أكرم عطالله يكتب: لماذا بقي العرب دون غيرهم؟

“لا يجب أن يموت أحد من أجلي أو ينقسم الحزب بسببي لذا فإنني قررت الاستقالة من منصب رئيس الجمهورية بأثر فوري” لم يكن هذا بيان استقالة لرئيس جمهورية من واحدة من الديمقراطيات العريقة في العالم أو في دولة أوروبية.. هذا جاء في كلمة الرئيس الجنوبي أفريقي جاكوب زوما بعد أن دعته اللجنة التنفيذية لحزب المؤتمر الافريقي للاستقالة أو الخضوع لتصويت حجب الثقة في البرلمان.

وأيضاً الأسبوع الماضي كان المتحدث باسم الحكومة الأثيوبية يعلن استقالة رئيس الوزراء والحزب الحاكم قائلاً “أثيوبيا دولة ديمقراطية ومن أسرع الدول نمواً اقتصادياً ولا نريد لأي كان أن يتم اجهاض هذه المكاسب لذلك قدم رئيس الوزراء استقالته وتحمل المسئولية”.

هذه نماذج من أفريقيا السمراء التي كنا نحن العرب نتهمها بالتخلف والتبعية والفشل السياسي والحروب الأهلية والصراعات الدامية على السلطة وذات مرة قرر الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر في الستينات تشكيل لجنة مهمتها تنمية القارة والآخذ بيدها وتعليمها العمل السياسي وأصول الحكم لمساعدتها في الخروج من حالة التخلف.

لم يقدم أي رئيس دولة عربي استقالته ولم يرغم أي برلمان عربي أي رئيس على المغادرة، بل كانت البرلمانات العربية على امتداد عقود تبدو أشبه بالحديقة الخلفية للرئيس أو شكل من أشكال الديكور للنظم السياسية التي حاولت أن تبدو شكلاً أنها تشبه النظم الديمقراطية، ولكن المضمون والممارسة لم يخرجان عن الإرث القبلي الإقصائي، هناك مؤسسة في جنوب أفريقيا تستطيع إرغام رئيس على الاعتزال، وهناك حزب في أثيوبيا تستطيع قيادته الزام الرجل الأول في الحزب والدولة على المغادرة لأنه أصبح جزء من مشكلة.

تلك نماذج تسير بهدوء شديد دون إراقة دماء، فيما العالم العربي يغرق في بحر الدم ولم يستطيع خلع رئيس من الحكم بل أن الدولة بمجملها ومواردها يتم التضحية بها قرباناً لبقاء الرئيس، كما حدث في بعض الدول العربية التي أنهت حياة سياسية لرؤساء بوسيلة واحدة وهي القتل والإعدام، ولم تشهد كما أفريقيا “النامية” مصطلح رئيس سابق تخلى طوعاً عن السلطة وبقي على قيد الحياة.

هل فشل العرب في ممارسة الحكم؟ النتيجة تقول: نعم كبيرة، جسدها تاريخ أكثر من نصف قرن من حكم العرب لنفسه فتحولت الأوطان إلى ما يشبه الملكيات الخاصة لنخبة وصلت إلى الحكم بعضها بإرث الثورة وبعضها بالقوة المسلحة والانقلابات الدامية التي كانت جزء من التقاليد السياسية للمنطقة العربية وصلت إلى الحكم في منطقة مفروشة بالاستبداد الذي توارثته الأجيال فأصبح ممارسة طبيعية وأصبحت جزء من مفاتيح الوعي العربي الذي تحول الى ممارسة لدى الشعوب التي تسلم بما هو قائم من دكتاتوريات عربية بل وتدافع عنه باستماتة.

إن المقارنة بين واقع ممارسة العرب للحكم بينهم وبين غيرهم تظهرهم بلا منافس في أسفل القائمة فلم يبق هذا المستوى من الأداء ومن الصراعات والتعبير عنها بهذا الشكل الأكثر تخلفاً إلا لدى العرب، ولم تعد المقارنة بين العرب وأوروبا أو الولايات المتحدة أو اليابان أو ماليزيا أو اندونيسيا، بل أصبحت مؤلمة عندما تتم المقارنة مع القارة السمراء التي بدأت تعبر النهر فيما نحن بقينا في حالة خشبية تجاوزها الزمن وأصبحت مدعاة للسخرية في كل أنظمتها السياسية سواء الملكية أو الجمهورية التي تختلف فقط بالاسم عن الملكية ولكنها بذات المضمون القبلي.

عصر ما قبل المدينة وما قبل تشكيل المدن هو النموذج السائد وتكفي جولة على خارطة الوطن العربي من أقصى شرقه إلى غربه، والتدقيق في تلك النماذج والنظم سواء على مستوى الزعيم الذي لا يختفي أو يغادر ولا يصبح سابق وبرلمانات صورية تضع نفسها فقط لخدمة الزعامة وحكومات هي مجرد أدوات لها تدرك أي نماذج قديمة لدينا.

وعندما نقرأ النتائج نعرف تماماً انعكاسات تلك البنى القديمة على الأوطان على كل المستويات، كيف لكل هذه الدول وكل هذه الثروات وكل هذه الجغرافيا وهذا التاريخ أن يتحطم إكراماً لمن أورثها كل هذا التخلف قياساً بأثيوبيا وجنوب أفريقيا ؟ لماذا نجح كل من هم غير العرب وبقى العرب متسمرين؟ لقد مر قطار التاريخ أمامهم التحقت به كل الشعوب والقوميات وبقي العرب عند محطة الماضي الموروث التي صدئت ،تلك وحدها تلخص أو تختصر واقع ومستقبل الحكم العربي ان لم يتعلم من الأفارقة.

Atallah.akram@hotmail.com

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]