياسية ها هي تحط رحالها الى حيث ذهب عندما تبدت له صعوبة المسألة  بعد حوالي عشر سنوات من تشكيل منظمة التحرير والعمل السياسي كان ذلك عام 74 والبرنامج المرحلي والمفارقة أن المسألة أخذت مع حركة حماس عشر سنوات تماماً.

لقد دار الصراع منذ ثلاثة عقود بين  تيارين سياسيين في الساحة الفلسطينية الأول مثلته الوطنية الفلسطينية وحركة فتح بالذهاب نحو مبادرات تخاطب العالم لقبولها كطرف شرعي في النظام الدولي في محاولة لحل المسألة الفلسطينية على نمط المسألة اليهودية بخطاب أكثر مرونة وأكثر تطوراً في فهم السياسة الدولية ومتطلباتها والتي أدت الى تشكيل السلطة الوطنية واستحقاقات الحكم الثقيلة.

لعشر سنوات ظلت حماس بعيدة عن الحكم وبعيدة عن حاجتها لاجراء أي تغيير على برنامجها بل وراهنت على اعادة حركة فتح لبرنامج العمل المسلح والتحرير الكامل وقد توفرت تلك الفرصة في الانتفاضة الثانية التي قادها الزعيم عرفات وهي لحظة اختلط فيها المشروعان الأول مشروع  الواقعية السياسة والحكم  والآخر مشروع العمل المسلح وكان الصراع من يسحب الاّخر باتجاهه أو بعبارة أخرى هل ستسحب حركة حماس نظيرتها الفلسطينية لبرنامجها أم ستسحب حركة فتح نظيرتها الاسلامية لبرنامجها عندما حدث هذا الخلط.

النتيجة التي أمامنا والتي  ظهرت في اعلان الدوحة أول أمس هو أن حركة حماس تم استدراجها نحو برنامج الآخر نحو الحكم والذي تمخض عن اتفاقيات أوسلو ليكتمل المشهد باقترابها أكثر نحوبرنامج المنظمة الذي تم الاعلان عنه قبل أكثر من أربعة عقود عندما عرضت المنظمة بمبادرة منها اقامة دولة فلسطينية على أراضي 67 دون الاعتراف باسرائيل ثم استكمال تحرير فلسطين التاريخية وقد بدت النصوص متشابهة فقط تفصلها تلك العقود الأربعة ونيف .

هذا التغيير لدى حركة حماس وانتقالها الى مربع السياسة يضيق هوة الخلاف السياسي بين الجانبين ويفترض أن يمهد لدمج حركة حماس في منظمة التحرير الفلسطينية وخصوصاً أنها أعادت حسم  مسألة الوطنية الفلسطينية في تعريفها كحركة لم يعد يربطها أي رابط بالأخوان المسلمين وهو التنظيم المصنف ارهابياً في بعض دول الاقليم وهو ما تلقفته دائرة الافتاء المصرية  كمثال  على تنصل أجنحتها الاِقليمية منها .

صحيح أن البرنامج السياسي لحركة حماس لم يتقدم نحو متطلبات السياسة كما البرنامج المرحل في حينه وصحيح أن  الحركة السياسة في الاقليم أسرع كثيراً من تثاقل خطى السياسة لدى حماس لذا من الخطأ أن تفهم حركة حماس أن هذا البرنامج يمكن أن يجعلها قادرة على تمثيل الفلسطينين وهذا ما يبدو للوهلة الأولى من عرض السيد مشعل للوثيقة الذي بدا كأن حماس شيء آخر مختلف عن النظام السياسي وفي لحظة ما يمكن أن  يكون بديلاً له أو رأس آخر، البرنامج لا يوصل حركة حماس الى أية محطة لكنه يفتح أمامها فرصة الدخول للنظام  السياسي الفلسطيني وتخطيء اذا كانت تعتقد بأبعد من  ذلك

والأهم من ذلك أن هذه المرونة التي تبديها حماس في مخاطبة العالم لن تساوي شيئا اِذا ما استمر الوضع الحالي بقطاع غزة وبتلك التجربة البائسة واستمرت في التضييق على الناس  …هذه الوثيقة يجب أن يتبعها اجراءات أكثر مرونة في الوضع الداخلي وهنا الاستثمار الحقيقي لها للدخول في النظام السياسي لأن الخارج موصد بكل الظروف فمتطلباته أبعد كثيرا من تلك الصياغات الواسعة التي وردت ، فرصتها الوحيدة في الداخل هل تعرف ذلك ..؟

 

 

Atallah.akram@hotmail.com

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]