أكرم عطاالله يكتب: مأزق الراهن العربي…!!

هل سيفلت العالم العربي من عنق الزجاجة؟  ست سنوات من الفوضى التي اجتاحت أهم العواصم وحولت بعضها إلى ركام لم تنتج ما راهن عليه بعض المثقفون العرب من نقاش صادم بين ما هو قائم ارتباطاً بارث طويل من العنف الكامن في الثقافة وبين ما يجب أن يكون كما حدث في أوروبا إبان الحروب الدينية والتي انتهت بلا شك بخروج  القارة الباردة من تلاطم الأمواج والرسو على شواطيء المدنية والديمقراطية.

بقلم ـ أكرم عطاالله

لم يكن ذلك ممكناً وإلا وقعنا في عملية النقل لا العقل وهي العملية التي وقع العالم العربي أسيراً لها ولازال دون قراءة فرادة التجارب الإنسانية فكل تجربة لها مادتها الخام ودرجة حرارتها ومقدماتها ومناخها وزمانها صحيح أن التاريخ هو المعمل الهائل للتجارب الإنسانية ولكن لكل واحدة ظروفها لذا كان الحديث عن أن الحرب التي أخذت طابعاً مذهبياَ كانت قواه الدينية أحد فواعله الأساسية بما قدمته من تجربة تصارع فيها أبناء الدين الواحد والمذهب الواحد كما حدث في سوريا ستحدث بلا شك إعادة قراءة للتاريخ لكن ذلك كان استنتاجاً مبكراً.

في أوروبا سيطرت الكنيسة وثقافتها هذا صحيح وأساءت استغلال الدين هذا صحيح تماماً ولكن ذلك لم يكن سبباً رئيسياً للنقاش الفكري هناك بقدر ما أن المناخ ربما لعب الدور الأساسي في بداية التحول في أوروبا التي مرت بشروط ومراحل تاريخية حتى وصلت إلى ما وصلت إليه من تطور معرفي ومادي فقسوة الطبيعة والمناخ كان دافعاً رئيسياً للتغلب على الواقع الصعب فكانت الاختراعات والثورة الصناعية والتي أحدثت كل هذا الانقلاب ليس فقط في أوروبا بل وفي رغبتها بالخروج خارج عواصمها لتحتل دولاً أخرى وكان لتلك الثورة الدور الأبرز في احداث التغيير الهائل في علاقات البشر البينية.

وكان لابد لتلك الثورة أن تعيد هندسة المجتمعات بأشكال أكثر حداثية لأن الصناعة تعني انتقال المجتمعات من المرحلة الزراعية والعلاقات القروية الى المرحلة المدنية ولأن المدينة تعني التعدد والتجمعات النقابية والأحزاب السياسية دفاعاً عن تعقيدات اقتصادية واجتماعية أنتجتها الصناعة هنا كانت تلك المجتمعات تقف وتبدأ بإنشاء مفاهيمها السياسية بعيداً عن مفاهيم الكنسية وهنا حدث الاصطدام بين بنية المجتمع القديمة وبنيته الجديدة وكانت النتيجة الطبيعية لهذا الصدام وهو ما عرف بالثورة العلمانية انتصار المجتمع المدني على المجتمع الكنسي.

لكن الثورات التي حدثت في أوروبا أنتجت الدولة الوطنية والديكتاتوريات مثل بسمارك، ونابليون ومن ثم هتلر وموسوليني وتلك كانت مدعاة لحروب تطحن تلك القارة التي دارت عليها أبرز معارك التاريخ وأشدها ضراوة لنكتشف أن احترام الإنسان والديمقراطية هما السبيل الوحيد للخلاص هنا أعادت أوروبا صياغة منظومة القيم ومؤسساتها بما يتوافق مع كل هذا الإرث الدموي والتاريخي لأربعة عقود من التطور.

صحيح أن الزمن الآن ليس هو الزمن سابقاً وصحيح أن ما كان يحتاج الى قرن من الزمن يتحقق خلال أقل من عقد لكن العالم العربي لم يلتقط كلمة السر في كل هذا التطور التدريجي ولم يمر بتلك المراحل المترابطة بلا انقطاع لأي منها فالديمقراطية هي ابنة الحداثة والحداثة هي ابنة المدينة والمدينة هي ابنة الصناعة كل هذا مفقود لدى العرب حيث المدن العربية هي عبارة عن بلدات تضخمت وأن الصناعة العربية في أدنى مراحلها اذا ما قورنت بأبسط دول أوروبا “أسبانيا مثلاً” التي يزيد انتاجها الصناعي على الانتاج العربي كله ولازالت الصناعات العربية هي صناعات بسيطة يغلب عليها الطابع الاستهلاكي كصناعات الأغذية مثلاً.

إذن ليس لدينا مدينة بالمفهوم التاريخي لنتحدث عن سياسة وديمقراطية وفقاً للأصول النظرية التي تمت صياغتها وفقاً للتجربة الانسانية كما وردتنا في الكتب التي تشكل اليوتوبيا لشعوب تقبع من المحيط الى الخليج في دائرة الاستبداد وفقاً للاحصاءات وقياسات الحريات التي تصدرها المؤسسات المتخصصة سواء حرية الصحافة أو حرية الرأي أو حرية السياسة ودور المعارضة.

قد يفسر ذلك تثاقل الخطى الديمقراطية في العالم العربي ولكن هل يعني ذلك فقدان الأمل؟  بالتأكيد لا،  صحيح أن السياسة العربية مدعاة للسخرية ولكن تجربة الاهتزاز الذي حدث في السنوات الست الماضية تستدعي بعض التأمل للاعتراف أن لا بديل سوى الاعتراف بالآخر،  المكون الوطني بعيداً عن النزعات المذهبية والعرقية الكامنة وخاصة أن الدولة الوطنية تجاوزتها في مرحلة النهوض القومي في ستينات القرن الماضي،  كيف تمت الردة اليها؟  صحيح أن دول عشائرية امتلكت الامكانيات وعززت ثقافة العشيرة وأنتجت كل تلك العثرات ولكن الدولة الوطنية هي ممر هام نحو الدولة الحديثة لا دولة التصنيف الذي سقط فيه العرب في السنوات الماضية هناك أمل ينتظر يقظة مثقفي الحداثة مستندين لكل هذا الظلام الذي أحدثته تثقافة النتقل والعصور الوسطى .

Atallah.akram@hotmail.com

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]